خبر البهارات كنوز ملونة من الفوائد الصحية

الساعة 08:57 ص|11 يناير 2010

فلسطين اليوم : وكالات

المطّلعون على خصائص المنتجات الطبيعية يعرفون جيداً، أن البهارات ليست مجرد مساحيق ذات ألوان زاهية نضيفها إلى أطباقنا لإكسابها نكهات متميزة، فهي تفيد صحتنا، وتقوي مناعتنا، وتقينا الأمراض.

عالَم البهارات واسع ومتنوع، ينكبُّ العلماء منذ زمن بعيد على كشف أسراره. فللبهارات خصائص علاجية متعددة. والمعروف أن القدامى كانوا يستخدمون البهارات لعلاج الرشح والاضطرابات الهضمية والعديد من المشكلات الصحية الأخرى. واللافت للانتباه أن البهارات كانت تُستخدم أٍساساً لتغطية نكهة اللحوم الفاسدة. وقد تبيَّن لاحقاً أنها قد تساعد على حفظ الأطعمة، وذلك بفضل ما تحتوي عليه من زيوت معقّمة.

أما علماء اليوم، فقد اكتشفوا أن البهارات يمكن أن تساعد على علاج أمراض خطيرة مثل السرطان ومرض القلب. كذلك فإنها تلعب دوراً مهماً في الوقاية من السمنة، فهي تُكسب الأطعمة نكهة لذيذة من دون أن تضيف إليها أية وحدات حرارية. أما أبرز البهارات المفيدة للصحة فهي:

1- الكركم: هذا البهار الأصفر الذي يُضاف إلى العديد من الأطباق الهندية، يحتوي على مادة فاعلة، هي الكركمين التي تتمتع بمزايا مضادة للأكسدة والالتهابات والجراثيم. كما أها تخفف من التهابات المفاصل ومن الاضطرابات الهضمية، ومن حدة أعراض الحساسية، إضافة إلى أنها تقي الشيخوخة المبكرة للخلايا. وكانت الأبحاث قد أظهرت أن نسبة الإصابة بمرض الزهايمر تسجل أدنى مستوياتها العالمية في صفوف المتقدمين في السن من سكان القرى الهندية. ويعتقد العلماء أن للكركم دوراً مهمّاً في ذلك، فالهنود يتناولونه مع كل طبق تقريباً. وكان العلماء الأميركيون قد أجروا تجارب مخبرية على فئران عرضة لتراكم بلاك "بيتا/ اميلويد" في أدمغتها (الخلل المرتبط بمرض "الزهايمر" لدى البشر)، فأضافوا الكركم إلى نظامها الغذائي. وتبيَّن لهم أن تناول جرعة صغيرة من الكركمين يحول دون تراكم البلاك المذكور، كما أنه يخفف من الالتهابات (أحد تأثيرات مرض الزهايمر في الأنسجة العصبية). وتبيَّن أيضاً أن الفئران التي تناولت الكركم، حققت نتائج في اختبارات الذاكرة أفضل من تلك، التي حققتها الفئران التي لم تتناوله. وينصح الاختصاصيون بإضافة ما بين ربع ونصف ملعقة صغيرة من الكركم إلى أطباق الأرز أو الفاصولياء، وبحفظ هذا البهار في وعاء محكم الإغلاق، بعيداً عن الهواء والضوء، فهو سريع التأثر بهما.

من جهة ثانية يجري بعض العلماء، مثل البروفيسور الكندي ريتشارد بيلفو، مدير مركز أبحاث مكافحة السرطان في مونتريال، دراسات عدة للتأكد من الدور الذي يلعبه الكركم في كبح الخلايا السرطانية.

2- القرفة: هي اللحاء الداخلي لشجرة استوائية دائمة الخضرة، تستخدم لأهداف علاجية منذ آلاف السنين. فقد كان الصينيون القدامَى يعالجون بها الإسهال واضطرابات الكليتين. وكذلك فعل اليونانيون والهنود الذين عالجوا بها المشكلات الهضمية. وتتمتع القرفة بمفعول منشط، فتساعد على مكافحة الخمول والتعب. وهي تحتوي على زيت "السينامالديهايد"، الذي يلعب دور مسكن للألم، كما أنه قد يساعد على التخفيف من ارتفاع ضغط الدم. وهي غنية جداً بـ"البوليفينول"، وهو واحد من أكثر مضادات الأكسدة فاعلية. أما أبرز فوائد القرنة فتتمثل في قدرتها على المساعدة على ضبط مستويات سكر الدم، وتعزيز قدرة الجسم على استخدام الأنسولين. وكانت إحدى الدراسات الأميركية، التي شملت 60 بالغاً مصاباً بالسكري من الفئة الثانية، قد أظهرت أن إضافة ما بين غرام و6 غرامات من مسحوق القرفة يومياً إلى النظام الغذائي المعتاد، مدة 40 يوماً، يؤدي إلى خفض مستويات سكر الدم لديهم، بما يتراوح بين 18 و29%، ومستويات الكوليسترول ما بين 7 و27%.

ويقول البروفيسور ريتشارد أندرسون، الذي أشرف على هذه الدراسة، إن القرفة تحتوي على مواد تساعد الأنسولين على إيصال سكر الدم إلى الخلايا التي تحتاج إليه. ويمكن لإضافة نصف ملعقة صغيرة من القرفة إلى الوجبات اليومية، أن تساعد المصابين بالسكري على تفادي المضاعفات المرتبطة بتعسُّر أيض الغلوكوز، بما في ذلك الإرهاق، وسوء البصر، وزيادة إمكانية الإصابة بالفشل الكلوي. ويضيف أندرسون أن تناول القرفة يومياً قد يساعد أيضاً على الوقاية من سكري الفئة الثانية، لدى الأشخاص المعرّضين للإصابة به. أما موضعياً، فالقرفة ترفع حرارة الجسم، وتعزز التفاعلات بين الخلايا، وتقوي الدورة الدموية في الأوعية الدموية الدقيقة تحت الجلد، كما تساعد على مكافحة السيلوليت. ويعمد الكثير من الشركات إلى إدخال خلاصة القرفة في المستحضرات الخاصة بمكافحة التراكمات الدهنية تحت الجلد.

3- الفلفل الحار: يوجد في العالم 1200 نوع من الفلفل الحار، الذي يُلهب الفم بفعل مادة الكابسايسن. والفلفل الحار ينشّط الدورة الدموية، ويكافح ظاهرة تشكل التجلطات الدموية، ويزيل الاحتقان في الجيوب الأنفية وفي الجهاز التنفسي، ويُسهم في طرد البلغم، ويساعد على الوقاية من التهاب الشُّعب الهوائية، وانتفاخ الرئة. كذلك يساعد الفلفل الحار على التخفيف من حدة عوارض الربو، وعلى تسهيل عملية التنفس لدى المصابين بالربو، وذلك لأنه يفتح مجاري الجهاز التنفسي. ويقول الدكتور إيروين زيمنت، الاختصاصي الأميركي في أمراض الرئتين، إنّ الفلفل الحار يسهم في تحريك الإفرازات المخاطية، وتخفيف كثافتها، ما يحول دون انسداد المجاري الهوائية الصغيرة فيها. والمعروف أن هذه الانسدادات تزيد من صعوبة التنفس لدى المصابين بالربو. ويعتقد زيمنت أن سبب هذه الظاهرة يعود إلى أن الفلفل يستثير النهايات العصبية في الجهاز الهضمي، فتأمر بإفراز مزيد من السوائل في الفم والحنجرة والرئتين. وتساعد هذه الإفرازات المائية على التخفيف من كثافة المادة المخاطية، ما يسهّل التخلص منها والحيلولة دون سدها مجاري الهواء، ما يسمح بالتنفس الطبيعي. فضلاً عن ذلك فإن الكابسايسن يتمتع بمزايا مضادة للالتهابات عندما يؤكل. أما استنشاقه فيساعد على توسيع الشعب الهوائية الرئوية لدى المصابين بحالات معتدلة من الربو. و"الكابسايسن" هو مضاد قوي للألم، يخفف آلام الرأس عند استنشاقه، وآلام المفاصل عندما يؤخذ على شكل حقنة. وهو غني بالأسبرين الطبيعي، ويتميز بقدرات مضادة للأكسدة والجراثيم. من جهة ثانية، فإن إضافة الفلفل الحار إلى الطعام تسهم في زيادة سرعة الأيض، وحرق المزيد من الوحدات الحرارية. وقد يساعد الفلفل الحار على تخفيف الوزن، وذلك لأن تناوله يحث الجسم على إفراز "الأدرينالين" و"النورادرينالين" اللذين يساعدان على أيض الدهون والسكريات المخزونة في الجسم. وهو غني بالفيتامين (C) المنشّط، الذي يساعد على مكافحة العدوى.

وكانت دراسة حديثة قد أظهرت أن الفلفل الحار يحتوي على مواد كيميائية نباتية قد تلعب دوراً في مكافحة السرطان. كما أظهرت دراسات أخرى أن "الكابسايسن" يمكن أن يحث الدماغ على إفراز "الاندورفينز" التي تبعث في النفس شعوراً بالارتياح والحُبُور. ويقول الدكتور بول روزين، أستاذ علم النفس في جامعة بنسلفانيا الأميركية، إننا عندما نتناول الفلفل الحار، فإن الكابسايسن "يحرق" النهايات العصبية في اللسان والفم، ما يجعلها تطلق رسائل ألم زائفة إلى الدماغ. واستجابة لذلك، وفي محاولة لحماية الجسم من أية إصابات وأضرار ممكنة، يقوم الدماغ بإفراز مضادات الألم الطبيعية أو "الأندورفينز" التي تبعَث فينا الشعور بالارتياح.

4- الزنجبيل: واحد من أقدم البهارات المستخدمة في العالم. كان ولايزال موجوداً بكثرة في الوصفات الطبية الهندية والصينية الطبيعية. منشط قوي للجسم والذهن. يسهل عملية الهضم ويكافح الغازات، كما يكافح الفيروسات ويقضي على فيروس "الإنفلونزا"، ويقاوم الغثيان والدوار الناتج عن ركوب وسائل النقل المختلفة. وخلافاً للعقاقير المستخدمة في حالات الغثيان، فإن تناوله لا يؤدي إلى أية آثار جانبية سلبية، وذلك لأنه لا يؤثر في الجهاز العصبي. ويُعتبر الزنجبيل واحداً من أفضل العلاجات الطبيعية لآلام الرأس النصفية.

ويقول الدكتور س. سريفاستافا من جامعة أودينز الدنماركية، إن الزنجبيل مثله مثل الأسبرين وبعض العقاقير المتطورة المضادة لآلام الرأس النصفية، يؤثر المواد الشبيهة بالهرمونات في الجسم التي تُدعى "البروستاغلاندينز"، ما يؤدي إلى التخفيف من حدة الالتهابات والألم. وكان الدكتور سريفاستافا قد أجرى تجارب على أشخاص يعانون آلاماً رأسية نصفية، حيث تبيَّن له أنّ تناول مقدار ثلث ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل مُذاب في القليل من الماء، عند الإحساس بأولى علامات تدل على قرب الإصابة بنوبات الألم، كفيل بتفاديها. وتبين له أيضاً أنه من المفيد أن يواظب هؤلاء الأشخاص على تناول الكمية نفسها من الزنجبيل، أربع مرات في اليوم، خلال الأيام الثلاثة أو الأربعة التالية. من جهة ثانية يساعد الزنجبيل على علاج حالات التهابات المفاصل، وقد كان يُستخدم في الهند، ولا يزال، لعلاج أمراض الهيكل العظمي والمفاصل. وكانت الدراسات قد أظهرت أن تناول كميات صغيرة يومية من الزنجبيل (5 غرامات من الزنجبيل الطازج أو غرام واحد من مسحوق الزنجبيل المجفف، ثلاث مرات يومياً)، تساعد على تخفيف الألم لدى المصابين بالتهاب المفاصل. والأفضل أن يُضاف الزنجبيل إلى الطعام. أما في حالة تناوله من دون طعام، فيفضَّل إذابته في الماء كي لا يتسبب في حرقة في الفم. ويقول الاختصاصيون إنه ليس لهذه الجرعات الصغيرة من الزنجبيل أية آثار جانبية سلبية.

أما موضعياً، فيتم استخدام الزنجبيل في بعض المنتجات الطبيعية، المخصصة للعناية بالبشرة، فهو يسهم في تنشيط عملية تجدد الخلايا وتقوية وشد الجلد.