خبر مؤامرة بروتوكولية حيكت بالقدومي كادت أن تنسف المصالحة الجديدة مع عباس

الساعة 06:53 ص|06 يناير 2011

مؤامرة بروتوكولية حيكت بالقدومي كادت أن تنسف المصالحة الجديدة مع عباس

فلسطين اليوم-وكالات

حرمت مؤامرة بروتوكولية صغيرة القطب الفلسطيني المهم والرجل الثاني في حركة فتح ومنظمة التحرير فاروق القدومي من حضور اللقاء السياسي والرسمي المهم، الذي جمع قبل أربعة أيام،برئيس السلطة محمود عباس بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

وبدا واضحا في سياق التحضيرات لهذه الزيارة ان بعض النخب المحيطة بالرئيس عباس او المعنية بالترتيبات البروتوكولية تحاول الاجتهاد في تقليص أهمية وحضور المصالحة التي حصلت بين القطبين مؤخرا، تفاعلا على الأرجح مع صراع الأجندات التي يمكن ان يتضرر بعضها إذا وصلت العلاقة بين الرجلين الأكثر أهمية في معادلة القرار الفلسطيني، إلى مستويات ما بعد المصالحة، وهي التحالف أو التوافق على برنامج محدد تحت عنوان إنهاض مشروع مؤسسات المنظمة مجددا.

لكن بعض الدوائر المحيطة بمؤسسة الرئاسة في رام الله اجتهدت في الكواليس لكي تبعد القدومي عن لقاء القمة التونسي ـ الفلسطيني، فقد رافق الرئيس باللقاء الدكتور نبيل شعث والدكتور رياض المالكي، وترتبت الأمور عبر السفارة الفلسطينية التي اجتهدت في الماضي في تفعيل الخلافات بين قطبي حركة فتح.

ومن الواضح ان القدومي ووفقا لصحيفة "القدس العربي" أدرك الأمر مبكرا وقرر الحفاظ على المصالحة قدر الإمكان، كمنجز سياسي مرحلي مهم للقضية الفلسطينية كما يصفه، على الرغم من المشاغبات الصغيرة التي تجري في المحيط وتحاول عرقلة النتائج اللاحقة الأهم للمصالحة، وهي نتائج تتمثل بمشروع إحياء مؤسسات منظمة التحرير والعمل على التوافق مع الفصائل، ثم تمهيد الأمر للمصالحة مع حركة حماس، ما دام خصمها الأكبر محمد دحلان يواجه حملة منهجية ورئاسية لإضعافه، وما دام الرئيس عباس قرر قبل لقاء المصالحة في عمان مع القدومي تغيير طواقم التفاوض مع حماس تحت عنوان الحوار الوطني.

وعليه أظهر القدومي اهتماما ملموسا باحترام متطلبات التوافق والمصالحة مع الرئيس عباسن فحرص شخصيا، كما يقول مصدر مطلع ومقرب منهما، على الحضور شخصيا لمطار تونس، رغم ان طائرة عباس تصل في وقت مبكر جدا الساعة السادسة والنصف صباحا.

لاحقا اتبع القدومي تكتيك الصبر والاحتمال والتجاهل فتجاوز قصة الشغب على حضوره لقاء القمة مع الرئيس بن علي، واصطحب رفيق دربه في الدائرة السياسية الجنرال أحمد عفانة وتوجه إلى مقر إقامة عباس لتقديم واجب العزاء بشقيقه الذي رحل في ما كان عباس في تونس.

وبدا واضحا بأن جهة ما في محيط عباس لا تريد التعامل مع المصالحة الشخصية بين الرجلين في إطار سياسي يمكن ان يخدم برنامج الثوابت الذي يتبناه القدومي، وذلك من خلال صيغة الخبر الذي بثته وكالة (وفا) الرسمية في رام الله حول اللقاء الذي جمع الرجلين في تونس على هامش زيارة عباس القصيرة، فقد تعاملت (وفا) مع القدومي بصفته عضوا في اللجنة التنفيذية، وبدون إشارة للدائرة السياسية التي يترأسها حتى الآن، أو لصفته المتعلقه بكونه أكبر وأهم أمناء السر لحركة فتح في العالم. فوق كل ذلك يرى المراقبون للتناغمات التي حصلت مؤخرا بين عباس والقدومي ان المصالحة بينهما أكثر استقرارا من سلسلة المصالحات التي حصلت سابقا، فكلاهما امتدح الآخر بعدة جلسات علنية ومغلقة، ومستوى التوتر والتعميمات المتعاكسة انخفض إلى درجة التلاشي، لكن أبناء حركة فتح الحريصين عليها، يعترفون بأن المصالحة بين القطبين مستقرة وإيجابية الآن، لكنهم لا يحصلون إجابة على السؤال التالي: هذه المصالحة بأي سياق ستمشي لاحقا؟

الكواليس هنا تشير بوضوح الى ان نخبة الصقور المتشددة ضد حركة حماس حول عباس تحاول إعاقة المصالحة بينه وبين القدومي والشغب عليها حتى لا تنعكس إيجابيا على تقديم تنازلات تطلبها حماس في إطار مشروع المصالحة المقبل مع حركة فتح.

وتشير الى ان من تبقى من مراهنين على المفاوضات في الفريق المحيط بعباس يرى هو الآخر بأن التقارب بين عباس والقدومي ينبغي ان لا يسمح له بتعزيز خطاب الثاني في القرار الفلسطيني ولا بإعادة اي جزء من صلاحياته السابقة كرئيس للدائرة السياسية ولا حتى بأن يعود الرقم الصعب في معادلة تمثيل 'ساحة تونس'، بسبب حزمة من المصالح الانتهازية التي تشكلت ونمت على أساس الخلاف بين القطبين طوال السنوات الخمس الماضية. ولذلك يمكن القول ومن باب التحليل السياسي بأن الحملة الرئاسية على دحلان ومجموعته وهدوء القدومي مؤخرا وسحب صلاحياته في الدائرة السياسية وتجميده للتعميمات والبيانات عوامل أعجبت الرئيس عباس.

بالمقابل شكلت عودة النفقات المالية لمكتب القدومي في تونس بصفته ممثلا للجنة التنفيذية ومجاملات عباس الشخصية، عناصر أعجبت القدومي ودفعته للاحتمال ثم التقارب على أساس اهتمامه الأساسي مرحليا بإقناع الرئيس عباس بتفعيل الحوار الوطني مع الفصائل، والعودة لإحياء منظمة التحرير كورقة خيار إستراتيجي في يد الشعب الفلسطيني وحتى مؤسسة الرئاسة.

وفي المحصلة يمكن القول حتى الآن ان المصالحة بين عباس والقدومي 'تصمد' بشكل واضح، لكنها تتعرض لبعض التأثيرات الجانبية من هنا وهناك ولا زالت نهاياتها غامضة.