خبر اعتذار غير كاف من السيد احمد داوود أوغلو- أيمن خالد

الساعة 12:10 ص|29 ديسمبر 2010

اعتذار غير كاف من السيد احمد داوود أوغلو- أيمن خالد

 

اعتذر السيد احمد داوود اوغلو من ناشطي سفينة مرمرة الاحد ليلا، والقصة بالطبع ان اسطنبول التي استعدت جيدا لكي تستقبل السفينة مرمرة الزرقاء، التي كانت متوقفة بقصد الصيانة في ميناء تشيلاكلا على بعد خمس ساعات بالسفر برا، وعشر في البحر، وكان من المفروض ان تحمل مرمرة الناشطين الذين كانوا على متنها ليجري لهم استقبال حافل في اسطنبول، غير ان ذلك في اخر لحظة لم يتم.

في تركيا توجد اصوات لا تفكر في خدمة تركيا ولا تهمها إستراتيجية تركيا، وفي تركيا ايضا من ينام ويحلم بالعصر الاسرائيلي البائد، الذي انهاه الدم التركي الشريف الذي انساب على مرمرة، وبالطبع هؤلاء يهمهم في نهاية المطاف ان يقولوا ان مرمرة كانت مشكلة لنا، وبالتالي هم يضيقون الخناق على ناشطي مرمرة ويريدون افتعال مشكلة معهم في تركيا، لكي يقولوا ان مرمرة هي مشكلة في الداخل والخارج.

القصة حدثت ونحن في اقصى المسافة وفي ليلة باردة تجمع الجميع امام الميناء بعد ان سافرنا قبل يوم مسافة خمس ساعات بالبر، وبعضنا عشر ساعات وبعضنا جاء من اقصى الشرق واستغرق يوما او يومين، لكن الشيء المؤلم حقا هو ابناء الشهداء وذووهم، فهناك والد فرقان وهو رجل كبير في السن، وهناك في الجانب الثاني ابن الشهيد فخري وهو طفل يمشي بين ازدحام الأرجل يتلمس حنان الناس عليه، لكن هذا الطفل الصغير سيفاجأ بصراخ الشرطي عند البوابة وهكذا كلما اراد هذا الطفل الاقتراب من السفينة مرمرة كان القانون مع رجل القانون يمنع هذا الطفل من الاقتراب من المكان الذي يظن ان روح والده كانت تنتظره فيه.

لا اعرف بالضبط اي قانون هو الذي لا يزال يمشي على قدمين وقد كان هذا الدم الذي يصنع قوانينه الخاصة، فالشعوب عند سيلان الدم وعند الجرح تعلق الدستور وتفكر بمنطق مختلف، وتصنع دنيا مختلفة تماما.

هذه الرسالة التي افتعلها البوليس التركي كانت واضحة لنا ولها تفسير واحد، وهو ان وصول السفينة مع ناشطي مرمرة سيعني تكريما لهؤلاء الناشطين الذين كانوا عليها يوم الاعتداء عليهم في عرض البحر، البحر الذي هو مياه دولية ولكنه في عرف اسرائيل هو لها، لان اسرائيل تؤمن بانها شعب الله المختار، وبالتالي عندما يكون هناك شعب مختار فكل ارض الله تصبح وفق هذه النظرية ملكا له.

لقد اراد اعداء مرمرة ان تصل السفينة وحدها وارادوا ان يكون التكريم للباخرة فحسب، ولو استطاعوا لمنعوا ذلك، وبالطبع هذا التكريم لم يكن كافيا لقد وقف ناشطو مرمرة الى جانب الاف الناس وكانوا ينظرون اليها بحسرة ومع انهم لم يناموا الليل السابق لكنهم انتظروا مرمرة في ميناء اسطنبول واعينهم تفيض من الدمع، فالذي لا يعرف مرمرة ولا يعرف سر تلك الرحلة ربما لا يعرف كم تعنيه بالنسبة للمشاركين فيها، فقد قيل قبل انطلاقها في الصحافة التركية ان هذه السفينة ستكون سفينة نوح بالنسبة لتركيا، وهي فعلا كانت كذلك لانها حملت فوقها مع الناشطين رسالة تركيا الى الكون، نعم هذه السفينة حملت الرسالة لكن البعض في تركيا يريد لهذه الرسالة ان تسقط من على ظهر مرمرة.

السيد احمد داوود اوغلو لا يكفي اعتذارك ونؤكد لك ان قدومك ومشاركتك في استقبال حملة الراية الانسانية كان هو الافضل، فهناك يا سيدي من يريد لهذه السفينة ان تكون من الماضي، لكن ناشطي هذه السفينة هم المستقبل، فهم يا سيدي من دول كثيرة وكلهم سفراء بلادهم بشكل او بآخر، فهذه فعلا مركب نوح وندعوكم للركوب فيها انتم وزعماؤنا العرب، وما نعنيه بالركوب فيها هو ان تكون رسالة هذه السفينة نقطة فخر لكم وليست محلا للتفاوض على الدماء.

سيدي وزير الخارجية:

انا اعرف ماذا يريد شعب تركيا، لقد رأيت ذلك باعين ابناء شهداء مرمرة، التي قطعت الحبل بينكم وبين اسرائيل، لكنها أوصلت الحبل بينكم وبين شعب العرب الذي انقطع منذ 100عام.