خبر صديقة السعودية.. هآرتس

الساعة 09:10 ص|27 أكتوبر 2010

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: إن صفقة السلاح الضخمة بين الولايات المتحدة والسعودية لا تجعل السعودية تنفذ إملاءات امريكا. في لعبة السيطرة على العراق ولبنان، أصبحت علاقات السعودية بطهران أهم عندها من علاقتها بالولايات المتحدة - المصدر).

"ليست ايران هي العدو، اسرائيل هي العدو"، قضى رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في السعودية في مقابلة صحفية مع شبكة "الجزيرة". كان هذا جوابه عن سؤال هل صفقة السلاح الضخمة التي وقعت بين السعودية والولايات المتحدة (بـ 60 مليار دولار) مخصصة لردع ايران. إن الجُهد الامريكي لعرض الصفقة على أنها موجهة لايران لا يستوي والموقف السعودي، ويبدو أن ليست واشنطن والرياض لا تتفقان على الرأي في هذه المسألة فقط.

حادث رئيس ايران محمود احمدي نجاد الملك عبد الله مرتين في الاسبوع الماضي، بل أبلغت ايران أنه سيأتي الى الرياض قريبا مندوب ايراني رفيع المستوى، وليس واضحا الى الآن هل الحديث عن وزير الخارجية، منوشهر متقّي، أم عن مستشار الأمن القومي سعيد جليلي. الحِراك النشيط بين ايران والسعودية لا يتعلق خاصة بصفقة السلاح الكبيرة ولا ببرنامج ايران الذري ايضا. فقد خلصت الدولتان الى استنتاج أنه يجب عليهما التوصل الى تفاهم على شأنين يقسمان مجال تأثيرهما في المنطقة وهما العراق ولبنان.

في كل ما يتعلق بلبنان، تحاول ايران اقناع السعودية بأن تؤيد الموقف الذي يدعو الى وقف نشاط المحكمة الدولية في موضوع مقتل رفيق الحريري، لمنع انهيار النظام في الدولة. تخشى ايران حقا على مكانة حزب الله لكنها لا تريد ايضا أن تصل لبنان الى انهيار مطلق أو الى حرب أهلية لا يمكن ضمان نتائجها. في هذا الشأن لا يجب على طهران أن تجتهد كثيرا كي تحرز موافقة الرياض. تأكد من هذا في الاسبوع الماضي جيفري بلاتمان – مساعد وزيرة الخارجية الامريكية في شؤون الشرق الاوسط والذي كان سفير الولايات المتحدة في لبنان – زمن زيارته للرياض. ففي لقاء بينه وبين الملك عبد الله حاول الملك أن يفحص ماذا سيكون موقف الولايات المتحدة من وقف نشاط المحكمة الدولية. بحسب مصادر عربية، "غضب بلاتمان بضبط للنفس"، وأوضح للملك أن الولايات المتحدة تقف في تصميم من وراء المحكمة.

التصميم الامريكي كرامته محفوظة، لكن اذا قرر الزبون الذي يوشك أن يدفع الى الولايات المتحدة 60 مليار دولار أن وقف نشاط المحكمة – التي أُجل موعد نشر لائحة اتهامها في اثناء هذا الى شباط وربما الى ما بعد ذلك – حيوي للحفاظ على لبنان، فلن يكتفي بمشاورة الامريكيين. سيستعمل وزنه كاملا.

كل ما يحدث في لبنان – ولا يمكن اتهام السعودية بأنها لم تؤيد ولم تدفع الى انشاء المحكمة الدولية – ليس مقطوعا عن مصالح اقليمية اخرى، تتصل هي ايضا بالسعودية وبايران. إن السعودية – التي أنفقت ملايين الدولارات على حملة انتخابات اياد علاوي في العراق وأسهمت بذلك في فوزه، وإن يكن ذلك بفرق مقعدين في مجلس الشعب، بالنسبة لنوري المالكي – عالِمة بأن احتمال أن يُنتخب لرئاسة الحكومة أخذ يتلاشى. أجرى المالكي خصمه، رئيس الحكومة السابق، في الاسبوعين الماضيين حملة لتجنيد تأييد في سوريا وتركيا وايران ومصر. ويحاول إقناع جارات العراق بأنه رئيس الحكومة المناسب لكن هذا غير كاف. يجب عليه كي يفوز أن يقنع خصومه في الداخل بالتخلي عن مطامحهم الى أن يكونوا رؤساء حكومة العراق وأن ينضموا اليه.

إن طهران، التي أدركت أن خططها من اجل انتخاب ابراهيم الجعفري لرئاسة الحكومة لن تنجح، "أقنعت" مقتدى الصدر، الذي يسكن في ايران الآن ويستكمل دراسته الدينية، بأن يؤيد المالكي. ليس رئيس الحكومة السابق هوى ايران بالضبط، ولا سيما بعد أن اتهمها وسوريا بالمشاركة في الارهاب. وليس الشريك الطبيعي للصدر ايضا الذي يسيطر على 39 مقعدا من 325 مقعدا في البرلمان؛ وما يزال هذا الأخير يحقد عليه أن جيش العراق خرج بتوجيه منه الى حرب دامية لقواته واعتقل كثيرا من مؤيديه ما يزال فريق منهم في السجن. لكن الضغط الايراني زاد، ووافق الصدر على اعلان تأييده للمالكي. لكن المالكي لن يستطيع مع هذا التأييد ايضا انشاء ائتلاف دون أن يضم اليه كتلة واحدة اخرى على الأقل، كتلة الأكراد أو علاوي. ومن هنا ايضا تأتي حاجة ايران الى تجنيد السعودية، كي تحاول هذه إقناع من ترعاهم في العراق، ولا سيما علاوي، بالانضمام الى الائتلاف أو عدم العمل ضده على الأقل. السعودية من جهتها غير مستعدة لبذل هدايا بالمجان لايران، لكنها لا تريد ايضا أن تخسر كل الخزانة العراقية. وكما هي الحال في لبنان، تعرف السعودية بأنها في موقف منحط نسبيا عن موقف ايران، وكل ما تستطيع فعله في هاتين الدولتين أن تمنع فقط التأثير الايراني وحده. وفي هذا يجري الآن التباحث بين السعودية وايران، وهو تباحث تريد السعودية في نطاقه تقاسم مجال التأثير في العراق ولبنان مع ايران.

ما يثير الاهتمام انه غاب عن هذه الاجراءات جهة ذات أهمية هي الولايات المتحدة. تريد واشنطن أن تدفع قُدما بعمل المحكمة الدولية في شأن لبنان، وأن تلقي تهمة قتل الحريري على حزب الله، وأن ترى اياد علاوي رئيسا لحكومة العراق وان تكبح تأثير ايران في المنطقة. يبدو في خلال هذا أن الحديث عن مطامح مفرطة. فقد غدت اللعبة الحقيقية في أيدي قوى محلية، ترسم الخريطة الاستراتيجية للمستقبل والتي ستُعرض على أنها حقيقة خالصة على واشنطن.