خبر سياسة الغموض: يجب على اسرائيل ان تزنها من جديد _ اسرائيل اليوم

الساعة 10:09 ص|11 نوفمبر 2010

سياسة الغموض: يجب على اسرائيل ان تزنها من جديد _ اسرائيل اليوم

 

بقلم: أفنير كوهين

احدى القضايا المركزية التي أطورها في كتاب جديد عن الذرة الاسرائيلية، والذي صدر في الولايات المتحدة الان، هي أن ثقافة الغموض الذري أنشأت حياة عامة اسرائيلية جاهلة، تحريمية في شؤون الذرة. نمى الغموض وضعا نخاف فيه في هذه الموضوعات ظل أنفسنا، وجهلا في الحقائق يعزز المخاوف الهاذية التي تلاشت منذ زمن.

في يوم الجمعة الاخير، فوق صفحات هذه الصحيفة وتحت عنوان "نبش ذري" أثبت الصحفي دان مرغليت في زاويته ما قلته الان. لم يقرأ مرغليت صفحات كتابي الجديد الـ 412، وهو مع ذلك كله مقتنع بان "ابحاثي كشفت عن أسرار المشروع الذري الاسرائيلي". ليس عندي سوى ان اطمئن – فثمة فرق بين الاسرار الذرية الحقيقية وبين البحث الاكاديمي. وبكامل الصدق أقول ليس عندي أي قدرة على الوصول لما يسميه مرغليت "الاسرار الذرية".

يخشى مرغليت ان تغرز ابحاثي دبوسا في بالون الغموض. لكن لا احد في الحقيقة محتاج الى أبحاثي من أجل ذلك. فكثيرون خارج اسرائيل يرون ابحاثي الاكاديمية تعطي الذرة الاسرائيلية "بحسب نشرات اجنبية" الشرعية.

ماذا نفعل اذا كان الكتاب اكثر تركيبا وتنوعا بكثير من الاقتراح التبسيطي الذي ينسبه مرغليت اليه – وهو أن على اسرائيل أن تعلن عن نفسها بانها قوة ذرية. أولا، يكرر كتابي القول ان الغموض سياسة تآلفية اسرائيلية – امريكية، ولهذا لا تستطيع اسرائيل أن تغيرها وحدها ولو شاءت ذلك.

والى ذلك، يرى الكتاب عملية الاعلان السياسي نقطة نهاية اجراء طويل لانشاء "صفقة جديدة" بين اسرائيل والذرة، وهي صفقة لها عناصر داخلية ودولية ايضا، وعلى أية حال ليست مسألة اعلان فقط.

وثانيا، يؤكد الكتاب أنه لا يوجد عند أحد ولا عند كاتبه صيغة عجيبة في جيبه تقول كيف نخرج من الغموض. على كل حال، ليس الحديث عن استلال سياسي على صورة "ضربة خاطفة وانتهينا". فالكتاب يرى ترك الغموض تحديا مركبا يقتضي كثيرا من التفكير السياسي الخلاق، وينبغي ربطه بتغييرات استراتيجية اخرى اقليمية وربما عالمية. يجب ان تكون مضاءلة الغموض موضحة لا مع انفسنا فحسب بل مع آخرين ذوي اهتمام، ولا سيما مع اولئك الذين انشأوا الغموض ودافعوا عنه أي الولايات المتحدة.

نقطة انطلاقي هي الاعتراف بان الغموض يعبر عن فكرة أكل عليها الدهر وشرب، ربما كانت سائغة حكيمة في زمانها لكنها أصبحا على السنين عبئا سياسيا. واسباب ذلك ان الغموض يدع اسرائيل في موقف دفاعي سياسي متصل؛ وان الغموض يحدث انطباعا (مخطوءا) وكأن عملنا الذري (بحسب نشرات اجنبية) مصاب بالاثم؛ ويتناول الغموض أيضا القضية الذرية على أنها ثقب أسود بغير شرعية في الداخل والخارج؛ وهو ينشيء مملكة سرية عملها الحفاظ على سر لم يعد سرا منذ زمن؛ والغموض ايضا يبطل فهمنا لاجراءات السلام والحرب، وهو اليوم يجعل من الصعب علينا ان نفكر في وضوح بالتحدي الذري الايراني.

كان بن غوريون، الهاذي بالذرة الاسرائيلية، هو الذي أمل كما يبدو في أن تساعدنا الذرة على العيش في حياة طبيعية كشعب. وقد آمن بان الذرة ستكون مكانا آمنا في الشدائد ولهذا ستقلل مخاوفنا الوجودية. لكن يبدو ان الغموض جعل اسرائيل شبحا ذريا. وبمخاوفنا بقينا في ذلك. ان الخوف الذي يعبر عنه مرغليت من ازالة الغموض يجسد الفرق بين الشأن الفلسطيني والشأن الذري. ففي حين أن اسرائيل في الشأن الفلسطيني تتحدى بوضوح العالم كله، والمعايير والمواضعات الدولية. فاننا في الشأن الذري مثل ورقة في مهب الريح. والمفارقة الساخرة ان العالم في الشأن الذري خاصة أكثر ودا وراحة مع اسرائيل مما هو في الشأن الفلسطيني.