خبر إرفع عينيك يا بيبي- هآرتس

الساعة 10:07 ص|06 يناير 2011

إرفع عينيك يا بيبي- هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: دولة اسرائيل مصابة بأمراض وأدواء شديدة لكن رئيس الحكومة الاسرائيلي عاجز هو وادارته عن علاج هذه الامراض - المصدر).

إرفع عينيك يا بيبي. غرفة عمل رئيس الحكومة غرفة لطيفة لكنها مغلقة. ولذلك يجب ان يقوم عن الطاولة وأن يخطو بضع خطوات وان يخرج الى غرفة السكرتارية. وان يجتاز غرفة السكرتارية ويدخل مكتب رئيس الديوان، وان يخرج من مكتب رئيس الديوان ويتجول بين غرف الديوان ثم ينظر. ان يرى من أي المواد البشرية مصنوع ديوان رئيس الحكومة. وان يرى كيف يُدار ديوان رئيس الحكومة. وان يسأل ماذا كان بنيامين زئيف هرتسل يقول عن ديوان كهذا. وان يسأل ماذا كان ونستون تشرتشل يقول عن ديوان كهذا. هل ديوان رئيس الحكومة الحالي هو مقر العمل الوطني الأفضل الذي تستطيع دولة اسرائيل إبرازه؟.

        إرفع عينيك يا بيبي. وعندما تدخل يوم الاحد القريب غرفة جلسات حكومة اسرائيل، أنظر حولك. أنظر يمينا وانظر شمالا الى وزير بعد وزير. هل يوجد خمسة وزراء ممتازون حول مائدة الحكومة؟ هل يوجد عشرة وزراء أهلٌ حول مائدة الحكومة؟ هل وزير الخارجية هو وزير الخارجية الصحيح؟ وهل وزير الداخلية هو وزير الداخلية الصحيح؟ وماذا كان هرتسل يقول عن هذه الوسطية؟ وماذا كان تشرتشل يقول عن هذه المهانة؟ هل حكومة اسرائيل الحالية قادرة على مجابهة تحديات وجودية؟.

        إرفع عينيك يا بيبي. سِر على طول الرواق، واخرج من الحوض الزجاجي واهبط الدرج. أُدخل سيارة "الآودي" المدرعة واخرج في جولة الى اجهزة الدولة. أنظر الى الجهاز السياسي – الدبلوماسي ينهار. وانظر الى الجهاز الامني – العسكري يصارع. وانظر الى الجهاز التربوي يتعثر. وانظر الى اجهزة الداخلية تفشل. اجل، ما يزال الموساد و"الشباك" ممتازين. وجهاز الصحة مدهش. لكن أكثر اجهزة الحكم متكلسة وفاسدة. لا دستور ولا نظام ولا حاكمية. ولا يوجد للدولة رب بيت. ماذا كان هرتسل يقول عن حياة رسمية هابطة كهذه؟ وكيف كان تشرتشل ينتصر مع حياة رسمية لا تؤدي عملها كهذه؟ وماذا فعل رئيس الحكومة الوالي لاصلاح الدولة من الأساس؟.

        إرفع عينيك يا بيبي. إركب مروحية وطِر في طول البلاد وعرضها. لا لاطفاء حريق هذه المرة. بل كي ترى هذه المرة حريقا. ولأن الدولة كلها تُجتذب اليه، فان المركز يرفع الأبراج الى السماء. أخذت الفقاعة تنتفخ حتى توشك أن تنفجر. لكننا أخذنا نفقد الجليل والنقب وكذلك القدس. وأصبحت يهودا والسامرة ورطة لا يمكن الخلاص منها. والضواحي متروكة، والحواشي جريحة، والاحتلال خانق. الارض تشتعل اشتعالا هادئا. إن قوى طاردة عن المركز قوية تطوق المركز الاسرائيلي. تفقد دولة يهود هرتسل سيطرتها على البلاد. وتفقد دولة نضال تشرتشل روحها. لا يوجد في البلاد زعيم يخط لاسرائيل طريقا ويشير الى مخرج.

        إرفع عينيك يا بيبي. بعد أن تهبط المروحية أخرج وتحدث الى الناس. أُخرج وانظر ماذا يحدث في الحقيقة. متى أجريت آخر مرة حديثا عميقا مع عاموس عوز؟ ومتى سألت آخر مرة ستانلي فيشر عن وضع الأمة؟ ومتى أصغيت الى قائد سرية شاب مسرح من الجيش ويبحث عن طريقه في الغابة الاسرائيلية؟ ربما اذا أصغيت فقط فستدرك مبلغ يأس النخبة المثقفة. ومبلغ خوف نخبة الاعمال. ومبلغ كون أخيار شباننا يفقدون الأمل. لا يرى الاسرائيليون المخلصون لاسرائيل اليوم تشرتشل الذي يُخلص دولة هرتسل. انهم يرون نتنياهو الذي هو ظل ظل نتنياهو. خُردة من نتنياهو. ونسخة شاحبة مما كان يفترض ان يكون نتنياهو.

        إرفع عينيك يا بيبي. أجزت ميزانية اخرى وبقيت سنة اخرى. وقد حافظت في العشرين شهرا الاولى لك في الحكم على هدوء أمني وحافظت على النماء الاقتصادي. لكن الدولة تحت الهدوء مريضة مرضا شديدا. وتحت سطح النماء، تنتقض عُرى المجتمع. فالوضع الدولي والوضع الوطني والوضع الاجتماعي لا تُطاق. اسرائيل تفقد الشرعية السياسية، والوحدة الداخلية ومعنى وجودها. وفي الوقت الذي تغض فيه بصرك يا بيبي، يُحِّد التاريخ نظره اليك.