خبر اليسار يكتفي بشعور العدل- هآرتس

الساعة 09:06 ص|11 يناير 2011

اليسار يكتفي بشعور العدل- هآرتس

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: تخلى اليسار الصهيوني عن الطموح الى اسقاط نظام الحكم ووراثته فهو يكتفي بالاحتجاج والمسيرات والعرائض الاحتجاجية وما أشبه - المصدر).

        بعد أن قتل يغئال عمير رابين بيومين خطب في آذان مراسلين في المحكمة قائلا: "ليس هو رئيس حكومتي، ما دام ينتخبه العرب، بصراحة العرب، 20 في المائة. هل استعرض أحد هذا، أقال أحد ما ان 50 في المائة عرب؟ هل العرب هم الذين يحددون لي المستقبل في هذه الدولة؟" ("هآرتس"، 7/11/1995). الى هنا مضمون الخطبة العفوية في اللحظات التي فرض فيها الجميع ان "قتل الوالد" سيضمن سلطة اليسار سنين طويلة.

        اجل، لم يكن فوز ائتلاف 1992 برئاسة رابين ممكنا دون اصوات العرب، الذين صوت جمهورهم للعمل ولميرتس. والى ذلك اعتمدت أكثرية رابين في الكنيست على شاس بقيادة اريه درعي، واحتاج ايضا الى حداش والى اعضاء الكنيست العرب.

        قبل اسبوع من المظاهرة التي قُتل فيها رابين دعا اليه قائد حداش، عضو الكنيست توفيق زياد، كي يطلب اليه تجنيدا حثيثا للمتظاهرين العرب. كانت آخر مظاهرة في حياته مظاهرة يهودية عربية، واشتقت من فهم الاستراتيجية الجديدة التي احتاجها اليسار. إن عملية "أمر المصالحة"، التي بدأت فورا بعد القتل، كانت علامة على خيانة اليسار للمواطنين العرب. فهي لم تدعُ الى مصالحة بين الاسرائيليين والفلسطينيين بل بين اليهود من اليمين واليهود من اليسار. وكانت القطيعة النهائية في تشرين الاول 2000.

        لم يعد اليسار الصهيوني الى الحكم وهو على شفا انحلال. ورث اهود باراك رابين، وورثت "شينوي" وبعد ذلك "كديما" ميرتس، أما في الشارع اليساري فبقي بضع مئات من المتطرفين، أقلهم شجاع جدا، لكن هذه الأقلية لا تريد ان تكون قوة سياسية كبيرة، عنوانها مواطنو اسرائيل اليهود والعرب.

        في حين تهدم الجرافات كل احتمال للحل، فان القاسم المشترك بين بقايا اليسار المتطرف – ويصعب ان نصدق انه لا يوجد لهم منظمة سقف واحدة – هو "سياسة حقوق الانسان" لمنظمات غير حكومية، أصبحت في شوارع الغرب عاملا مُشلا، منفقاً عليه جيدا، وبديلا عن تغيير نظام الحكم.

        لا يتم تغيير النظام بغير تجنيد من يعتمد عليهم. ان دولة ترتفع فيها أسعار الحياة وفيها سعر الماء فوق قدرة انسان عامل على الدفع عنها، وينتشر فقر مواطنيها، ولا يريد جزء كبير من شبانها الخدمة في الجيش ويمكن أن يتحولوا، باقناع سياسي، من "متهربين من الخدمة" لمعارضين – لا يجب عليها ان تتدهور نحو اليمين وان تشارك في تطويق "الحريديين الذين لا يذهبون للجيش". لا توجد أي منظمة يسارية تحاول ان تربط، لنفترض، بين سكان شفا عمرو وسكان خليج حيفا، ولو حتى في مسألة المصافي والخطر منها على المنطقة كلها (تمت مظاهرة الخضر في مقاومة المصافي في اليوم الاخير من 2010 في مركز الكرمل وكان فيها بضع عشرات من المتظاهرين فقط). يبدو كأن اليسار المتطرف قد تخلى عما بحث عنه الحزب الشيوعي.

        يجدر ان ندرس كيف تم اختيار "الأمل العلماني الابيض" – وهو من أكثر رؤساء البلدية خطرا في الشرق الاوسط، ألا وهو نير بركات. إن أناس يسار بارزين جندوا انفسهم من اجله باسم كراهية الحريديين.

        اذا زدنا على ذلك عدم الاكتراث بنضال العمال، والتخلي مسبقا عن المهاجرين الروس، فسنحصل على صورة الوضع وهي ان الطاقة تنحصر اذا انحصرت في نقطتي احتكاك مع الاحتلال وهما: الجدار والشيخ جراح. وأصبح أصعب وأشد تطلبا بناء مقاومة في أنحاء اسرائيل. أليست توجد نقاط ضعف اخرى للسلطة؟.

        وقع على الدعوة الى مظاهرة "يوم حقوق الانسان" في 10/12، 125 منظمة وجمعية. وجاء الى المظاهرة خمسة آلاف شخص في الاكثر. وما بقي من اليسار الصهيوني سيشارك في كل سلطة وبكل ثمن. من المقنط جدا ان اليسار المتطرف لا يريد ألبتة اسقاط نظام الحكم ووراثته. يكفيه شعور متظاهريه بالعدل وعرائض الاحتجاج والتنديدات وأكل اخوته للنار.