خبر ثقوب أكثر من كونها قبّة.. يديعوت

الساعة 09:35 ص|24 ديسمبر 2010

ثقوب أكثر من كونها قبّة.. يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: حماس في استعداد لمواجهة مع اسرائيل ويرى الكاتب ان اسرائيل يجب ان تعمل على احراز هدنة خطية مع حماس بوساطة وسيط كمصر. القبة الحديدية المزعومة لا يمكن ان تحمي سكان غلاف غزة من سقوط القذائف من غزة بسبب كلفتها العالية - المصدر).

1- يوجد اليوم في جيش غزة نحو من 16 ألف "جندي"، منظمين في أطر شبه عسكرية من ألوية وكتائب ووحدات مختصة. وهم يستخلصون الدروس منذ سنتين ويتدربون في غوش قطيف، ويحفرون الأنفاق نحو اسرائيل ومصر ويبنون قيادات ومخازن ومعابر تحت الارض في طول القطاع وعرضه.

يُرسَل الجنود الممتازون لتدريبات متقدمة في سوريا ودورات قيادة رفيعة جدا في ايران. كذلك تدربت الخلية التي رصدت قبل اسبوعين كمينا لدبابة المركباة وأصابتها بصاروخ "كورينت" متطور، في الخارج. تسلحت وحدات اطلاق حماس في المدة الاخيرة ايضا بصواريخ "فجر 5"، ذات مدى 80 – 90 كم يبدو انها تصنع في سوريا. وكان طموح المنظمة ان تبلغ في 2011 مدى أكبر.

ان جنود حماس في خلال ذلك خائبو الأمل. فهم يتدربون ويتدربون ويُرسلون في اعمال مثل جمع القمامة ووضع انابيب مجارٍ ولا حرب للعدو الصهيوني.

        لا يأتي النقد وخيبة الأمل من صفوف المقاتلين فقط. فعلى مدى السنة كلها نشبت خلافات بين غزة وطهران بسبب ميزانية نشاط المنظمة العسكري. فقد أغلق الايرانيون الصنابير وعادت العلاقات في المدة الاخيرة فقط الى ما كانت عليه، وحول احمدي نجاد 70 مليون دولار. لكن هنية ورفاقه أدركوا انهم لا يستطيعون الاستمرار في السلوك وكأنه لا حرب مع اسرائيل (بالمناسبة، يعاني حزب الله المشكلة نفسها بالضبط: فالجنود هناك يضغطون لفعل شيء ما. وقد ضاقوا ذرعا بالهدوء الذي استمر أكثر من اربع سنين).

        تدخل هذه القِدر الغزية الفوارة أيدٍ اجنبية وتُحرك – كل واحدة في اتجاهها: ثمة الروس والايرانيون والاتراك والسوريون والاسرائيليون والاوروبيون. وفوق الجميع على كرسي القائد جلست هيلاري كلينتون. فقد حولت الولايات المتحدة مئات ملايين الدولارات الى وكالة الغوث كي تنشيء مائة مدرسة في القطاع. كذلك ضغطت واشنطن على اسرائيل لفتح المعابر لتصدير السلع، وفي غضون بضعة اشهر ستبدأ في الخروج منتوجات خشبية ومنتوجات نسيج من غزة الى الضفة.

        2- حصلنا هذا الاسبوع على تذكير بأن الحلبة مستعدة لتجديد المواجهة العسكرية، وعلّة السخونة هي في ظاهر الامر الصراع على "المعيار الأمني" – نفس الشريط الامني الملاصق للجدار الامني من جهته الغربية. فاسرائيل تطلب ألا يجري فيه أي حركة فلسطينية، والجيش الاسرائيلي يعمل هناك على نحو دائم للبحث عن أنفاق والعثور على شحنات ناسفة ونصب كمائن.

        قبل عدة اشهر اتخذت قيادة حماس قرار منع دخول الجيش الاسرائيلي في القطاع، لكن المنظمة امتنعت عن العمل هناك. ومكّنت المنظمات الصغيرة من أن تُجري من آن لآخر اطلاق النار على اسرائيل أو على القوات التي تدخل القطاع. وفي مقابلة ذلك، بدأت مظاهرات "مزارعين" على طول الجدار، احتجاجا على القيود التي تفرضها اسرائيل عليهم. فشلت المظاهرات. فقد أطلق الجيش الاسرائيلي النار، وجرح المدنيون ولم ترد حماس على ذلك ايضا بخلاف الماضي. من آن لآخر في الاشهر الاخيرة نفذ رجالها محاولات اطلاق مختلفة لكن لم يكن في ذلك ما يجعل اسرائيل ترد ردا كبيرا.

        في تشرين الثاني بدأ تغيير يلوح. ففجأة بدأ رجال حماس يطلقون قذائف الرجم ويتقنصون، ويوزعون الكمائن. وردت اسرائيل بهجمات جوية أقوى ثم جاء اطلاق صاروخ "كورينت".

        لم يرد الجيش الاسرائيلي. ربما كان سبب ذلك عاصفة الشتاء وربما استقر الرأي على تهدئة الامور. لكن حماس لم تفهم الرمز. وعلى العموم فان لها عادة معيبة هي أن تُسخن الحدود في الشتاء لان الضباب والبرد يُصعِّبان تحديد الأهداف من الجو.

        سخنت الجبهة في الاسبوع الاخير مرة اخرى وزاد الاندفاع في الجيش الاسرائيلي: فقد قُتل أكثر من عشرة فلسطينيين وأُجريت عمليا اغتيال وهو ما لم يحدث منذ زمن بعيد. والى ذلك يهاجم سلاح الجو أهدافا واضحة لحماس.

        ليس عرضا أن اختارت حماس تسخين الجبهة الآن خاصة. فالسلطة في غزة أكثر استقرارا مما كانت دائما، والذراع العسكرية استجمعت الثقة بالنفس لكن نشأ هناك أكثر من كل شيء انطباع ان اسرائيل مقيدة – لاسباب سياسية، داخلية ودولية. في وضع تبديل القادة في منطقة الجنوب، وتبديل رئيس الاركان القريب والقيادة الامنية المشاركة في ما لا يحصى من لجان التحقيق – لن تورط اسرائيل نفسها بضربة عسكرية شاذة. وان فشل التفاوض المباشر الاسرائيلي – الفلسطيني يُمكّن هنية من الكف عن التظاهر باهتمامه بالتوصل الى مصالحة مع السلطة. هذا هو وقته لعرض البديل عن المسيرة السياسية وهو المقاومة المسلحة.

        في 13 كانون الاول احتفلت حماس بمرور 23 سنة منذ انشائها بمسيرة جماعية في القطاع. في اثناء يوم الاحتفال لم يُنفذ هناك نشاط عسكري لا من حماس ولا من منظمات اخرى. وسلكت اسرائيل على حسب ذلك. ومرت المسيرات والاحتفالات تحت هدنة مطلقة. ومعنى ذلك انه يمكن التوصل مع حماس بمحادثة صحيحة الى تهدئة.

        وفي الاسبوع الاخير ايضا، وعلى خلفية ردود الجيش الاسرائيلي التي هي أشد، أوقفت حماس اطلاق النار لكن الحديث عن خداع بصري. فاذا لم تجد اسرائيل طريقة لجعل المنظمة توافق على هدنة وتهدئة بتوسط مصر أو أي جهة اخرى، فان ما رأيناه هذا الاسبوع هو المقدمة فقط.

        يُحتاج الى اتفاق خطي لأننا رأينا ما حدث عندما كان بين اسرائيل وحماس اتفاقات شفهية: لقد تحولت الى "الرصاص المصبوب".

        3- ومرة اخرى وبحسب الطقوس الدائمة التي تكرر نفسها في كل مرة يسقط فيها صاروخ ويصيب مدنيين، أُثير هذا الاسبوع ايضا سؤال أين "القبة الحديدية". ومرة اخرى وبحسب الطقوس الدائمة، لا يقولون الحقيقة كلها لسكان غلاف غزة: كان يفترض أن تدخل البطاريتان العملياتيتان الى الخدمة في الاول من كانون الثاني. لن يحدث هذا. ربما بعد عدة اسابيع.

        أحد الشروط التي ستحدد شكل نشر البطاريات هو كم تستطيع اسرائيل أن تشتري من الصواريخ ومن البطاريات. الكمية المخطط لها الآن محدودة. ثمة مشكلة ميزانية. وعد الامريكيون بتحويل 205 ملايين دولار لانتاج هذه النظم. والتزمت اسرائيل أن تضيف الى كل دولار ما يعادله من الشواقل. لكن من الصحيح الآن انه لا يوجد مال اسرائيلي للمشروع ولا يوجد مال امريكي ايضا، وبقيت كمية الصواريخ محدودة.

        وليس هذا كل شيء. فمنذ اول لحظة خرج فيها مشروع "القبة الحديدية" في طريقه قال المستخدم وهو سلاح الجو ان الجهاز ناجع في حماية منشآت استراتيجية مثل مطارات ومحطات طاقة وما أشبه. وليست له قدرات منقطعة النظير في حماية منطقة بلدية سوى الجانب النفسي. اذا وجد مقدار كبير من الصواريخ ومثله من البطاريات فسيمكن نشرها في مناطق واسعة وتقديم حماية فعالة ثمينة لأحياء بل لمدينة. لكن هذا لن يحدث لانه لن يكون أبدا مال لهذه الكميات.

        الآن لا تستطيع اسرائيل ان تنشر بطاريات ثابتة بل تستطيع ان تلائم نفسها مع الظروف التي ستنشأ – في الشمال أو في الجنوب. وسيكون التفضيل دائما لمنشآت يكون المس بها اشكاليا على نحو خاص مثل قاعدة سلاح الجو أو محطة طاقة.

        هذه هي الحقيقة لكنها لا تعوق الساسة عن إحداث انطباع عند سكان غلاف غزة انه ستُقام حولهم في غضون بضعة اسابيع "القبة الحديدية" التي تُثبط كل قذيفة رجم يتم اطلاقها من غزة.