خبر أعضاء مقطعة وأشلاء متناثرة..مشاهد حرب غزة العالقة في أذهان أطفالها

الساعة 10:22 ص|28 أكتوبر 2010

أعضاء مقطعة وأشلاء متناثرة..مشاهد حرب غزة العالقة في أذهان أطفالها

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

مازالت ذاكرة الطفل ترسم تلك اللحظات العصيبة التي شهدها الطفل عبود نجم (8 سنوات) عندما رأى بعينيه منظر شهيد تقطعت أعضائه في اليوم الأول للقصف الصهيوني في حرب غزة الماضية.

فعبود الذي يقطن مدينة خانيونس، أبت عيونه إلا الإفصاح عن حزنه وخوفه من الحديث المتكرر عن حرب جديدة، حيث يتذكر المواقف والأحداث المأساوية التي حدثت لأطفال غزة إبان الحرب.

وفي هذه الأيام تعود الذاكرة للوراء، خاصةً مع التحليق المكثف لطائرات الاحتلال في أجواء مدينة غزه ومع زيادة التخوف والترقب بنشوء حرب جديدة تجولت "فلسطين اليوم الإخبارية" بين أزقه وأحياء القطاع لتنقل آلام أطفالها وذكرياتهم المريرة رغم مرور مايقارب ثلاث سنوات على الحرب.

قصة الحرب بلسان طفل

الطفل عبود ببراءة الطفولة وبعقليته الصغيرة يسرد لنا بداية حرب غزه ويقول :"لما كنا بالصف الأول كنا بالصف بنمتحن بعدها  الطيارة وهي ماشيه أطلقت صاروخ على المدرسة وكسرت الشبابيك.

ويضيف:"هجم الييهود على القطاع وقتلوا الشعب الفلسطيني ودمروه وحرمونا من اللعب والدراسة".

وفجأة تغيرت ملامح وجه عبود لحزن وتأثر حيث استذكر حادثة مازالت عالقة في ذهنه، فقال:" تذكرت لما اليهود قصفوا عائلة السموني بكيت عليهم  وتأثرت بالمشهد وحلمت فيه عند نومي ليلاً".

حرب غزة التي ارتكبتها حكومة الاحتلال في 22 يوماً خلال الفترة من 27 ديسمبر وحتى 18 يناير 2008خلفت 1417شهيدا 65% مدنيين 313طفلا و116امرأه وفقا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

ومازالت تلقى تداعيات حرب غزه بظلالها الكارثية على القطاع فبعد أن التهمت نيرانها الأخضر واليابس وخلفت مئات من الشهداء وآلاف الجرحى والمعاقين كانت لها توابع ومخلفات مازالت ترمي بظلالها على شعب غزه خاصة أولئك الأطفال الذي تركهم أهاليهم وارتقوا شهداء

ففي دراسة أعدها الدكتور إياد السراج مدير مركز غزة للصحة النفسية ذكر أن 30% من أطفال عزة بدأت تظهر عليهم أمراض نفسية.

ما بعد الحرب

أ. جميل الطهراوي المختص بعلم الاجتماع وصف في حديث لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، مايحدث للأطفال من تكرار تذكرهم للأحداث التي مروا بها بالحرب بأنها (كرب مابعد الصدمة) فبعد انتهاء الحدث تظهر الأعراض النفسية ويتمثل في تكرار الحدث في صور تكراريه ودوريه تصاحبها انفعالات تشابه القديمة وقت الحرب مفسرا ذلك بارتباط هذه الانفعالات بصدمات كبيره تجعله يعيش الألم مرات ومرات

وعن صور الأعراض التي تظهر على الطفل يخبرنا الطهروي بأنها تتمثل بان يصبح الطفل سلوك تجنبي يبعد عن المكان والناس المرتبطين بالحدث ليصبح انطوائيا يخشى من أي شئ يذكره معددا الأعراض بالكوابيس التي تحدث للطفل خلال نومه والتبول اللاارداي ليصبح غير قادر على ضبط نفسه ليلا

ويضيف على هذه الأعراض بأنه يظل ينتبه لأي صوت آو طائره محلقة خصوصا في هذه الأيام يكثر تحليقها في سماء المدينة بشكل قريب ومنتشر فيظل التخوف من حدوث قصف أو حرب ملازم

ويؤكد الطهراوي على ضرورة ملاحظة الأهل لأبنائهم وللأعراض ولو زاد الأمر وتكررت أعراض الخوف والانسحاب لديه فعلى الأهل الذهاب لمختص وطلب الإستشاره منه.

برامج الدعم النفسي

أما بخصوص كيفية تعامل الأهل مع الأطفال أثناء وبعد الحرب يطالب الطهراوي الأهل بإعطائهم العطف والحنان والعمل على إشراكهم بنشاطات ترويحية واجتماعيه لينشغلوا عن التفكير في الحرب مؤكدا على ضرورة عمل برامج دعم نفسي من كافة مؤسسات المجتمع بصفه متكررة للأطفال المتضررين خصوصا خلال الحرب على غزة.

وهو ما أشار إليه الأخصائي الاجتماعي أ:زياد أبو شمالة والذي يعمل بوزارة التربية التعليم في حديث خاص لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، بأن برنامج الدعم النفسي والذي نفذته وزارة التربية والتعليم بعد الحرب مباشره على أطفال قطاع غزة متمثلا بعدة نشاطات من بينها التمثيل (والسيكودراما)والإرشاد باللعب والفن والرسم.

وأوضح لنا أن الرسومات التي كان يرسمها أطفالنا كانت تعبيرا عن مشاهد الحرب الأخيرة فمثلا احد الأطفال رسم طائرة  f16تقصف منازل المواطنين ورسمه أخرى لدبابة تقصف ومقاومة تواجهها وهو مايعكس مامروا به من مآسي وقصص عايشوها أيام الحرب

 

وعن تعامل الطفل مع الواقع الفلسطيني بين لنا بان الطفل الفلسطيني يولد فيجد نفسه تحت احتلال أجبره أن يعيش عيشة الكبار ويحيا بعمر اكبر من عمره ويتأقلم مع واقعه موضحا بأنه لم يعش الطفولة والرفاهية كغيره من الأطفال فمثلا لم يوفر له متنزهات ووسائل ترفيه كافيه حتى ألعابه تميل  للألعاب القتالية العنيفة.

وعن انعكاس واقعنا على حياة أطفالنا وتفكيرهم يقول: "حياتنا وواقعنا خلق جيل أكبر من عمره فمنذ النكبة الفلسطينية والحروب التي خاضها الفلسطينيون والعدوان الإسرائيلي الأخير له دور بجعل أطفالنا يميلون إلى الانتباه والملاحظة أكثر من غيرهم "