خبر يوجد شريك حقيقي..معاريف

الساعة 07:08 م|23 ديسمبر 2010

بقلم: يريف اوفينهايمر

سكرتير عام "حركة السلام الآن"

يوم الاحد الماضي شعرت بحزن عميق بان فقط مائة اسرائيلي كان بوسعهم ان يشاركوا في اللقاء التاريخي الذي نظمته حركة اتفاق جنيف في المقاطعة في رام الله. لو كان الامر منوطا بي لكان يتعين على عموم مواطني  اسرائيل ان يصلوا بانفسهم وليشاهدوا بام عيونهم التغيير الدراماتيكي الذي طرأ على المجتمع الفلسطيني.

المكان الذي يتماثل اكثر من أي شيء آخر كمقر قيادة عرفات في نهاية الانتفاضة الثانية، تحول لعدة ساعات الى مطعم شرق اوسطي فاخر ودافىء يستضيف بدفء واحترام عشرات الضيوف الاسرائيليين الذين دعوا للقاء، بعضهم ضباط جيش في الاحتياط بل ان بعضهم من رجال الليكود وشاس. قيادة السلطة الفلسطينية وقفت في المؤتمر بتركيبتها الكاملة وتحدثت بشكل مفتوح وصادق عن رغبتها في تحقيق السلام من خلال المفاوضات، السلام الذي في اساسه يقبع مبدأ الدولتين، اسرائيل وفلسطين. فضلا عن الخطابات والرسائل السياسية، بين ورق العنف والكنافة الحلوة ما كان يمكن للمرء ألا يلاحظ التغيير الهائل الذي طرأ على المجتمع الفلسطيني وعلى قيادته في رام الله.

في المقاطعة تجلس حكومة مسؤولة وقوية، ذات فكر علماني ومعتدل تتبنى سياسة تحقيق تسوية والعيش المشترك في دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. ابو مازن ليس زعيما ضعيفا وهو يسيطر بيد عليا على كل اراضي السلطة في الضفة. وقد اجاد في عرض ذلك صائب عريقات حين اعترف امام الحضور بانه لم يسبق للضفة أن كانت هادئة وآمنة ابدا بهذا القدر بالنسبة للاسرائيليين، اكثر مما كانت في الايام التي جلس فيها الجيش الاسرائيلي في كل زاوية في كل قصبة من نابلس وحتى الخليل.

خارج المقاطعة التقيت صحفيا فلسطينيا يتحدث العبرية بطلاقة، ضمن امور اخرى يحب مكابي تل أبيب في كرة السلة ومشاهد دائم لمبارياته أيام الخميس. هو ايضا عبر امامي عن رغبة الفلسطينيين في السلام والحياة الطبيعية ووصف كيف ان التنكر للارهاب والعنف ليس فقط من نصيب القيادة وانه يشكل عنصرا مركزيا في الرواية الفلسطينية الحالية.

على لسان كل المتحدثين في المؤتمر لم يكن ممكنا للمرء ألا يحس بالاحباط والحزن لانعدام التقدم في المسيرة السياسية ولرفض حكومة اسرائيل الدخول في مفاوضات جدية على التسوية الدائمة. وبالذات في الوقت الذي يكون فيه شريك حقيقي للسلام، تطرف المجتمع الاسرائيلي يمينا وانتخب كنيست وحكومة لا تؤمنان حقا او تريدان تحقيق تسوية دائمة مع الفلسطينيين.

رغم تصريحاته في بار ايلان وفي واشنطن نتنياهو ليس مستعدا للحديث عن مسألة الحدود ويخترع المعاذير للتسويف. في اختبار النتيجة، حكومة اسرائيل تنازلت عن المسيرة السياسية فقط من أجل مواصلة الاستسلام لهوس المستوطنين في بناء عدة الاف وحدات سكن اخرى في المناطق. المجتمع الاسرائيلي غير مبال، متهكم ولا يشعر بحجم الفرصة في تحقق المسيرة السياسية وحجم الخطر الذي من شأنه أن يأتي مع فشل المسيرة للمنطقة بأسرها.

الفلسطينيون الذين التقيتهم في رام الله واقعيون، معتدلون، تعبون من النزاع وعطاشى للحل. وهم لا يخشون من عرض الخرائط، الحديث علنا عن تبادل الاراضي والتخلي عمليا عن حق العودة. خلافا للقيادة الاسرائيلية، بات واضحا للطرف الفلسطيني بانه انتهى عصر العاب القمار وتسويف الوقت، الحل معروف والان يجب تحقيقه عمليا. بالذات في عصر الهدوء والسكينة في المناطق سيكون من الجريمة مواصلة ادارة ظهر المجن لمعظم الشعب الفلسطيني الذي اختار الحوار والسلام وارسال ابو مازن ورجاله للتنافس مع حماس على الرأي العام في الشارع الفلسطيني بيدين فارغتين.