الكسل.. عادة تؤدي إلى الوفاة

الساعة 10:37 م|16 مارس 2018

فلسطين اليوم

صاب الكثير من الأشخاص بمشكلة الخمول والكسل، لدرجة أنها أصبحت ظاهرة منتشرة تؤرق بعض المجتمعات في الآونة الأخيرة، والخمول إحساس بالضعف والوهن يؤدي إلى تكاسل الشخص عن القيام بكثير من واجباته اليومية.

 ويمكن أن يظل نائما فترات طويلة أو مسترخيا دون حركة، وهذه الظاهرة غير قاصرة على فئات عمرية بعينها، ولكن يعاني منها الشباب والصغار والكبار والرجال والسيدات، ويمكن أن تكون بسبب العادات الخاطئة التي يسلكها الكثير، مثل السهر لفترات طويلة من الليل والنوم ساعات ممتدة من النهار، وعدم الانتظام في مواعيد تناول الوجبات الغذائية.

 وتتكرر فترات الخمول التي تمر على الأشخاص سواء في اليوم، أو في الأسبوع أو الشهر أو العام، وزادت الشكوى في الفترة الأخيرة من ظهور الكثير من الأعراض، ومنها كثرة النوم والخمول والكسل والصداع، وهو ما يعوق تقدم الشخص في حياته، ويعطل مسيرة النجاح والتقدم والإنتاج والعمل.

 ويمكن لهذه المشكلة أن تظهر بعد أداء مجهود كبير، وأيضا ربما يكون هناك سوء تغذية ونقص لبعض الفيتامينات الضرورية. ويعد الكسل في بعض الأحيان استغاثة من الجسم للحصول على الراحة. كما يمكن أن يسبب الخمول والكسل بعض الأعراض الأخرى، ومنها فقدان الشهية وعسر الهضم والإمساك والصداع والأرق، وفي هذا الموضوع سوف نوضح أسباب الإصابة بالكسل، وكذلك طرق التخلص من هذه الحالة وعلاجها.

فقر الدم والفيتامينات يمكن تصنيف الكسل والخمول إلى نوعين، الأول خمول بدني وهو الإحساس بعدم المقدرة على مواصلة العمل وبذل النشاط الطبيعي المعتاد، والنوع الثاني الخمول الذهني الذي يشعر الشخص فيه بتوقف الدماغ عن التفكير والإبداع والتحفيز.

ويوجد الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالخمول والكسل، ومنها القيام بمجهود ضخم لفترة طويلة، ويحاول الجسم تعويض الراحة التي فقدها لفترة، وأيضا السهر الطويل وانقلاب عمل الساعة البيولوجية للجسم، والتي تسبب اضطراب النوم والإصابة بالأرق وتبديل مواعيد الأكل. كل هذه الأضرار تسبب فقدان النظام الطبيعي للجسم وجعله في خمول باستمرار، والإصابة بفقر الدم من مسببات الخمول والكسل، وتناول الوجبات السريعة والجاهزة غير المفيدة يؤدي إلى التعب، لأن الجسم لم يحصل على الطاقة التي يحتاجها.

كما يحدث سوء تغذية ونقصان حاد للفيتامينات الضرورية، فيضعف الجسم ويفقد القدرة على القيام بالمهام المطلوبة، كما أن الحمل والولادة يسببان هذه المشكلة، لأن الجسم في حاجة إلى الراحة بعد الرحلة الشاقة التي قضاها في الحمل والولادة.

 ويسبب الوقوف بطريقة غير صحيحة الإصابة بالتعب والخمول، نتيجة استنفاد كمية كبيرة من الطاقة، وفي حالة التعرض المستمر للبيئة والهواء الملوث، ويحدث الكسل بعد الإفراط في ممارسة الرياضة نتيجة تعب العضلات ونفاد الطاقة. الاكتئاب والسكري يعتبر الاكتئاب أيضا من المسببات الرئيسية لحدوث الكسل والخمول، لأن المصاب يعزف عن الطعام والنشاط والحركة وينتابه حالة من التفكير والسرحان الطويل، والصداع المتكرر والمستمر يسبب حالة الخمول والكسل، وارتفاع ضغط الدم وانخفاضه يؤديان إلى هذه الحالة، وأمراض الحصبة والفشل الكلوي الحاد والمزمن والتهاب الكبد واليرقان، والحساسية والتهاب الشعب الهوائية والتهاب المعدة والأمعاء وسوء عملية الامتصاص في الأمعاء واضطراب حركة الأمعاء، والضعف الذي يصيب الشهية في كثير من الأحيان.

وبعض الأمراض تؤدي إلى التعب السريع والخمول، ومنها الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأيضا أمراض البرد والإنفلونزا والتهاب الرئة، وفي حالات الجفاف وانخفاض سوائل الجسم، فيضطر الجسم إلى عدم الحركة لتقليل الفاقد من المياه. والإصابة بعلل في الغدة الدرقية يؤدي إلى خلل في عمل الأيض، وبالتالي إلى خلل في الطاقة التي تنتجها

الخلايا وحدوث كسل وخمول، وعدم النوم الكافي والجلوس فترات ممتدة أمام وسائل التواصل والفضائيات، كلها عادات تسبب استنفاد الطاقة من الجسم والإصابة بالخمول، وقلة التعرض لضوء وأشعة الشمس يقود للخمول والتعب، ونقص فيتامين «ب1» والزنك والكالسيوم، وفي حالات التوتر والضغوط المستمرة والانفعالات يحدث التعب والخمول.

 الرياضة والغذاء يمكن أداء بعض التمارين الرياضية للتخلص من حالة الكسل، وحدد المتخصصون بعض هذه التمارين التي تعمل على تدفق الدم والأكسجين إلى الدماغ.

فمن الملاحظ من خلال الدراسات أن غالبية الأشخاص الذين يمارسون الرياضة لم يصابوا بعلامات الخرف، وتمتعوا بصحة جيدة للقلب، واتباع نمط حياتي صحي من شأنه أن يقضي على حالة الكسل، ويعزز من أداء الجسم والدماغ ويؤجل الشيخوخة.

كما وجد الباحثون علاقة وثيقة بين الكسل والإصابة بأمراض السكري والسمنة والضغط والسكتة الدماغية، وعند معرفة سبب الخمول يسهل العلاج، فمثلا علاج الاكتئاب للتخلص من الكسل، كما يجب النوم 8 ساعات متواصلة، والتخلص من عادة السهر المهلكة للصحة، وغسل الوجه فور القيام من النوم بالماء البارد، لإبعاد شبح الخمول والحصول على الانتعاش.

ويجب تعديل النظام الغذائي ليشمل الخضار والفاكهة الطازجة، والابتعاد عن الوجبات السريعة والجاهزة، والمحافظة على تناول الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات اللازمة للتخلص من الكسل. وتجب مساعدة النفس على التخلص من هذه الحالة السيئة من الكسل، من خلال تحسين المزاج العام والشعور المستمر بالتفاؤل، وتعديل بعض العادات السيئة سواء كانت بسبب الجلوس طوال اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في العمل المتواصل دون راحة.

 ولا بد من ترتيب المكان والمكتب والتنظيف المستمر، فهذه الحالة تبعث على النشاط والحيوية، فتراكم الأشياء بشكل غير منظم ولا مرتب يعمل على الإحباط والخمول، ويمكن تخصيص يوم في الأسبوع أو الشهر لترتيب الأوضاع في الحجرة الخاصة بك بالمنزل، أو المكتب والأدوات والأوراق التي تعمل بها. التفاؤل والأصدقاء بداية اليوم لها دور كبير في مكافحة حالة الكسل، فيجب التفاؤل في أول اليوم ويمكن أخذ حمام دافئ يساعد على انتعاش الجسم، ووضع بعض الروائح العطرة وارتداء الملابس النظيفة والمكوية، والتفكير في الأشياء التي تسعد النفس وعدم تذكر الأشياء المحبطة في بداية اليوم. يمكن أداء بعض التمارين الخفيفة في الصباح لتنشيط الدورة الدموية، استمع للأصوات الطبيعية والمناظر الخلابة، ويمكن سماع بعض الموسيقى الهادئة التي تضفي حيوية وإيجابية على النفس والجسم، وتجلب النشاط والتحمس وتزيد من الانتباه، وترك الأصدقاء الكسالى ومصاحبة أشخاص جدد متحمسين ومنتجين، ولهم صفات النشاط والحركة والحيوية. فسوف ينعكس ذلك على الشخص الكسول بالإيجابية، لأن البيئة المحيطة ضرورية لرسم مسار الحياة من حركة ونشاط، أو الوقوع في الكسل والخمول والتعب. والنوم يجلب مزيدا من النوم ومزيدا من الكسل، ويمكن عمل تغييرات في المكان باستمرار لكسر حالة الرتابة والملل التي تجلب الخمول، وأيضا اختيار مكان السكن والعيش له دور كبير في التخلص من حالة الخمول، فالأماكن المعرضة للتهوية الجيدة والضوء والشمس، تصبح أماكن أكثر حيوية ونشاطا، أما الأماكن المظلمة والخلفية فلها تأثير سلبي على الجسم، وتصيب بالخمول المستمر والكسل والإحباط. وتوافر مساحات جيدة من الرؤية وجديدة في نفس الوقت يعمل على التخلص من الخمول والرتابة والملل والكسل، ويفضل أن يكون الشخص محدد الهدف سواء في حياته العامة، أو في خلال اليوم الذي يعيشه أو المرحلة الجزئية من حياته، من أجل السعي إلى تحقيق هذا الهدف وبذل الكثير من النشاط. أما الحياة بلا هدف وبعشوائية وعدم وضع خطة تحرك في اليوم، فمن الطبيعي أن يصاب فيها الشخص بالكسل والخمول، وينام فترات أطول من الطبيعي خلال اليوم، ويجب التوقف عن تعقيد الحياة والسعي إلى تسهيل كل الأمور، وتحدي أولويات الوقت خلال اليوم ومعرفة قيمته، وعدم ترك اليوم يمر دون فائدة وعدم تضييع الوقت في أشياء لا طائل منها.

 أكثر خطراً من تأثير التدخين كشفت دراسة حديثة أن الكسل والخمول أكثر خطراً من تأثير التدخين، وتمت الدراسة على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 33 عاماً، حيث توصلت الدراسة إلى أن الكسل يتسبب في موت أعداد أكثر من التدخين.

وأوضحت الدراسة التي أجريت على عدد كبير من السكان في هونج كونج أن الأشخاص الذين ماتوا فوق عمر 33 عاماً بسبب الكسل والخمول في إحدى السنوات وصل عددهم إلى 6600 شخص، والذين توفوا نتيجة التدخين في نفس العام كان عددهم حوالي 5850 شخصاً، وهذه الدراسة كانت بمثابة الشرارة التي فتحت الباب أمام الكثير من الدراسات الأخرى التي خاضت في مشكلة الخمول والكسل، لدرجة أن حوالي 27% من إجمالي الوفيات التي حدثت لأشخاص أكبر من 33 كانت ناجمة عن الكسل، وعدم القيام بأي نوع من الأنشطة البدنية خلال آخر 10 سنوات قبل الوفاة. كما بينت دراسة أخرى أن الكسل وانخفاض ممارسة الرياضة، تسببا في تقلص حجم الدماغ ليصبح أصغر من العمر بعامين، وهذا التقلص يؤدي إلى الإصابة بالشيخوخة المبكرة، كما أن الإقلاع عن الكسل يعزز من مرونة الدماغ، وأيضاً يعمل على الوقاية من تدهور قدرته أثناء التقدم في السن.

 

 

كلمات دلالية