خبر والدة الأسير خالد الجعيدي:« عشت في السجن أكثر مما عشت في حضني »

الساعة 03:24 م|20 يناير 2011

والدة الأسير خالد الجعيدي:" عشت في السجن أكثر مما عشت في حضني"

فلسطين اليوم – ((تقرير دعاء أبو جزر))

تمضي سنين العمر مسرعة وقد حملت ين طياتها شوقا لأحبة ٍقد غيبتهُم قيود السجن وأغلاله وأصبح اللقاء بهم شيئا صعب المنال .

فكم من والدة أسير قد عانقها حلم عودة وليدها إليها فتحتضنه كما كانت تفعل وهو صغير تهدهد علي صدره وتسدل لمسة ً حانية ً على وجهه فيلمس َ دفئا ساحرا  ً بحنان يديها .

بادرت إلى نفسي الأشياء واختلجت بصدري بعض التساؤلات علي من هم بانتظار الغائب الحاضر ليعود إليهم يوما , يطرق الباب فيدخل ويبحث عنها يفتح باب حجرتها فيراها جالسة ًعلى سجادتها رافعة ًيديها إلى عنان ِ السماء وقد غمرتها دموع الرجاء بأن يعود إليها حبيبها فينسيها وجع السنين بداك اللقاء. 

وأثناء ذلك يطلق كلمة ً لطالما حن فؤادها لأن يسمعها منه " أمي ها أنا عدت إليك "" أمي رضائك والجنة " .   

هكذا يحلمون وهكذا تحلم الحاجة أم خالد الجعيدي فإيمانها بالله عز وجل كبير بأن يعيد إليها ولدها البكر خالد والذي غيبته سجون الاحتلال منذ ما يقارب الربع قرن عن ناظريها لتعيش أيامها وسنينها تنتظر عودته .

التقيت بها فرأيت في تجاعيد وجهها وجع السنين وشوقا إليه وحنين .. سألتها عن خالد وحين نطقتُ باسمه ابتسمت فهذا هو من أحب الأسماء علي قلبها.

تنهدت بعمق فقالت رزقني الله بخالد في عام"" 1965"" فكان الابن البكر لي,, وكان ريحانة الدار فملأ علينا السعادة والفرح رأيت فيه هدوء الطباع ولم أكن أعلم أن خلف هدوءه ثورة سيشعلها بثورة السكاكين .

وأكملت قائلة : درس خالد في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدارس رفح وكان منذ صغره يساعد والده في الدكان حتى التحق بالجامعة الإسلامية ودرس شريعة وقانون فسجن وهو لم ينهي المرحلة الثانية منها .                                                    

وعن تفاصيل اعتقاله تقول :-

انظم خالد للعمل الجهادي فكان من أوائل المؤسسين والمنظمين لحركة الجهاد الإسلامي حيث تأثر بفكر خاله عبد الرحمن ولكن جميعنا لم نكن نعلم بطريقه حتى يوم اعتقاله وتستذكر قائلة:

"كنت آتي كالعادة كل ليلة لأغطي الأولاد وبعد أن أغلق الباب كان خالد يفتح الشباك ويذهب  إلى رفاقه ولم أكتشف هذا إلا بعد وقت وقالت كان  فرح أخيه في أحد الأيام  ولكن لم يأتي واستغرب  الجميع وحينها تحدث قريب لنا يعمل في السلطة عن عملية طعن وبعد لحظات جاء خالد وجلس بجوار عبد الحميد فاخبره عن عملية الطعن  وقال أن ابن فتح هو من طعن وبقي الخبر علي هذا الحال حتى اعتقل خالد بعد عملية طعن قام بها وحينها علموا أنه هو نفسه من كان يطعن".

وتقول عن هذا اليوم والذي لم تفارقها ملامحه " طوقت المخابرات دارنا وسألوا عن خالد ولكن لم أتوقع أبدا أن خالد عليه شيء  كنت أظن أنهم جاءوا فقط لأخي عبد الرحمن كالعادة  ولكن بعد أن اعتقلوا خالد علمت أنه كان يسير مع خاله فاعتقلوني لمدة خمسة عشر يوما وحققوا معي  وبعد أن خرجت من السجن كان أقربائي ورفاق خالد  يأتوني  فيهدؤوا مني وكل واحد يضع مدة من نفسه حتى يهيئوني ونهاية المطاف رد أحدهم فقال:" يمكن يقضي تأبيدة وأم خالد  مثل الجمل مابيهمها"   كانت الكلمة كالعلقم حين نطقوها ولم أتأكد من حكمه إلا بعد أن حوكم  فعليا خمسة مؤبدات وبعدها مباشرة قاموا بهدم منزلنا فعانيت كثيرا بعد اعتقاله حتى أصابني الوجع  والمرض وبالرغم من هذا كله إلا أنني فخورة بما  كان يفعله ابني فهذا هو واجبنا وشعبنا هو شعب التضحيات وخالد لم يكن إلا واحدا من آلاف الذين ضحوا للأجل فلسطين .                                                                                                                                                                                 

حلم وأمل :-

وعلي مقربة منها كانت تنظر إلي صورة ولدها والتي ملئت زاوية من بيتها فقالت مخاطبة إياه " عشت في السجن أكثر مما عشت  في حضني يا ولدي وفيه قاسيت وعانيت ما بين غرف العزل والزنازين والتحقيقات المصاحبة لأقسى أنواع التعذيب فأنا ما زال صورتك في مخيلتي حين رأيتك في المحكمة كانت معالم لا تدلل علي  أنك أنت ولكن في المقابل لم أنسي شموخك في تلك اللحظة و هذا ما أسعدني كثيرا.

أتمني أن تعود إلي يوما كي أزوجك وأفرح بزوجك وبصغارك يلعبون حولي ويحومون في الدار وأكملت : زوجت جميع أبنائي وبناتي   ولكن لم   يبقي غير  خالد  فخبئت لهذا اليوم ثوبين كي أرتديهم في حفل زواجه وأملي  بالله كبير بأن تكتحل عيناي برؤيته . 

وهكذا انتهت مذكراتها ولم تنتهي ذكرياتها لأنها ستبقى عالقة معها إلى أن يفرج الله كربة خالد والأسري أجمعين .