خبر اوسلو الخاصة به..هآرتس

الساعة 05:53 م|03 نوفمبر 2010

بقلم: الوف بن

أاوسلو أم الايام الستة؟ أي حدث هو الاكثر اشارة الى "تراث رابين"، اتفاق السلام أم حرب النصر؟ يُثار هذا الجدل كل سنة من جديد في الخريف، حول أحداث ذكرى مقتل رئيس الحكومة، وتنقسم الآراء بحسب الميل السياسي. فاليساريون يحبون رابين الاتفاقات والمراسم، واليمينيون يحبون الجيش الاسرائيلي على جبل الهيكل أو في قناة السويس. لكن الموازنة ليست عدلا: ففي 1967 كان رابين رئيس هيئة الاركان، وبرغم مهمته المركزية في التحضير للحرب، اتخذ القرارات الاستراتيجية آخرون. وفي 1993، إذ كان رئيس الحكومة، كان في يديه اختيار أيمضي الى صفقة مع ياسر عرفات أم يرفضها.

        توجد في حياة كل زعيم قرارات معدودة تؤثر في الواقع، بالفعل أو بالاخفاق، وكل ما عدا ذلك صيانة وادارة ازمات. وهي تلك اللحظات التي تمنحه حرية الاختيار، إما يمينا وإما يسارا، وإما أن يعمل وإما أن يظل في مكانه؛ وهي اللحظات التي يؤثر فيها الزعيم في سير التاريخ. بلغ رابين الى هناك عندما اختار اوسلو. كان رئيس حكومة آخر، بل رابين نفسه في ظروف اخرى، سيختار نهجا مختلفا. لكن رابين قرر وتمسك بقراره ولهذا فان هذا تراثه. أما سائر القرارات التي اتخذها، أي السلام مع الاردن وتأخير السلام مع سوريا، فاشتُقت من هذا الاختيار الذي كلفه حياته.

        كذلك تميزت حيوات زعماء آخرين بلحظات صافية من الحسم كهذه. فقد اتخذ ونستون تشرتشل العظيم، إله بنيامين نتنياهو، قرارا مصيريا واحدا فقط وهو عدم طلب السلام مع المانيا زمن هزيمة فرنسا في 1940 وأن يستمر على محاربة هتلر. وكل اعماله بعد ذلك، من الخطب الكاسحة، وصور السيجار وعلامة "في" باصبعيه كانت ملاحظات هامشية فقط لقراره الحاسم الذي أبى الخضوع للالمان (والذي تم توثيقه في كتاب "خمسة ايام في لندن" بقلم المؤرخ الامريكي جون لوكاتش). منذ ذلك الحين الى نهاية الحرب، كان تأثير تشرتشل في الأحداث ضئيل الشأن. فقد قام بما عليه في تلك الايام الخمسة الحاسمة.

        واتخذ شارل ديغول، محبوب اهود باراك، قرارين صاغا فرنسا الحديثة: الهرب الى لندن مع البريطانيين المُنسحبين في 1940 والبث من هناك بالمذياع؛ والانسحاب من الجزائر ومنحها الاستقلال بعد أن أصبح رئيسا. يدعو باراك نتنياهو الآن الى أن يسلك مثل ديغول لا مثل تشرتشل، لان الزعيم البريطاني لم يقل سوى "لا" ورفض التحرك، وقرر نظيره الفرنسي تغيير الواقع.

        واتخذ دافيد بن غوريون ثلاثة قرارات مهمة: الاعلان بالدولة مع الجلاء البريطاني في 1948، واعلان أن القدس عاصمة اسرائيل، وانشاء المفاعل الذري في ديمونة. جُرّ اشكول مرغما الى حرب الايام الستة، لكنه اختار بعد انقضائها ألا ينسحب في الحال من المناطق وأن يتركها في يد اسرائيل. غيّر قراره وجه الشرق الاوسط. واتخذت غولدا مئير قرارا حاسما واحدا هو أن ترفض تحسسات السادات السلمية حتى لو كان ثمن ذلك الحرب. وقرر بيغن الخروج من سيناء، وأن ينشيء مئة مستوطنة في الضفة الغربية وأن يقصف المفاعل الذري العراقي. وقرر اسحق شمير التمسك بالوضع الراهن في المناطق. وكان لرابين اتفاق اوسلو، ولباراك الخروج من لبنان، ولشارون الانفصال عن غزة، ولاولمرت حرب لبنان الثانية ومهاجمة المفاعل الذري السوري.

        إن نتنياهو، الذي لم يترك أثرا في ولايته السابقة، لم يُغير شيئا ايضا منذ عاد الى الحكم. في السنة القريبة، التي تبدأ بعد انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة، ستكون له آخر فرصة للقرار، فاما أن يهاجم ايران وإما أن ينتظر أن يعمل الرئيس اوباما في مواجهتها – وإما أن يُغير الواقع في الضفة الغربية وهضبة الجولان، وإما أن يتمسك بالوضع الراهن.

        إن قرارا واحدا فقط من نتنياهو سيُغير من الأساس العلاقات بالفلسطينيين أو بالسوريين وهو اخلاء المستوطنات. وكل ما عدا ذلك امور غثّة، وعمل لا شأن له للدبلوماسيين والمبعوثين. إن هدم المستوطنات أو العكس توسيعها وتطويرها سيؤثر في الواقع على الارض. هذه هي القرارات الحاسمة التي تواجهه: إما أن يهاجم ايران وإما أن يظل في القاعدة؛ وإما أن يصرف المستوطنين عن بيوتهم وإما أن يُربي جيلا جديدا من الاسرائيليين في المناطق. هذه لحظات اوسلو الخاصة به، واختياراته ستصوغ مستقبل اسرائيل – ومنزلة رئيس الحكومة الحالي في تاريخها.