خبر هل تريد الولايات المتحدة السلام؟.. معاريف

الساعة 09:33 ص|15 ديسمبر 2010

بقلم: الون مروم

(المضمون: يرى الكاتب أن امريكا برغم تصريحاتها المعلنة، راغبة في استمرار الصراع بين اسرائيل والعرب لدفع مصالحها الى الأمام. يجب على اسرائيل أن تكون لها سياسة مستقلة قدر المستطاع تحقق مصالحها هي ومن هذه المصالح احراز السلام مع العرب - المصدر).

إن الكشف عن الوثائق الامريكية في "ويكيليكس" هو رؤية آسِرة لتهكم الادارة بكل ما يتعلق بتحقيق مصالحها بكونها قوة عالمية. تبدو التقديرات الباردة من أرشيفات نيكسون التي فُتحت في المدة الاخيرة، والتصريحات العنصرية عن اليهود مثلا، أو في الأرشيفات التي تكشف عن استعمال مجرمي حرب نازيين في الحرب الباردة. كل ذلك يناقض مناقضة تامة صورة الولايات المتحدة المُحسنة بأنها امبراطورية من طراز جديد تبحث عن الحرية والديمقراطية والسلام.

لكن للشرطي العالمي مصلحة في منع احراز الشرق الاوسط القدرة الذرية، وهو الأمر الذي قد يفضي الى حرب عالمية، وفي تهدئة فوران الشارع العربي بتأييد الفلسطينيين عن نيّة الحفاظ على نظم الحكم الديكتاتورية العربية المعتدلة. لكن يبدو أن المصالح الحاسمة تجذب الى الاتجاه المعاكس خاصة، الى استمرار الصراع العربي الاسرائيلي، لأن الولايات المتحدة تستفيد من ذلك أقصى فائدة.

إن أنبوب حياة اقتصاد الولايات المتحدة هو ناقلات النفط التي تُبحر من الخليج العربي مرورا من قناة السويس. إن تدفق النفط الرخيص والزيادة الدائمة للانتاج قيمة استراتيجية عليا. والتأثير في ملوك وطُغاة النفط العرب حاسم، وكذلك ايضا التأثير في مصدرات نفط مهمات أخر في مناطق مسلمة كنيجيريا وأندونيسيا، ووسط آسيا، وممر النفط في تركيا. الصراع العربي الاسرائيلي أداة سيطرة على هذه النظم بتخويفها من العدوان الاسرائيلي، والتهديد باشعال الشارع على نظام الحكم، ومنح المتطرفين الدينيين غذاءا روحانيا، وسد قناة السويس، وإغراقهم باللاجئين، وتعزيز غير مباشر لأعداء مثل عبد الناصر وصدام والخميني. فرِّق تسد. ومصلحة اقتصادية اخرى هي بيع العرب واسرائيل السلاح بعشرات مليارات الدولارات.

العامل الحاسم الثاني في صحة الولايات المتحدة الاقتصادية هو الدولار. فاللواحق الامريكية وتشمل العرب واسرائيل تلتزم شراء الدولارات لاحتياطي عملتها الاجنبية، وقرن العملة المحلية به، وتسعير السلع بالدولار في التجارة الدولية؛ وذلك، برغم انه منذ أُلغي ربط الدولار بالذهب، بطل تعبير العملة عن قيمة حقيقية. والحديث في واقع الامر عن ضريبة خفيّة تدفعها صديقات الولايات المتحدة الى الراعية. والمثال الحديث على ذلك هو شراء ستانلي فيشر المغامر للدولارات منذ نشبت الازمة في الولايات المتحدة وتهاوت قيمة الدولار.

وفي النهاية، تحتاج الولايات المتحدة الى عدو أبدي يمكن حوله توحيد أحلاف وصرف الانتباه في الداخل وفي العالم عن مشكلات اقتصادية. بعد سقوط "امبراطورية الشر" السابقة، أي الاتحاد السوفييتي، ظهر "محور شر" جديد: ايران وكوريا الشمالية وسوريا والقاعدة. والسياسة تلائم ايضا المصلحة الامريكية بتثوير الأقليات المسلمة في اوروبا، التي هي عدوتها الاقتصادية التقليدية. وفي السياق الاسرائيلي، يتجسد التطبيق بمنع الامريكيين من مصافحة يد بشار الأسد الممدودة، كما أوضح جورج بوش في كتابه. عبّر ايتان هابر في المدة الاخيرة عن أن التعبير المألوف في أفواه رؤساء الحكومة عن أن "الامور التي نراها من هناك لا نراها من هنا" يتناول في الأساس قوة ضغوط الادارة في كل شأن.

بخلاف تام لخطب الرؤساء الفصيحة ووزراء الخارجية الامريكيين، يبدو أن ليس السلام في الشرق الاوسط إزاء نواظرهم دائما. من المؤكد أن الحلف مع الولايات المتحدة هو أهم ذخر لاسرائيل، وينبغي دفع الأثمان المطلوبة؛ لكن يجب علينا مع ذلك أن نصر قدر المستطاع على استقلالنا حيث تتضارب المصالح – برفض مطالب أن يُقرن الجهاز الاقتصادي بالرأسمالية في الاسلوب الامريكي، وفي كل ما يتعلق في الأساس بالضرورة الوجودية التي هي احراز السلام.