خبر بدء معركة الخلافة -هآرتس

الساعة 09:27 ص|24 يناير 2011

بدء معركة الخلافة -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: عباس يسير كل الوقت على الحبل الدقيق بين الرغبة في كسب عطف الرأي العام الاسرائيلي والعالمي، وبين الحاجة لحماية ظهره من سكاكين الخصوم الداخليين. الشائعات عن نيته الاعتزال في السنة القريبة القادمة أعطت الاشارة لصراع الخلافة - المصدر).

في الوقت الذي ستُستقبل فيه في اسرائيل وفي الأسرة الدولية الوثائق كدليل قاطع على المواقف المعتدلة للقيادة الفلسطينية برئاسة عباس، فانه في قيادة حماس، وكذا في اوساط خصومهم في قيادة فتح، سيكون هذا دليلا آخر على ما يُسمونه "الانهزامية العقيمة" للسلطة الفلسطينية. يسير عباس كل الوقت على الحبل الدقيق بين الرغبة في كسب عطف الرأي العام الاسرائيلي والعالمي، وبين الحاجة لحماية ظهره من سكاكين الخصوم الداخليين. الشائعات عن نيته الاعتزال في السنة القريبة القادمة أعطت الاشارة لصراع الخلافة. منذ وقت غير بعيد أعلن عباس الحرب على محمد دحلان بدعوى انه مل الانتظار بهذا القدر بحيث انه خطط لانقلاب أبيض. دحلان ليس الوحيد بين متفرغي فتح ممن سجل واحتفظ بالبث الخاص لـ "الجزيرة". على أي حال ليست هذه صدفة ان تحظى الشبكة العربية الشعبية بالغنيمة الصحفية السمينة.

        المحاضر التي انكشفت أمس في قناة "الجزيرة"، أهم من الوثائق التي انكشفت مؤخرا في موقع "ويكيليكس" للتسريبات. توثيق المحادثات التي جرت في العام 2008 بين رؤساء الفريق الفلسطيني المفاوض ووزيرة الخارجية في حينه، تسيبي لفني، وبينهم وبين الموظفين الامريكيين، ليست فقط فصلا في التاريخ. اقتراحات الحل الوسط التي عرضها الفلسطينيون للحدود الدائمة في الضفة وفي شرقي القدس، سارية المفعول في هذه الايام ايضا. الخريطة الفلسطينية التي عُرضت على اهود اولمرت وممثلي ادارة بوش وضعت قبل بضعة اشهر أمام مبعوث الرئيس اوباما، السناتور جورج ميتشيل، وبعد ذلك رُفعت الى المحامي مولكو، ممثل رئيس الوزراء. مولكو رفض استلام الوثيقة.

        الوثائق المسربة تسحب البساط من تحت الادعاء بأنه "لا شريك"، الذي طرحه زعيم "الاستقلال" اهود باراك، ورئيسه، بنيامين نتنياهو. وهي تُذكر بأنه من اجل دولة مستقلة يبدي الفلسطينيون استعدادهم لقطع شوط طويل: التنازل عن كتلة الأحياء اليهودية في القدس ومحيطها، غوش عصيون والمستوطنات الملاصقة للخط الاخضر. وكل هذا مقابل اراض من الجانب الغربي لهذا الخط، بما في ذلك ارض في منطقة الجلبوع وسفوح جبل الخليل.

        حسب خريطة انكشفت للعيان للحظة واحدة قبل اسبوعين، فان الخلافات الاقليمية كانت ولا تزال اريئيل، غوش الكنا، غوش معليه ادوميم وحي هار حوما في القدس الشرقية (الذي أُقيم بعد اتفاق اوسلو). وثائق "الجزيرة" تؤكد بأن القيادة الفلسطينية كانت مستعدة لأن تتنازل عن سيادة حصرية في البلدة القديمة وتستبدلها بنظام خاص.

        توقيت نشر الوثائق المسربة يثير الاشتباه بأن خطة الدولة الفلسطينية في حدود مؤقتة، لوزير الخارجية افيغدور ليبرمان، جاءت لتكون ضربة وقائية للصيغة الفلسطينية. ولكن التمعن في مضمون الوثائق يفيد بالفارق بين التوقعات الفلسطينية والفتات الذي يرغب ليبرمان في القائه لهم. فبعد قراءة الوثائق، فان دعوة جملة كلمات ليبرمان بأنها "خطة سياسية"، مثلها كمثل دعوة لجنة التحقيق البرلمانية للتحقيق مع منظمات اليسار مبادرة لتشديد الشفافية للجمعيات في اسرائيل.

        إن الخريطة التي "يقترحها" ليبرمان على الفلسطينيين كتسوية انتقالية بعيدة المدى (45 – 50 في المائة من الضفة مع تبادل للاراضي) تشطب دفعة واحدة الخريطة التي اقترحها عليهم اهود باراك والرئيس كلينتون (94 – 96 في المائة) قبل أكثر من عشر سنوات. وهي تتجاهل الخريطة التي عرضها اهود اولمرت على عباس (93.5 في المائة زائد ممر من غزة الى الضفة). أمس نشرت في "نيويورك تايمز" خريطة رسمها ديفيد ماكوفسكي من المعهد الواشنطني للسياسات في الشرق الاوسط، والتي تتضمن اراض في الخط الاخضر ستنقلها اسرائيل الى الفلسطينيين مقابل الكتل الاستيطانية. غرفة ماكوفسكي مجاورة لمكتب دنيس روس، الذي يعمل كمستشار كبير لادارة اوباما في المسيرة السلمية. وثائق "الجزيرة" و"خطة ليبرمان" ستكون أمام ناظر اعضاء الرباعية حين يبحثون بعد اسبوعين في ميونيخ في السبل لانقاذ المفاوضات من جمودها. ليس صعبا أن نُخمن من منها سيؤثر فيهم أكثر.