خبر قيادي بحماس: فتح تراجعت وجاءت لدمشق بثلاثة مواقف متباينة

الساعة 06:35 ص|01 ديسمبر 2010

قيادي بحماس: فتح تراجعت وجاءت لدمشق بثلاثة مواقف متباينة

فلسطين اليوم-وكالات

اكتنف الغموض حقيقة ما جرى في لقاء الحوار الأخير الذي جمع ممثلي حركتي فتح وحماس في العاصمة السورية دمشق، وذلك بسبب التضارب الكبير في الروايات حول حقيقة المواقف التي طرحت في اللقاء، وتعلقت بشكل أساسي بالملف الأمني. فقد اتهمت فتح حماس بعدم الجاهزية لإنهاء حالة الانقسام وذلك بسبب وقوعها تحت تأثير قوى إقليمية ترى أنه ليس من مصلحتها تحقيق المصالحة.

لكن النائب إسماعيل الأشقر رئيس لجنة الأمن في المجلس التشريعي والمكلف من قبل حماس بالإشراف على ملف الأمن في الحوار، يؤكد وبخلاف الانطباع السائد أن لقاء دمشق الأخير نسف كل التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الحركتين في لقاء 24 سبتمبر (أيلول) الماضي ويتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية والانتخابات وهيكلة وبناء الأجهزة الأمنية.

وفي حوار مع «الشرق الأوسط» قال الأشقر إن فتح عرضت في اللقاء الأخير في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ثلاثة مواقف متباينة، متهما ماجد فرج مدير المخابرات العامة في الضفة الغربية ومسؤول ملف الأمن في وفد فتح برفض كل البنود التي تعلقت بالملف الأمني في الورقة المصرية التي وقعت عليها فتح. واتهم أطرافا إقليمية عربية بممارسة الضغط على حركة فتح لثنيها عن المصالحة وليس العكس. وتحدث الأشقر عن عدة اتجاهات في فتح، مؤكدا: «نحن لا ننكر أن هناك شرفاء في الحركة معنيون بالمصالحة، لكنهم ليسوا من ذوي التأثير على صنع القرار. أصحاب القرار الحقيقيون هم قادة الأجهزة الأمنية الذين يتغولون على فتح كما يتغولون على حماس وبقية فصائل المقاومة». وفيما يلي نص الحوار:

* هل ذهبتم للقاء الحوار الأخير بنية إفشاله، كما ذكرت مذكرة داخلية صادرة عن فتح؟.

- دعني أؤكد هنا أن موقف حماس من المصالحة لم يتغير، لأننا نعتقد أن المصلحة الوطنية العليا تقتضي إنهاء حالة الانقسام، على اعتبار أن ذلك يسهم في تصليب الحالة الفلسطينية. من السهل إلقاء التهم جزافا، لكننا نعرض حقائق تدلل على أننا كنا جادين في التوصل لتوافق ينهي حالة الانقسام، لكن للأسف هناك أطراف غير معنية بإنهاء هذا الملف لأن المصالحة والوفاق يتعارض مع مصالحها الضيقة. ويدلل على ذلك أن وفد فتح تراجع عن كل التفاهمات التي تتعلق بقضايا الانتخابات ومنظمة التحرير التي تم التوافق بشأنها في اللقاء الأخير الذي عقد في 24 سبتمبر الماضي في دمشق.

* تقصد أن النقاش في لقاء الحوار الأخير لم يتطرق فقط للملف الأمني وتمت العودة لمناقشة قضايا الانتخابات وغيرها من القضايا السياسية والمدينة؟

- دعني أولا أتحدث عما حدث بالضبط في اللقاء قبل الأخير في 24 سبتمبر الماضي حتى نقف على حجم التراجع الذي تم في اللقاء الأخير الذي عقد في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في دمشق. في الاجتماع الأول تم التوافق بشأن لجنة الانتخابات، ومحكمة الانتخابات، وموعد الانتخابات ومنظمة التحرير وقضية إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية، حيث تعاطى وفد فتح إيجابيا مع ملاحظات حماس، واتفق على أن يتم التوافق على أسماء الأشخاص الذين يشاركون في لجنة الانتخابات، وبعد ذلك تقدم القائمة للرئيس لكي يصدر مرسوما رئاسيا بتشكيلها، ونفس الشيء ينطبق على محكمة الانتخابات، حيث يتم في البداية التوافق على أسماء القضاة المشاركين فيها، وبعد ذلك يصدر الرئيس مرسوما رئاسيا بهذا الشأن، في حين تم الاتفاق على تحديد موعد الانتخابات بعد التوقيع على الورقة المصرية. وتم التوافق على العبارة التي أسقطت من الورقة المصرية والمتعلقة بمرجعية منظمة التحرير، حيث طلبت حركة حماس أن تكون «قرارات الأجسام» التي تشكل مرجعية لمنظمة التحرير غير قابلة للتعطيل، ووافقت فتح لكنها اقترحت إضافة عبارة تنص على أنه يتوجب ألا يتعارض ذلك مع صلاحيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ولم تعترض حماس على ذلك. وفيما يتعلق بملف الأمن، فقد حصلنا على تأكيد وموافقة ممثلي فتح على أن إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية يجب أن تتم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وليس كما جاء في الصيغة النهائية للورقة المصرية التي نصت على أنه يتوجب فقط إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، بينما تنص على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية في قطاع غزة. واتفق على ترحيل النقاش حول اللجنة الأمنية العليا التي يفترض أن تشرف على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية للقاء الحوار القادم، أي الذي عقد في التاسع والعاشر من الشهر الماضي.

* كيف حدث التراجع عما تم التوافق عليه؟

- لقد صدمنا عندما تراجع ممثلو فتح عن كل ما تم الاتفاق عليه ليس فقط بشأن الملف الأمني، بل بشأن قضايا الانتخابات وموعدها ومنظمة التحرير، إذ كنا نعتقد بأن النقاش المتعلق باللجنة الأمنية العليا لن يستغرق أكثر من ربع ساعة، حيث إنه تم التوافق على القضية الأخطر والأهم والمتعلقة بإعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية لتتم في الضفة الغربية وقطاع غزة.

* ما الجديد الذي طرحته حركة فتح ويتعلق بقضايا الانتخابات؟.

- بعد أن ثبتنا بصعوبة التوافق الذي تم بشأن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات، فوجئنا بأن حركة فتح تصر على أن تشكيل محكمة الانتخابات هو من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى والرئيس، وليس عرضة للنقاش في جلسات الحوار، كما تهربوا من تحديد موعد للانتخابات، ولم تفلح كل محاولاتنا لتذكيرهم بأن هذه القضايا تم التوافق عليها.

* وماذا بخصوص الملف الأمني؟

- لقد فوجئنا أيضا بأن وفد حركة فتح يحمل ثلاثة مواقف تتعلق بهذا الملف، فرئيس وفد فتح عزام الأحمد أكد على ما تم التوافق بشأنه في لقاء الرابع والعشرين من سبتمبر بشأن ضرورة إعادة بناء الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، في حين أن صخر بسيسو عرض موقفا آخر وقال إنكم في حماس أسأتم فهم ما نقصد بمصطلح التوافق وأنكم تحاولون تجيير هذا المصطلح لصالحكم، وطلب إعادة النقاش حول كل قضية تم التوافق بشأنها، في حين قال ماجد فرج إن فتح لا تقبل بالمطلق كل ما جاء في الورقة المصرية وتعلق بالملف الأمني، بزعم أنه يخدم حركة حماس، وإن ما جاء في الورقة المصرية ويتعلق بعملية الاستيعاب في الأجهزة الأمنية غير مقبول. وبالمناسبة، هذا أدى إلى تلاسن بين أعضاء وفد فتح نفسه.

* كيف؟

- وجه ماجد فرج حديثه لعزام الأحمد قائلا: من قال لك إننا وافقنا على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فقال عزام معلقا على حديثه.. هذا ممثل حكومة الصدفة، يقصد حكومة سلام فياض.

* تقدم تصورا سلبيا عن دور ماجد فرج في اللقاء، هل هناك ما يبرر ذلك؟

- كان واضحا أن ماجد غير معني بوجود أي إمكانية للمصالحة أو أي تقارب بين فتح وحماس، لقد كان مجرد ضابط بسيط في جهاز الأمن الوقائي، ثم أصبح منسقا للأجهزة الأمنية ورئيس المخابرات، وأصبح مقبولا لدى الأميركيين، وهو يعتبر إعادة بناء الأجهزة الأمنية تهديدا لمصالحه الخاصة.

* متى تبين أن اللقاء انتهى إلى فشل ذريع؟.

- تبين هذا من خلال الموقف النهائي الذي طرحه ماجد فرج ونص على أن استيعاب العناصر في الأجهزة الأمنية كما نصت عليها الورقة المصرية غير مقبول لدى حركة فتح، وأن القوة الأمنية المشتركة ستكون بديلا عن الأجهزة الأمنية الموجودة حاليا في قطاع غزة، وأن إعادة بناء الأجهزة الأمنية تتم في قطاع غزة فقط، في حين يتم إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن تشكيل اللجنة الأمنية العليا يتم وفق قانون الخدمة في الأجهزة الأمنية وليس حسب التوافق بين الحركتين، علاوة على رفض فتح وجود جهاز الأمن والحماية بوصفه جهازا غير شرعي.

* وماذا كان رد حماس؟

- طلبنا منهم إمهالنا عدة ساعات فاتهمونا بأننا لا نملك ردا، وقلنا لهم إن الرد سيأتيكم بشكل رسمي وبشكل منظم، وبالفعل فقد سلم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق عزام الأحمد رد حماس وتضمن التالي:

«التنسيق والتعاون الأمني مع العدو يعد خيانة، مع تشديدنا على أن العدو هنا هو إسرائيل، حيث إن البعض لا يعتبر أن إسرائيل عدو. والمقاومة حق شرعي لشعبنا الفلسطيني للتخلص من الاحتلال. وسلاح المقاومة هو سلاح شرعي لأننا في حالة تحرر وطني. ويتم تشكيل اللجنة الأمنية العليا بتوافق وطني. وإعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية تتم بشكل متزامن في الضفة الغربية وقطاع غزة. واستيعاب 3000 عنصر في الأجهزة الأمنية كما نصت الورقة المصرية مرتبط بالتدرج في عمليات الاستيعاب في الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية».

* ألا يمكن اعتبار هذه الملاحظات تراجعا من قبل حركة حماس؟

- على الإطلاق، نحن نستخلص العبر من تراجع حركة فتح ليس فقط عن الورقة المصرية، بل عن اتفاق القاهرة 2005، حيث إنها اكتفت، بتطبيق ما ينسجم معها في هذا الاتفاق وتركت الباقي. ونفس الشيء ينطبق على ورقة الميثاق الوطني 2006، واتفاق مكة 2007.. لم تنفذه فتح، (الذي أدى عدم تنفيذه إلى) الحسم العسكري، وإعلان صنعاء بين موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد، حيث شهد العالم بأسره على الملاسنة الشهيرة على شاشات الفضائيات بين عزام الأحمد ونمر حماد، حيث أنكر حماد أن يكون لدى عزام تفويض بالتوصل لهذا الإعلان مع أبو مرزوق.

* فتح تسوغ مطالبتها بإعادة بناء الأجهزة الأمنية في قطاع غزة واستثناء الضفة الغربية من ذلك بالقول إن «الانقلاب على الشرعية» وقع في غزة ولم يحدث في الضفة.

- أولا بغض النظر عن الجدل حول ما جرى في قطاع غزة، دعنا نسأل السؤال التالي: هل يمكن أن يتم بناء أجهزة أمنية بناء على توجيهات ونظريات المنسق الأمني الأميركي السابق كنيث دايتون وخليفته التي تقوم على التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال. هذا من ناحية. من ناحية ثانية جميع مركبات الشعب الفلسطيني وفصائله كانت تنتقد تركيبة الأجهزة الأمنية بوصفها تابعة لحركة فتح ولا يتم استيعاب أحد إلا ضمن معايير سياسية محددة.. نحن نطالب بإعادة بناء هيكلة وبناء الأجهزة الأمنية لأننا معنيون بالتوافق على مرجعيات لها عقيدتها الوطنية. وبالمناسبة نحن قدمنا عام 2005 في حوارات القاهرة نفس الورقة التي قدمها النائب السابق عن حركة فتح عزمي الشعيبي وتتعلق بتصوره للأجهزة الأمنية. نحن في حينه تبنيناها لأنها لا تسمح بأن تتعاون الأجهزة الأمنية مع الاحتلال، ولا تقوم بتقديم معلومات له. نحن لا نطالب بأن تحارب الأجهزة الأمنية إسرائيل، لكننا في المقابل نطالب هذه الأجهزة باحترام المقاومة لأن الشعب الفلسطيني في مرحلة تحرر. من هنا وللأسف فإن الخلاف بيننا وبين فتح في الأصول وليس في الفروع.

* ألا يوجد مبالغة في الحديث عن التعاون الأمني بين أجهزة السلطة والجيش الإسرائيلي؟.

- ماذا تفسر أن يقوم جهاز أمن الرئاسة باستضافة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي افي مزراحي لحضور مناورات له، ولماذا يتم استقبال رئيس جهاز المخابرات العامة «الشاباك» لدى الأجهزة الأمنية في جنين؟. وكيف تفسر ما نشرته صحيفة «هآرتس» (الأحد الماضي) بأن عدد جنود جيش الاحتلال هو الأقل منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر عام 1987 وذلك بفعل دور «كتائب دايتون». وهذا يدلل على أن هناك مصلحة مشتركة بين أجهزة فتح والاحتلال والسيطرة على الضفة الغربية، وهذه الأجهزة تحولت إلى سيف مسلط على رقاب الفلسطينيين.

* تتحدثون عن إعادة بناء الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وهذا يعني أنكم تقصدون أن يتم السماح بمشاركة عناصر حماس في هذه الأجهزة كقادة وكعناصر، هل هذا طرح جاد في ظل موقف إسرائيل الرافض لهذا الطرح؟

- نحن نتحدث عن أجهزة وطنية تعمل وفق أجندة وطنية، فإن كنا نريد أن نجعل من استرضاء الاحتلال معيار لعمل هذه الأجهزة، فالأصل ألا تكون هذه الأجهزة، نحن معنيون بتصليب الجبهة الداخلية من أجل تعزيز قدرة شعبنا على الصمود ومواصلة العمل على تحرير أرضه، ومن البديهي ألا يتم منح الاحتلال حق الفيتو على تركيبة الأجهزة الأمنية.

* ارتبط التفاؤل الذي ساد الضفة الغربية بشأن مستقبل المصالحة بتحرك بعض الأطراف الإقليمية لصالح دفع هذا الملف قدما، لماذا لم يكتب لهذا التحرك النجاح؟

- للأسف فإن الأطراف الإقليمية العربية تمارس ضغطا واضحا على حركة فتح لثنيها عن المصالحة وليس العكس. وما يؤكد ذلك هو المضايقات التي تتعرض لها حركة حماس ومشاركة هذه القوى في الحصار المفروض على القطاع، وضمن ذلك عدم تمكين قادة حماس من حرية الحركة مقارنة بالحرية المطلقة التي تتمتع بها حركة فتح. بالطبع لأن هناك انسجاما واضحا بين التوجهات السياسية لحركة فتح وتوجهات الكثير من الأنظمة العربية.

* أنت تعطي الانطباع بوجود خلافات عميقة داخل فتح تؤثر سلبا على المصالحة.. لكن فتح في المقابل تؤكد أن هناك أطرافا داخل حماس غير معنية بالمصالحة؟.

- حماس طرحت في جميع لقاءات الحوار مواقف موحدة تمت بالتشاور التام، وهي بالمجمل لا تعبر عن موقف حماس، فحسب بل مواقف الكثير من الفصائل والقوى الفلسطينية، لكن المشكلة تكمن في حقيقة أن هناك عدة اتجاهات في فتح. ونحن لا ننكر أن هناك شرفاء في الحركة معنيون بالمصالحة، لكنهم ليسوا من ذوي التأثير على صنع القرار. أصحاب القرار الحقيقيون هم قادة الأجهزة الأمنية الذين يتغولون على فتح كما يتغولون على حماس وبقية فصائل المقاوم. لماذا يتم اعتقال نشطاء كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح في سجون الأجهزة الأمنية، إلى جانب نشطاء حماس، وكتائب أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.. هؤلاء يعملون وفق تعليمات خليفة دايتون ويتحركون وفق توجيهاته.