خبر قصة الشاب الذي أبكى العالم

الساعة 07:54 ص|28 ديسمبر 2010

قصة الشاب الذي أبكى العالم

فلسطين اليوم-وكالات

وقف الشرطي محمد أبو اللبن (26 عاماً) من غزة في الطابور يستمع الى المدرب يلقي عليهم تعليمات عن كيفية التعامل مع تلامذة المدارس والمارة في الطرق.

 

لا يكاد محمد يتذكر كثيراً من النصائح التي ألقاها مدرب الخيّالة، فعيناه كانتا شاردتين الى السماء وأذناه تنصتان أكثر لـ «طنين» طائرات الاستطلاع الاسرائيلية التي يطلق الفلسطينيون عليها اسم «الزنانة» وهي تجوب سماء مدينة غزة، خصوصاً منطقة «الجوازات» قبل ظهيرة السابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 2008؟

 

قال عدد من رفاقه في شرطة الخيالة للمدرب: هناك زنانات في السماء، فرد: «الله يستر». وجاء مدرب آخر في «الدورة الرياضية التنشيطية» التي يشارك فيها 20 من الخيالة و30 من حرس قائد الشرطة اللواء توفيق جبر، وقال: «لدينا تطمينات عبر مصر».

لكن "إسرائيل" غدرت بمصر والغزيين معاً.

قال محمد لـ «الحياة» عبر الهاتف من ألمانيا: «كان المدرب يواصل حديثه عندما سمعت أصوات انفجارات ورأيت دخاناً وغباراً كثيفاً في الساحة التي كنا نقف فيها ... وفجأة وجدت نفسي ملقى على الأرض، نظرت حولي، فوجدت كل الشباب ملقى على الأرض ايضاً، ناديت على بعضهم فأنا أعرفهم كلهم، فلم يرد أحد، قبل أن أكتشف أن جثثهم مقطعة». واضاف متنهداً: «الله لا يعيد هديك الأيام»، وزاد: «حاولت أن انهض أو ان اتحرك فلم أستطع، كانت ساقي اليسرى خلفي، اعتقدت أنها بُترت وأنني سأموت، فأخذت أتلو الشهادتين».

 

وكانت الصور التلفزيونية الأولى التي ظهرت على شاشات التلفزة ويظهر فيها محمد وهو ينطق الشهادتين، من أكثر الصور اتي أبكت الملايين عبر العالم بعد لحظات على بدء "إسرائيل" حرباً مدمرة على قطاع غزة. لم يفق محمد من إغماءته سوى في المستشفى. حينها فقط علم أنه ورفيق آخر له نجيا من الموت الذي حصد أرواح 48 آخرين كانوا يقفون الى جانبه في الطابور.

 

واستشهد في الضربة الجوية الأولى التي شاركت فيها 60 طائرة صهيونية، نحو 300 شرطي ورجل أمن. اما محمد، فأصيب بشظايا الصواريخ في ساقيه وظهره وأجزاء اخرى من جسده وفقد ركلته اليسرى والأعصاب في كاحل قدمه اليمنى التي فقد منها ثلاثة أصابع.

 

وسافر محمد بعد اسبوع من بدء الحرب الى الأردن لتلقي العلاج، ومكث هناك ثلاثة أشهر أجريت له بعض العمليات الجراحية تم خالها استئصال الطحال. ثم سافر محمد الى ألمانيا منذ شهرين لتلقي العلاج، لكن ثمنه الباهض وعدم وجود تغطية مالية حالا دون أن يتلقى أي علاج، باستثناء إجراء بعض الفحوص وصور أشعة.

 

ولا يرغب محمد في تذكر اللحظات الأولى للحرب، ولا اللقطات التلفزيونية التي يظهر فيها وهو يتلو الشهادتين، لكنه يتذكر بكل سعادة المساعدة التي قدمها له الصحافي الفلسطيني المقيم في ألمانيا سعيد دودين في الإقامة والتوجه الى عدد من الأطباء الألمان بحثاً عن وسيلة للتغطية المالية لتركيب مفصل صناعي تشتهر ألمانيا في تركيبها.