خبر الفلسطينيون وموعد آخر.. غير مقدس؟! ..عريب الرنتاوي

الساعة 11:37 ص|05 يناير 2011

الفلسطينيون وموعد آخر.. غير مقدس؟! ..عريب الرنتاوي

بدأت القيادة الفلسطينية تتحدث عن شهر أيلول المقبل، بوصفه شهر المواعيد والاستحقاقات الثلاثة: انتهاء عام المفاوضات الذي أقرته واشنطن والرباعية والمجتمع الدولي. انتهاء "عامي" بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال، وفقاً لخطة حكومة تصريف الأعمال.. حلول لحظة إنفاذ "وعد أوباما" برؤية فلسطين، دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

للفلسطينيين مع المواعيد والاستحقاقات، تجربة قاسية ومريرة، منذ أوسلو وحتى يومنا هذا. ومن منّا يعود بالذاكرة إلى الوراء، سيجد صعوبة في إحصاء عدد المواعيد المضروبة و"المضروبة"، من الموعد الأهم في أيار 1999، موعد انتهاء المرحلة الانتقالية وإعلان الدولة، إلى مواعيد "ميتشيل" و"تينيت" و"خريطة الطريق" وقبل كل هذا وبعدها، عشرات المواعيد، لرفع الحصار وإعادة الانتشار ووقف الاستيطان إلى غير ما هنالك.

 

والخلاصة: ليس ثمة ما يدفع على الاعتقاد بأن أيلول القادم، بما سيحمله من مواعيد واستحقاقات، سيكون مختلفاً عمّا سبقه، ودائماً ستكون هناك أسباب.

 

من بين المواعيد الثلاثة المذكورة، ثمة موعدّ واحدّ فقط، سيكون بمقدور الفلسطينيين التقرير بشأنه: الإعلان عن استكمال بناء مؤسسات الدولة، هم يستطيعون أن يفعلوا ذلك في أية لحظة، لديهم وزارات ودوائر، لديهم الموظفين والمتقاعدين، من رجال ونساء، لديهم كل ما يمكن أن تحتاجه "الدولة"، من متطلبات.

 

وبخصوص الاستحقاقين الآخرين، فإن الأمر والقرار بشأنهما ليس في يد السلطة أو المنظمة، "وعد أوباما" بيد أوباما، أو بالأحرى خرج عن "يد أوباما" وبات في يد الكونغرس و"المحافظين" و"اللوبي" وكل المفردات التي يثير ذكرها "المغص في الأحشاء". ومثلما تراجع الرئيس أوباما عن وعود كثيرة في العامين الأولين من عهده، فليس ثمة ما يمنع من تكرار المشهد، وإحداث الاستدارة و"لحس" الوعد والموعد من جديد.

 

أما الدولة - العضو الأخير في الجمعية العامة، فهي محكومة بالمرور أولاً بقناة مجلس الأمن، وهناك سيكون "الفيتو" الأمريكي بالمرصاد، تماماً مثلما كان باستمرار في حالات مشابهة، ووفقاً لخبراء القانون الدولي - ولست من بينهم - فلا توجد هناك "طرق التفافية" حول مجلس الأمن، كما قد يُظن، بما في ذلك طريق "الاتحاد من أجل السلام".

 

عام المفاوضات الممتد من أيلول الفائت حتى أيلول القادم، سينتهي بمفاوضات أو من دونها، لكن أحداً لن يصعد في نهايته إلى المنصة ليعلن انتهاء "عصر التفاوض والمفاوضات"، لن يفعل ذلك أحد، لا من الفلسطينيين ولا من العرب ولا من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية، وستكون هناك عشرات البدائل والمخارج الكفيلة بتمديد أمد التفاوض، ومنح مهل جديدة، وربما سيقال انتظروا إلى ما بعد انتخابات 2012، حيث سيكون الرئيس أوباما متفرغاً لمعالجة الملفات الأصعب، غير آبه بضغوط اللوبي إياه، وغير متحسب لصناديق الاقتراع، وربما تمر هذه الحجة على كثيرين، لنفاجأ على ما يُعتقد، بخسارة الرئيس للانتخابات، أو بقائه في السلطة، وعدم قيامه بما هو منتظر منه أو مُراهن عليه، لندخل وتدخل المنطقة معنا، في جولة جديدة من الانتظارات وحزمة جديدة من المواعيد والاستحقاقات "غير المقدسة".

 

في العام الماضي، كنّا على موعد في أيلول أيضاً، في السادس والعشرين منه تحديداً، موعد انتهاء مهلة العشرة أشهر التي "تكرّم نتنياهو بمنحنا إياها"، مضى الموعد واستؤنف الاستيطان، وها هو نتنياهو يخبرنا بكل صفاقة وازدراء، أنه كان عازماً على تجميد الاستيطان، وقبل "العرض الأمريكي التحفيزي"، ولكن واشنطن هي من تراجع، وهي من أبلغته بأنها لم تعد تطلب تجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات.

 

يبدو أن مسلسل تقطيع الوقت والحقوق والأوصال التي يتعرض له الشعب الفلسطيني، يستلزم دائماً تحديد مواعيد واستحقاقات، لإبقاء الناس والرأي العام في حالة من الانتظار و"التعلّق" بحبال الأوهام والآمال.

 

صحيفة الدستور الأردنية