خبر أبناؤنا الأبطال.. هآرتس 2010

الساعة 10:15 ص|09 نوفمبر 2010

 

بقلم: عاموس هرئيل

لا يمكن الخطأ في العاطفة العامة التي تعبر عنها في الاسابيع الاخيرة ايضا أدوات الاعلام. في الهوامش الحالمة لليمين فقط يُسوغون رش كتابة "خائن" على المراقب العسكري الرئيس، افيحاي مندلبليت – لكن زعم أن مندلبليت بالغ في تتبع محاربي الجيش الاسرائيلي بسبب مخالفات تمت زمن عملية "الرصاص المصبوب" يحظى بتأييد واسع.

        برز هذا الاتجاه في مرحلة الدعاوى من اجل العقوبة في محاكمة المحاربين من جفعاتي، اللذين أُدينا بأنهما اضطرا ولدا فلسطينيا في التاسعة الى فتح حقائب مُريبة زمن تفتيشات في بيت في غزة. أظهر مئات المواطنين مُشايعتهم خارج قاعة المحكمة، في حين طلب جنرالات في الخدمة الاحتياطية الى القضاة تخفيف عقوبتهما. اذا استثنينا جنايات شاذة في شدتها، فسيرى الجمهور المحاربين – المتهمين الى الأبد أبناءنا الجمعيين، المتروكين لمصيرهم زمن اهتمام القيادة العليا بنفسها. وسيُعتبر أناس النيابة العامة، تحت أضواء النيون في مكاتبهم دائما وكأنهم يريدون إعجاب العالم في حين يبحثون عن تعيين سهل في المحكمة العليا.

        يبدو ان من يعرضون الامور على هذا النحو لا يدعون الحقائق تُبلبلهم ببساطة، لأن الواقع مختلف تمام الاختلاف. فقد ردوا في النيابة العامة وقيادة الجيش العليا في بطء وتأخر على الورطة التي دُفعت اليها اسرائيل، وذروتها تقرير غولدستون الفتّاك، وإن يكن داحضا في أكثره. فقد رُفضت الدعاوى التي أُثيرت أولا بشهادات خريجي معهد رابين الاعدادي وحركة "نكسر الصمت" باستخفاف تقريبا. وتم تعجيل فحص أساس أكثر اجتهادا بعد أن أصابنا هنا تسونامي غولدستون فقط.

        في خلال ذلك، واعتمادا على مئات الشكاوى المحددة، تم البدء بنحو من مئتي تحقيق في عمليات ونحو من خمسين تحقيق للشرطة العسكرية السرية. جبى المحققون شهادات من 600 ضابط وجندي، لكن كثيرا من الشهادات كان تقنيا تناول محاولة العثور على المشاركين في الحوادث. وحُقق مع نحو من عشرين شاهدا تحت تحذير.

        أخذ المراقب العسكري الرئيس بحذر مناسب في القرار على لوائح الاتهام. فقد قُدم الى اليوم ثلاث: واحدة على جنديين تم تأثيمهما بسرقة بطاقة اعتماد، وعلى جندي سيُحاكم لقتل فلسطينية وعلى محاربين في قضية الولد. يمكن الجدل في هل تستحق تسجيلا جنائيا، لكن هذين الأخيرين أظهرا على الأقل خللا شديدا في التقدير. ليس الحديث عن بطلين تم التخلي عنهما بل عن جنديين جعلا ولدا يتبول في سرواله عندما اضطراه الى فتح حقائب، برغم انه كان في ذلك المكان خبراء متفجرات مؤهلون من وحدة إبعاد القنابل.

        ما زال يجري تحقيق مهم مع قائد لواء جفعاتي السابق، في قضية قصف البيت الذي قُتل فيه 21 من أبناء عائلة سموني. في مقابلة ذلك، أغلق المراقب العسكري الرئيس ملفات كثيرة دون اجراء جنائي. تلقى قائد وحدة اغوز تنبيها من القيادة لاستعمال "اجراء الجار". وفي احدى الحالات، في قصف قُتل فيه عشرون مدنيا عقب معلومات مخطوءة نقلها "الشباك"، تقرر أن الحديث عن خطأ مهني في غفلة. ولم يتم الأخذ باجراءات على جنود جولاني الذين قتلوا اولادا ركبوا عجلة شرقي غزة لانهم عملوا بحسب إنذار استخباري بعجلة مفخخة.  كذلك خرج ضابط مدرعات، أطلق قذائف على خلية صواريخ كاتيوشا وقتل خطأ مدنيين في خيمة عزاء، بلا عقوبة لانه لم يلحظ مدنيين في المنطقة. في هذه الحالات كلها خرجت النيابة العامة عن طورها لتفهم اعتبارات المحاربين تحت النار. وهذا بعيد جدا من زعم أن مندلبليت كأنما هو متحمس لعقاب الجنود.

        ليست "الرصاص المصبوب" آخر جولة قتال سيلقى فيها الجيش الاسرائيلي ظروفا مشابهة. تلحظ حماس وحزب الله جيدا نقطة الضعف الاسرائيلية وسيستغلانها في المستقبل. سيخطيء الجيش الاسرائيلي اذا لم يستوضح الحقائق في الحوادث الشاذة حتى النهاية. وليست هذه مسألة اخلاقية فحسب. إن احدى الدعاوى الشديدة الموجهة الى اسرائيل هي أن جهازها القضائي لا يستنفد الحكم على جنود مُخالفين. إن الطمس على الجرائم واعطاء كل محارب التأييد الآلي الكاسح سيُثمران توجه "عدم التسامح" في الساحة الدولية مع اجراءات الجيش الاسرائيلي. وستساعد اسرائيل بذلك فقط على نفخ الريح في تأييد حملة سلبها الشرعية التي تجري عليها.