خبر ماري تناهض شعارات الثورة الفرنسية ..مصطفى إبراهيم

الساعة 08:19 ص|22 يناير 2011

ماري تناهض شعارات الثورة الفرنسية ..مصطفى إبراهيم

تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري سواء تلك التي عرضت خلالها دعم خبرتها الأمنية الى نظام الرئيس المخلوع بن علي، والتي وصفتها الصحافة الفرنسية أنها تصل حد العار، أو فيما يتعلق بوصفها استمرار احتجاز الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليت بأنه "جريمة حرب"، تؤكد أسطورية المبادئ التي رفعتها الثورة الفرنسية من الحق والحرية والإخاء والمساواة والعدالة، وهي تؤكد استمرار فرنسا في سياستها المزدوجة واستمرار الظلم الواقع على الفلسطينيين.

 

وزيرة الخارجية الفرنسية أكدت على انحياز فرنسا الى جانب دولة الاحتلال، بوصفها استمرار أسر شاليت بأنه جريمة حرب، وعدم إشارتها الى الأسرى الفلسطينيين، وعقدها لقاء مع أسرته لأنه يحمل الجنسية الفرنسية، وقالت لوالدي شاليط أنها جاءت لتقول لهما ان فرنسا تقف بجانبكم في المطالبة بإطلاق سراح ابنكم.

 

في حين لم تقم بعقد لقاء مماثل مع أسرة الأسير الفلسطيني صلاح حموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، وأنها زارت بلدة سديروت الإسرائيلية للاطلاع على أوضاعها، ولم تزر المناطق المدمرة بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

 

وزيرة الخارجية الفرنسية في اجتماع مغلق مع عدد محدود جداُ من ممثلي المجتمع المدني في القطاع، قالت ان الإذاعة العبرية حرفت تصريحاتها، لكنها لم تنفها في المؤتمر الصحافي الذي عقدته في مقر المركز الثقافي الفرنسي في مدينة غزة، ووجهت انتقادات الى ذوي الأسرى الذين رشقوها بالأحذية والبيض، وقالت أنها تدرك أنهم مدفوعون، كما تجاهلت الحديث عن معاناة سبعة ألاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، ورفضت السماح للصحافيين الغزيين بحضور المؤتمر إلا في وقت متأخر ولم تسمح لهم بطرح أي أسئلة.

 

الوزيرة أرادت لجم حرية ذوي الأسرى والظلم الواقع عليهم وأبنائهم، عندما عبروا عن احتاجاهم على تصريحاتها التي تؤكد مرة أخرى على ازدواجية المعايير التي تمارسها فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في التعامل مع القضية الفلسطينية، فليست المرة الأولى التي يزور فيها مسؤولون أوروبيون رفيعون الأراضي الفلسطينية، ويحرصون دوماً على عقد لقاءات مع عائلة شاليت، ويطالبون المقاومة الفلسطينية بإطلاق سراحه، ويتجاهلون معاناة أباء وأمهات وزوجات وأبناء أكثر من سبعة ألاف أسير فلسطيني، من بينهم أكثر من 300 أسير امضوا أكثر من 20 عاما.

 

هؤلاء المعتقلين ليسو مجرمين، بل هم مناضلون من أجل حرية وطنهم ومقاومتهم المشروعة للاحتلال، وأن استمرار اعتقالهم هو "جريمة حرب"، وما زالت دولة الاحتلال تقوم باعتقالهم في ظروف منافية للمعايير القانونية والإنسانية والأخلاقية، ويعيش المعتقلون الفلسطينيون في ظروف قاسية جدا وتمارس سلطات الاحتلال إجراءات قمعية ضدهم.

 

ما يثير غضب الفلسطينيين هو التغيير الملحوظ في السياسة الفرنسية، ومقارنتهم بين المواقف الفرنسية الحالية من قضيتهم، وبين المواقف التي كانت معلنة في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، والحفاوة البالغة التي لقيها شيراك في غزة لدى زيارته إليها قبل أكثر من عشر سنوات.

 

كل ما تقدم يثير غضب الناس في غزة من الوزيرة الفرنسية، بالإضافة الى أنها وحكومتها كانت شريكة في قمع الشعب التونسي وصمتها عن صديقها المخلوع في قمعه وقتله للتونسيين، ولم تكتف بتلك الشراكة والصمت على الجرائم التي ارتكبها الرئيس المخلوع، بل عرضت مساعدة إضافية في تقديم خبرتها الأمنية في قمع الشعوب وظلمهم، ما يؤكد مرة أخرى على أسطورية المبادئ التي رفعتها الثورة الفرنسية.

 

وما يثير غضب الناس هو هذا الانحياز لاسرائيل الذي لم يكن ممكنا بمجرد طرح مسالة الأسرى الفلسطينيين بالشعور والتفهم لآلام وحزن بعض الأمهات اللواتي كن بين المتظاهرين كما قالت، بل اتهام ذوي الأسرى بأنهم مدفوعون بمن لديهم خطط!

 

ولا يمكن الاستخفاف بقضايا الفلسطينيين، بالحديث المجرد بان فرنسا لن تتخلى عن غزة واستمرارها بالعمل من اجل السلام والتنمية في فلسطين، في وقت ما زال الاحتلال جاثم، ويقضم الأرض ويتنكر لحقوق الفلسطينيين.

 

والمحزن ان يتم الحديث بايجابية عن إجراءات تخفيف الحصار، وما زال ألاف الفلسطينيين في قطاع غزة محرمون من المسكن والعيش الكريم جراء الحصار الخانق والظالم، وعدم السماح باستيراد مواد البناء والمواد الأولية، ومنع حرية الحركة والتنقل للناس بحرية.

 

محزن ان نظل نصطدم يوميا بنفاق المجتمع الدولي ومعاييره المزدوجة، ومؤلم الاستخفاف بمعاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين، من وزيرة خارجية فرنسا ميشال أليو ماري التي تناهض شعارات الثورة الفرنسية، بتصريحاتها المنحازة.

 

[email protected]