خبر سيُبيّن بيرس الأمر العجيب .. هآرتس

الساعة 09:25 ص|29 أكتوبر 2010

بقلم: يوسي سريد

(المضمون: ما الذي جعل رئيس اسرائيل بيرس يدعو لبنيامين نتنياهو ويعد وعودا غير مضمونة برغم أنه من العارِفين بسلوك نتنياهو في الماضي - المصدر).

حدث أكثر من مرة أن أناسا نبهوني الى زيادة التشاؤم عندي. وصعّبوا قائلين كيف ترى الكآبة ويرى شمعون بيرس – وهو العالِم المشارك – التفاؤل. وقالوا: التقينا الرئيس وهو على ثقة بأن السلام يقف وراء جدراننا. فبيرس نبيّه ونتنياهو الآتي به. أما أنت، فقليل الايمان، وترمينا بضروب القلق. وكان في كلامهم شيئا من التوبيخ.

فحصت عن نفسي: أأنا متشائم منذ ولادتي وشكّاك؟ لا. إن تجارب حياتي هي التي بذرت فيّ بذرة الشك، التي ضربت بجذورها وأخذت تنمو بالتدريج.

إن طيور السماء التي حلقت فوق مسكن رؤساء اسرائيل، تقود في المدة الأخيرة الصوت الذي يقول بيرس خائب الأمل. بسط في الجلسة الافتتاحية للكنيست خيبات أمله، وأطلع قلبه فاه وكشف فوه الأمر لنا. "يبدو بيرس متشائما، ومتعبا وقلقا ومتنبها"، وصفه هنا يوسي فيرتر، واستشاط غضبا من فوق المنصة على بيبي، وكشف عن شيء من الامتعاض.

ليست خيبة الأمل هي المفاجِئة الآن، بل الأمل قبل ذلك هو المفاجيء: فبناءا على ماذا أعطى بيرس نتنياهو ثقته، وساعده على تضليل العالم كله؟ هل بناءا على شخصيته، أم بناءا على ماضيه، أم عن الأخوة بين من يركبون معا سيارة الآودي إي8؟.

يجوز غرس أوتاد في ارض صلبة، ولا يجوز أن تُسند برمال متحركة. ليس بيرس انفعاليا يصدق كل شيء يقوله له نتنياهو. فما الذي حدث هنا فجأة، ولماذا قرر أن يكون ناطقا متطوعا عن استقامة معوجة.

ما الذي قاله له نتنياهو عندما خلا له وجهه: هل وضع أمامه خريطة تسويته السرية والنهائية، أم اكتفى بذلك القول نفسه – "سترى بعدُ أنني جدّي، سأفاجيء".

هل أخبر نتنياهو بيرس بنيته الاستمرار على البناء في المستوطنات، ورفض توسل اوباما من اجل تجميد آخر؛ وهل أخبره بأنه لن يُخلي أي بؤرة استيطانية غير قانونية، ولن يُحدد أي جزاء على السطو على الاراضي واحراق المساجد واشجار الزيتون؛ وهل أخبره بأنه يفكر في اشعال القدس ايضا – تهويد أحياء عربية، وطرد فلسطينيين من بيوتهم، وأن يسُّن الآن خاصة قانون تفضيل وطني لا يفرق بين شرقي المدينة وغربيها.

هل أخبره في صراحة أنه قد بت أمر أن يشترط التفاوض باعتراف فلسطيني باسرائيل على انها "دولة يهودية"؛ وهل أخبره بأنه لن يتخلى عن شركائه الطبيعيين – ليبرمان ويشاي وهرشكوفيتس – ولن يؤلف ائتلافا آخر؛ وهل أخبره سرّا – وحده فقط – بأنه يرى عمال مناجم فحم محتجزين في مكان ما، يثيرون العطف في أنحاء العالم كلها.

أخبره أم لا – يحسن أن نعلم: هل كان الفائز بجائزة نوبل للسلام شريكا على عِلم أم على غير عِلم بسرقة الرأي والخصاء والخداع.

إن الرئيس شخص خبير ذو تجربة، ولا أحد مثله يصدق وعودا من خارج الشفة. فمن ذا لُذِّع مثل بيرس وكان يجب عليه أن يحذر: فنتنياهو لا غيره هو الذي دفن اتفاقات اوسلو، ويتظاهر بأنه يفاوض ويوقع على اتفاق واي، الذي عوّقه في الحال ايضا.

نتنياهو، ولا أدري كيف نقول ذلك، ليس معروفا بمواطأة قلبه للسانه؛ فليس هذا هو الجانب القوي في شخصيته. فما الذي دفع مع كل ذلك الرئيس الى أن ينشر على الملأ بشارة رئيس الحكومة، وكأنه صاحب دعاية يسير بين يديه، أو حامل أدوات يتخلف وراءه؛ لماذا استصوب أن يمنح من كانت حياته كلها سحبا على المكشوف، اعتمادا غير محدود.

ربما يوافق بيرس على بيان الأمر العجيب. غدا، في الميدان ستكون الفرصة ملائمة.