خبر الاعتراف بأن اسرائيل دولة مطارِدَة.. هآرتس

الساعة 09:17 ص|19 يناير 2011

بقلم: ايتمار مان

يُعد لشهادة الدكتوراة في القانون في جامعة ييل،

وهو مدير سياسة جمعية "نحن لاجئون"

(المضمون: اسرائيل تطارد السكان الفلسطينيين في المناطق وداخلها منذ سنين فيجب على دول العالم ولا سيما اوروبا منحهم اللجوء السياسي والحماية الكاملة على نحو رسمي - المصدر).

ينشأ في دولة اسرائيل الآن نظام حكم يطارد أجزاءً كبيرة من السكان الذين يرعاهم. إن التوجه الأخير لناشطين سياسيين من سلوان الى الاتحاد الاوروبي – طالبين الحصول على لجوء سياسي هناك – هو في واقع الامر طلب اعتراف رمزي بهذه الحقيقة. أصبحوا في دول ما في اوروبا يعترفون على نحو غير رسمي باللاجئين الذين تُحدثهم دولة اسرائيل. وحانت الآن مرحلة يجب فيها على الاتحاد الاوروبي ان يقف من وراء هذا الاعتراف من جهة سياسية ويُعبر عنه تعبيرا معلنا.

السبب الرئيس الذي يحظى الفلسطينيون من اجله في السنين الاخيرة بحماية في دول ما في اوروبا يسمى في القانون الدولي "عنفا غير مميز". وتُبذل الحماية لهذا السبب لمن لجأوا من مناطق نشبت فيها حرب واصبحت اعادتهم الى وطنهم خطرا. وهي تُمنح لجماعات على نحو مؤقت "الى ان يمر الغضب". تمنح دولة اسرائيل اليوم هذه الحماية الجماعية للاجئين السودانيين والاريتيريين (برغم انها تنقض على نحو منهجي حقوقهم في الحرية من الاعتقال والعمل).

هكذا منحت ايرلندا في تموز 2009، ثلاثة فلسطينيين من سكان غزة اللجوء وهم – سوسن محمد وابناها علي في الخامسة وعمر في الثالثة. وعلل وزير العدل الايرلندي ديرموت أهرون قراره بزعم ان سوسن اذا عادت الى غزة فستتعرض لخطرين الاول، انه بكونها أما بلا والد تربي ابنيها وحدها فانها قد تقع ضحية لعنف اصوليين مسلمين؛ والثاني ان اسرائيل استعملت في عملية "الرصاص المصبوب" عنفا لا يفرق بين المدنيين والمقاتلين، وثم امكانية حقيقية ان يتجدد هذا العنف ويمس بالمرأة وابنيها.

تمتنع اليونان ايضا لاسباب مشابهة عن طرد اللاجئين الفلسطينيين الكثير الذين جاءوا الى ارضها منذ وقعت عملية "الرصاص المصبوب". لكن اليونان على نحو يشبه معاملة اسرائيل للاجئين السودانيين والاريتيريين، لا تمنح اللاجئين الفلسطينيين "حماية جماعية" كاملة. انهم محميون من الاعتقال لكن لا يجوز لهم العمل في اليونان. أُبلغ في المدة الاخيرة في وسائل الاعلام اليونانية ان اللاجئين الفلسطينيين انشأوا في اليونان بسبب وضعهم الصعب خيمة احتجاج مقابل مبنى مفوضية الامم المتحدة في أثينا وبدأوا اضرابا عن الطعام. وبدل ان تعترف اليونان رسميا بالأخطار التي يتعرض لها سكان غزة ارسلت قوات شرطة استعملت عنفا ضد المتظاهرين بحسب التقرير.

لا يلائم توجه سكان سلوان الى الاتحاد الاوروبي هذا المعيار لـ "العنف غير المميز"، الذي اصبح الفلسطينيون في اطاره يحظون في السنين الاخيرة بحماية في دول ما في اوروبا. وذلك لان سكان سلوان يطلبون حماية شخصية ولا تُمنح هذه في القانون الدولي لضحايا حرب بل لمن تتم مطاردتهم بسبب هويتهم السياسية. تكمن جذور هذه الحماية في القانون الدولي للقرن التاسع عشر، حينما كانت تُرى تعبيرا عن التنديد وسلب الشرعية من قبل الدولة المانحة للجوء نحو الدولة التي جاء منها طالب اللجوء بسبب معاملتها لمواطنيها.

في فترة الحرب الباردة استعملت الولايات المتحدة هذه الحماية السياسية استعمالا واسعا في الحرب الدعائية التي قامت بها على الاتحاد السوفييتي، وما تزال هذه الحماية حتى اليوم تعبيرا عن العيب على الدولة المطارِدَة. بخلاف ما يحدث في وضع حرب حيث تنطبق الحماية من "العنف غير المميز" – تعني الحماية الشخصية من النوع الثاني تنديدا معلنا وشديدا نسبيا بالدولة التي جاء منها طالبو اللجوء وتصويرها بأنها دولة تطارد سكانها.

الحقيقة ان دولة اسرائيل منذ زمن طويل تطارد نشطاء سياسيين غير عنيفين – في المناطق وداخلها، مع اعتقالهم وسلبهم حرياتهم. وتبرز هذه الاعتقالات في النضال غير العنيف في مجابهة جدار الفصل وفي أحياء شرقي القدس – في سلوان وفي الشيخ جراح. تسوغ هذه الاعتقالات من جهة قانونية منح لجوء سياسي شخصي. ان المطاردة تستمر ايضا بأعمال ليس فيها سلب حريات حقيقي، من العنف اليومي من قبل الشرطة والمستوطنين الذي يتعرض له فئات من السكان "غير مرغوب فيها"، وانتهاء الى لجنة التحقيق الجديدة للكنيست مع منظمات حقوق الانسان. من جهة سياسية توجب السياسة المشتركة لهذه الخطوات كلها تنديدا ومعابة من قبل دول العالم – بصورة اعتراف شخصي باللاجئين الذين تنشئهم اسرائيل.

اصبح اليوم أوضح من كل مرة سلفت ان الانتقال من حماية غير رسمية وجزئية للاجئي النظام الاسرائيلي الى حماية كاملة معلنة للاجئين السياسيين – سيعبر عن التزام ديمقراطي للمساواة المدنية.