خبر مُراقصة سوريا -هآرتس

الساعة 10:09 ص|06 يناير 2011

مُراقصة سوريا -هآرتس

بقلم: البروفيسور ايلي فوده

يُدرس في قسم دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية

(المضمون: السلام مع سوريا ذو أهمية عظيمة لاسرائيل وسيُغير ميزان القوى الاقليمي. لكن أين الزعيم الاسرائيلي الجريء القادر على اتخاذ قرار السلام مع سوريا - المصدر).

 كما هي الحال في التنقيب عن النفط والغاز، كذلك تتبين من التنقيب في الصراع الاسرائيلي – العربي احيانا دلائل تثير الأمل. لكن هذه الدلائل كفّت منذ زمن عن إثارة اهتمام الجمهور، وبقدر كبير من الحق. لان الصراع الاسرائيلي – العربي مصحوب منذ سنين بطقس أو رقصة اسمها "هل المسار الفلسطيني في طريق مسدود؟ يالله الى سوريا!".

        توجد امثلة كثيرة منذ التسعينيات على التنقل بين المسارين، لان فرض عمل الساسة هو ان التفاوض السياسي لا يستطيع التقدم فيهما في الوقت نفسه. فضل اسحق رابين مثلا حصر العناية في المسار السوري، لكنه تركه من اجل المسار الفلسطيني الذي انتهى الى اتفاق اوسلو. وكذلك قرر اهود باراك، الذي فضل المسار السوري في البدء، بعد فشله أن يمضي في المسار الفلسطيني وفشل هناك ايضا.

        والآن بلغت المحادثات مع الفلسطينيين طريقا مسدودا مرة اخرى. فلا عجب اذا أن ينجم الخيار السوري. إن تآلف عدد من الاشارات – زيارة دنيس روس لدمشق، وتعيين سفير امريكي جديد في دمشق، وأنباء منشورة في الصحف العربية والاسرائيلية عن اتصالات سرية – يثير امكانية ان الدخان يدل على النار حتى لو كانت صغيرة في هذه المرحلة.

        اذا تجاوزنا الطريق المسدود في المسار الفلسطيني، فما الذي تغير في المسار السوري حقا؟ الكثير ولا شيء. فلم يتغير تصور بشار الاسد العام. فمنذ ان تولى السلطة وموقفه ثابت: الاستعداد للتفاوض والتوقيع على اتفاق يفضي الى انسحاب اسرائيلي كامل حتى ضفاف طبرية، بلا تطبيع للعلاقات (على شاكلة السلام مع مصر). ويمكن الحديث عن كل ما سوى ذلك – تجريد المنطقة من السلاح ومحطات إنذار ومتنزه صناعي في الجولان وغير ذلك – في اثناء التفاوض.

        إن ما تغير هو المحيط: فتركيا لم تعد حليفة اسرائيل ولهذا لا تستطيع ان تكون وسيطا؛ وايران زادت تأثيرها في سوريا (بسلسلة اتفاقات عسكرية واقتصادية) وتدخلها في لبنان. والتطور الأخير خاصة يثير العناية على نحو خاص، لانه ينشيء قاعدة لابعاد سوريا عن ايران بسبب خوف الاولى من أن تصبح تابعة للثانية. يجدر ان نؤكد انه برغم الحلف بين الاثنتين، فان مكان سوريا الطبيعي في النظام الاقليمي هو مع مصر والسعودية، ولا مانع من عودتها الى هذا المكان مع تقديم حوافز ملائمة.

        وماذا تفعل اسرائيل؟ القليل جدا. فهي لم ترد بجدية مناسبة على مقترحات الاسد. وتوجد تعِّلات كثيرة: الحلف مع ايران، وتأييد حزب الله، وموقف الاسد غير المهادن بطبيعة الامر. لكن المسار السوري أنضج للحل من المسار الفلسطيني. فقد حُل أكثر القضايا في جولات محادثات سابقة، ولم تعد أي واحدة من القضايا المختلف فيها (وفيها مسألة بحيرة طبرية) ذات أهمية كمشكلة القدس أو اللاجئين. والمزايا في اتفاق سلام مع سوريا كثيرة ومعروفة؛ فلا عجب ان كثيرين في جهاز الأمن يؤيدون الاتفاق. لكن هذا الاجراء يحتاج الى بت من القيادة. ولم يتجرأ أحد من رؤساء الحكومة في اسرائيل على بت قرار كهذا.

        اعتمادا على الماضي، من المعقول ان نفترض ان دلائل التنقيب الحالية في المسار السوري سيظهر انها عقيم، لان تكوين الحكومة الحالي لا يشير الى طاقة على استغلال الفرصة. لكن قرارا شجاعا واحدا يستطيع أن يُغير ميزان القوى في النظام الاقليمي لمصلحة اسرائيل، وأن يضرب قوى الاسلام المتطرف برئاسة ايران ضربة ساحقة. فأين الزعيم الاسرائيلي الذي يكون مستعدا لنزع القفاز؟.