خبر الأرض تعلن عن غضبها في 2010

الساعة 07:05 ص|29 ديسمبر 2010

الأرض تعلن عن غضبها في 2010

فلسطين اليوم-وكالات

من بركان آيسلندا إلى فيضانات باكستان وانفجار منصة التنقيب

على صعيد المناخ، وقعت العديد من الأحداث الكارثية في عام 2010، البعض منها تسبب فيه الإنسان، والبعض الآخر جاء بمثابة صيحة غضب من الطبيعة الأم ضد الابن العاق.

في 20 أبريل (نيسان) انفجرت منصة التنقيب عن البترول «ديب هوريزون» التي تستأجرها «بريتيش بتروليم» في خليج المكسيك بالولايات المتحدة، مما تسبب في حريق هائل وتسرب قرابة 4.9 مليون برميل نفط في مياه الخليج.

وفي الشهر نفسه اندلعت ثورة بركان في آيسلندا ليغطي في 2010 أوروبا بسحابة من الرماد البركاني ويصيب حركة الطيران بالشلل. وتعود آخر مرة انفجر فيها بركان آيسلندا إلى عام 1821 حين استمرت ثورته عامين. وأشار علماء إلى أن الرماد البركاني تسبب بالفعل في 2010 في انخفاض درجات الحرارة وتساقط أمطار حمضية وأدى لمزيد من التآكل في طبقة الأوزون. لكن آخرين أكدوا أن تأثيره ضئيل بدرجة لا تسمح له بإحداث تغييرات مناخية على المستوى العالمي.

وجاء شهر يوليو (تموز) حاملا معه مفاجآت لباكستان التي تعرضت لموجة فيضانات حصدت أرواح أكثر من 1600 شخص وتشريد 15 مليونا نتيجة أمطار موسمية غزيرة لم تشهد مثلها البلاد منذ أكثر من 80 عاما. وفي المقابل، عانت جارتها الهند من أسوأ موجة جفاف منذ عام 1972. وكان مارس (آذار) 2010 الأكثر ارتفاعا من حيث درجة الحرارة في الهند منذ عام 1900.

أما روسيا فحمل إليها عام 2010 أقسى صيف في تاريخها منذ أن بدأت تسجيل درجات الحرارة واشتعلت الغابات بها على مساحة 120 ألف هكتار. ويعتقد علماء أن حرائق الغابات نتاج طبيعي لارتفاع درجات حرارة الأرض.

وصدر تقرير في يوليو (تموز) 2010 شارك في إعداده 300 عالم من 48 دولة بعنوان «حالة المناخ عام 2009»، أكد ارتفاع درجات حرارة الأرض على مدار الأعوام الـ50 الماضية، وأن العقد الأول من القرن الـ21 كان الأكثر ارتفاعا على الإطلاق بين العقود المسجلة. ويمثل حرق الوقود الحفري وحرائق الغابات المصدر الرئيسي لثاني أكسيد الكربون في الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

واستمرارا لصيحات التحذير التي يطلقها العلماء باستمرار من تصاعد حدة ووتيرة تداعيات التغييرات المناخية، أصدر «المجلس الوطني للأبحاث»، وهو منظمة أميركية غير هادفة للربح، تقريرا ذكر فيه أن كل درجة إضافية في حرارة الأرض، ستزيد أو تنقص الأمطار بنسبة تتراوح بين 5% و10% بمناطق مختلفة من العالم، وستتقلص مساحات زراعة القمح بنفس النسبة، وستزداد مساحات الغابات المحترقة ما بين ضعفين وأربعة أضعاف.

وتعالت تحذيرات من أنه خلال الأعوام الـ20 المقبلة، ستتضاءل المياه العذبة المتوافرة للدول الأربع الواقعة بإقليم الهيمالايا - الهند والصين ونيبال وبنجلاديش - بمعدل يقارب 275 مليار متر مكعب.

ويتوقع علماء تضاؤل مساحات الغطاء الجليدي بالهند ووقوع انحرافات في نمط هبوب الرياح الموسمية مما يؤثر على الزراعة المعتمدة على الأمطار وتناقص مساحات القمح المزروعة بما يتراوح بين 4 و5 ملايين طن وارتفاع مستوى سطح البحر وتفاقم الفيضانات.

الملاحظ أن أبرز التحولات على صعيد الخطاب المناخي كانت تنامي الاعتقاد بأن التغيير الحقيقي على صعيد خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لن يأتي من الاتفاقات العالمية، وإنما من السياسات الوطنية. هذا التحول في التركيز من الصعيد العالمي إلى الوطني يبدو مرتبطا بالمشكلة التي عصفت بقمة كوبنهاغن للمناخ العام الماضي، وهي ضرورة موافقة الدول الأعضاء بالمعاهدة الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ بالإجماع على أي معاهدات ملزمة.

ويعتقد الكثيرون أن السياسات الوطنية والنظام العالمي لمقايضة الانبعاثات الكربونية سيدفعان العالم نحو عالم ذي انبعاثات كربونية أقل بصورة أسرع. وقد أبدت الكثير من الدول النامية بالفعل رغبتها في محاكاة «النمو الأخضر» الذي تسعى البرازيل والصين لتحقيقه.

من بين مؤشرات العمل المستقل إقرار الاتحاد الأوروبي تعهده بتقليص انبعاثاته بنسبة 20% عن المستويات التي كانت في تسعينات القرن الماضي بحلول عام 2020. وإعلان كريس هون، وزير الدولة البريطاني لشؤون الطاقة والتغييـــــــــــــرات المناخية، عن خطة لترشيد استهلاك الطاقة بالمملكة المتحدة على المدى البعيد. وتعهد بالعمل على تشجيع مصادر الطاقة الصديقة للبيئـــــة.

وتعهدت البرازيل بتقليص انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما يتراوح بين 36% و39% عن المستوى المعتاد بحلول عام 2020، وأعلنت أنها على وشك التخلص من أكبر مصادر الانبعاثات على أراضيها، وهو قطع الغابات في الأمازون. وبالفعل تقلصت أعمال قطع الغابات بمعدل ثلاثة أرباع.

وفي كاليفورنيا، سيصبح قانون التحديد والمقايضة ساريا عام 2012 بغض النظر عن توقيع أي معاهدة أممية.

أما الصين فاتخذت بالفعل خطوات نحو زيادة اعتماد اقتصادها على مصادر صديقة للبيئة بغض النظر عما يجري في الأمم المتحدة. ودمجت تعهدها في قمة كوبنهاغن بتقليص انبعاثاتها بنسبة ما بين 40% و45% بحلول عام 2020 في خطتها الخمسية المقبلة.

إلا أن ذلك لا ينفي مجابهة قادة العالم صعوبات كبرى في التحرك نحو تقليص الانبعاثات الضارة لما يحمله ذلك من تكاليف هائلة، في وقت يعاني فيه العالم أزمة اقتصادية.

وتجلى هذا الوضع في الولايات المتحدة، حيث تقوض تعهد واشنطن بتقليص انبعاثاتها بنسبة 17% عن مستويات 2005 بحلول عام 2020 بسبب انتخابات التجديد النصفي في أكتوبر (تشرين الأول). ويطالب الجمهوريون بتجميد أي إنفاقات أخرى بمجال التصدي للتغييرات المناخية.

وفي الهند، يتعرض وزير البيئة جيرام راميش لانتقادات داخلية لبعض قراراته باعتبارها تضر الاقتصاد، مثل تجميده مشروعات اقتصادية كبرى لبنائها على أراضي غابات.

في هذه البيئة الخانقة بدأت محادثات مؤتمر كانكون بالمكسيك في ديسمبر (كانون الثاني) 2010. وانتهت بنتائج متواضعة. ورغم أن نتائج القمة ربما لا تترك سوى تأثير ضئيل وقصير الأجل على ارتفاع درجات حرارة الأرض، فإن البعض رأى أنها يمكن أن تكون أساسا قويا لاتخاذ إجراءات ملموسة في المستقبل. وتعطي حزمة اتفاقات كانكون الدول المشاركة عاما آخر كمهلة لتقرير ما إذا كانت ترغب في تمديد أجل بروتوكول كيوتو الموقع عام 1997.

بوجه عام يعتمد مستقبل الارتفاع في درجة الحرارة الذي يتسبب فيه الإنسان على الانبعاثات الكربونية المتراكمة. ويتطلب تحقيق استقرار بدرجات الحرارة عند مستوى مرتفع عن الحقبة قبل الصناعية بأقل من 2 درجة سيليزية ـ وهو المستوى المتفق عليه عامة باعتباره المدخل لتغييرات مناخية خطيرة.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن البقاء دون مستوى 2 درجة سيليزية يستلزم إبقاء الانبعاثات الكربونية العالمية عام 2020 أقل من 44 مليار طن. لكن التعهدات الراهنة الخاصة بعام 2020 تقل عن ذلك المستوى بما يتراوح بين 5 و9 مليارات طن. وهذا الفارق يطلق عليه «فجوة غيغاتون.» وإذا لم تسد هذه الفجوة، فإن العالم يتحرك نحو ارتفاع في درجة الحرارة بين 3 و4 درجات