خبر علي بدوان :« أمريكا » تعد صفقة شاملة بعدة انسداد مسار المفاوضات

الساعة 08:10 ص|24 ديسمبر 2010

علي بدوان :"أمريكا" تعد صفقة شاملة بعدة انسداد مسار المفاوضات

فلسطين اليوم- غزة

في زيارته الأخيرة للعاصمة الصينية بكين، انجز الكاتب الفلسطيني علي بدوان، عدداً من الفعاليات، كان منها ترتيب زيارة عمل ليوم واحد الى كلية الآداب في جامعة بكين، قسم اللغات الأجنبية، وذلك وفق ترتيبتم اجراءه بشكل مسبق مع ادارة الجامعة والكلية والقسم.

وقد التقى طلاب السنتين الثالثة والرابعة في قسم اللغة العربية، وقدم لهم صورة شاملة عن الأوضاع في المنطقة العربية، وفي الأراضي الفلسطينية، وأوضاع الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات بشكل عام، على ضوء انسداد افق التسوية الراهنة، واستمرار عمليات تهويد الأرض الفلسطينية، وغياب الدور الأمريكي النزيه والعادل في رعاية العملية التفاوضية. كما تضمن المحاضرة وفي الفترة الأولى منها، تقديم موجز تاريخي عن القضية الفلسطينية والمراحل التي سبقت وتلت نكبته وقيام "الدولة العبرية الصهيونية" على انقاض كيانه الوطني.

وفي سياق تقديمه للوضع الأخير في المنطقة وانسداد مسار المفاوضات، اشار علي بدوان في محاضرته الى العديد من المؤشرات والمعلومات التي تتراكم وتتواتر منذ شهرين تقريباً، عبر المسارب الدبلوماسية المختلفة، وهي تتحدث عن رؤية أمريكية جديدة لإحداث تحول كبير في مسار التسوية بين الطرفين الفلسطيني و"الإسرائيلي" تحت عنوان "صفقة شاملة" للتسوية بعد انسداد أفقها وفشل المفاوضات على مسارها المباشر وغير المباشر في تحقيق اختراق جدي ولو بالحد الأدنى.

وقال بأن العديد من المصادر العربية وغير العربية زكت المعلومات إياها، وبادرت بعض الجهات الأمريكية والإسرائيلية للإفصاح عنها، أو على عناوين هامة منها وتسريبها لوسائل الاعلام الدولية والإسرائيلية، خصوصاً بعد الزيارة الأخيرة لرئيس وراء "إسرائيل" بنيامين نتنياهو الواشنطن والتي عاد منها الى فلسطين المحتلة كالطاووس، بعد أن حصل وحمل معه (سلة جديدة من الإغراءات) الأمريكية بجوانبها المختلفة المادية والعسكرية وحتى السياسية.

 وأوضح بأن المعلومات الجارية بأن واشنطن قد عرضت على تل أبيب صفقة تتضمن قيام إسرائيل بتمديد فترة تجميد الاستيطان مقابل الحصول على العديد من المزايا والمنافع، أولها حصول "إسرائيل" على (20) طائرة حربية من طراز (أف – 15) المعروفة بـ (الشبح) والتي تتميز بالقدرة على مراوغة وصد الرادارات اللاقطة لحركة الطيران الحربي، وذلك بالإضافة إلى (20) طائرة من الطراز نفسه والتي سبق أن خصصتها واشنطن لدولة الاحتلال الصهيوني. وثانيها توقيع اتفاقية دفاع مشترك (إسرائيلية/أمريكية) في حالة التوصل إلى اتفاق السلام (الإسرائيلي/الفلسطيني) المنشود أمريكياً، تضمن تعهداً أمريكياً اضافياً بحماية "أمن الدولة العبرية". وثالثها استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) لإسقاط أي مشروع قرار مناهض "لإسرائيل" يتم تقديمه في مجلس الأمن الدولي، أو حتى في المؤسسات الدولية المختلفة من قبل أي مجموعة دولية، وذلك بما يشمل أي  مبادرات تقدم رؤية سياسية مغايرة لما هو متفق عليه أمريكياً وإسرائيليا، والتصدي لأي محاولة فلسطينية من طرف واحد لإقامة دولة مستقلة كما تهدد بعض مصادر القرار في السلطة الفلسطينية، التي بدأت تتحدث عن جملة من البدائل من بينها إحالة ملف التسوية بكامله الى مجلس الأمن.

 وشرح علائم  وخطوط الرؤية الأمريكية الجديدة المعنونة بـ "الصفقة الشاملة" والتي قدمت الإدارة الأمريكية من أجلها سلة الإغراءات الواردة أعلاه للدولة العبرية الصهيونية، وهل يمكن لها أن (تشيل الزير من اليبر) على حد تعبير المثل الشعبي الفلسطيني، أم أنها لن تغير حقيقة مايجري على الأرض في ظل الموقف الأمريكي المنحاز والبعيد عن التوازن، وهو الموقف الذي لايصلح أساسا لتأهيل الولايات المتحدة للعب دور فعّال لإقرار سلام حقيقي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، عماده قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وقال علي بدوان ان الدلائل والمؤشرات وعلى أكثر من صعيد، تشير بالفعل لوجود تفاهمات إسرائيلية أمريكية تمت مؤخراً قبل زيارة نتنياهو الأخيرة للولايات المتحدة، وقد أُنضجت تلك التفاهمات بعد انتهاء زيارة الأخير، بما فيها قبول الولايات المتحدة بإدارة العملية التفاوضيه الإسرائيلية/الفلسطينية انطلاقاً من الإقرار بإسرائيل كدولة يهودية، وعلى أخذ "الحقائق" الاستيطانية التوسعية التي أقامتها "إسرائيل" منذ احتلال عام 1967 وحتى الآن بالحسبان، وعلى ضرورة بقاء سيطرة "إسرائيل" على الحدود مع الأردن وعلى الأغوار حتى بعد قيام دولة فلسطينية، وعلى إقامة ترتيبات أمنية تحفظ أمن ودور وسلام "إسرائيل" بالمستقبل، إضافة إلى الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي.

وأوضح أن الصفقة الشاملة تتضمن قيام الولايات المتحدة، بتعميم خارطة حديثة للحدود الدائمة للدولة الفلسطينية و "إسرائيل"، تستجيب للمطالب الأمنية الإسرائيلية التي تنادي بها حكومة نتنياهو، وهو مايتضمن  تعديلات على مساحات معينة من الأراضي المحتلة عام 1967 تصل نسبتها الى (7%) من مساحة الضفة الغربية ماعدا القدس الشرقية، بحيث تكسب  "إسرائيل" المزيد من ضمانات الأمن عبر ضم ومبادلة الكتل الكبرى ومواقع التلال والمرتفعات الإستراتيجية في عموم جبال الضفة الغربية، والحوض المائي الواقع شمال الضفة الغربية، مقابل إخلاء عشرات النقاط الاستيطانية إلى جانب مستعمرتين كبيرتين بالضفة الغربية هما مستعمرة (غوش عتصيون) التي يقطنها ثمانية آلاف مستوطن ومستعمرة (أريئيل) غرب رام الله و التي يقطنها عشرين ألف مستوطن. وبذلك، فان الصفقة الأمريكية للحل الشامل نسفت من جديد مبدأ التفكيك الكامل للمستعمرات المقامة فوق الأرض المحتلة عام 1967، ودعت لتفكيك بعضاً منها وضم بعضها الأخر، وبقاء بعضها في إطار السيادة الإسرائيلية  لفترة انتقالية تتراوح بين (30 إلى 50) عاماً، مع إمكانية إعادة التفاوض لاحقاً لجهة المفاضلة بين خيار إخلاء هذه المستعمرات لصالح الدولة الفلسطينية أو خيار إبقاءها على ما هي عليه. إضافة للتأكيد على استمرار وجوده قوات الاحتلال  لفترة انتقالية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، ثم العمل بعد ذلك (وفقاً لقناعة الإسرائيليين) على العمل لجهة تخصيص عددها وحجمها تدريجياً.

وعليه، اختتم قوله في هذا الجاني بالقول أن التفاوض من الوجهة الأمريكية، وبعد إقرار الضمانات الأميركية والتفاهمات الأخيرة المقدمة لـ "إسرائيل" تجعل المفاوض الفلسطيني في وضع سيئ جداً وخطر جداً، لأنه لن يفاوض بعد الآن "إسرائيل" فقط، وإنما "إسرائيل" ومعها الولايات المتحدة الأميركية، وهو يعرف أن "إسرائيل" حصلت على كل ذلك مقابل تجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر، فعلى ماذا ستحصل "إسرائيل" مقابل انجاز معاهدة سلام شاملة ؟

وأخيراً، جرى خلال اللقاء مع الطلبة حواراً تفاعلياً امتد ثلاث ساعات، واستخدمت فيه التقنيات الحديثة والعارض الضوئي لعرض بعض الفلاشات والصور التي تلخص مايجري في فلسطين. وتبع ذلك نقاش مفتوح باللغة العربية الفصحى.