خبر نهاية أوسلو- هآرتس

الساعة 11:24 ص|25 أكتوبر 2010

نهاية أوسلو- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

ماذا كان يكون مصير اتفاق اوسلو لولا قُتل اسحق رابين في ميدان المدينة في الرابع من تشرين الثاني 1995؟ أكان ينجح في التغلب على المعارضين في الداخل والوفاء بالتزام التوصل الى اتفاق دائم في الألفية السابقة؟ أكان يُغير موقفه من تقسيم القدس، كما غيّر اتجاهه على نحو مفاجيء فيما يتعلق بالتفاوض مع م.ت.ف؟ وهل كان الفلسطينيون ينجحون في تبني حل واقعي لمشكلة اللاجئين؟ من المؤسف جدا أن هذه الاسئلة ستظل خفيّة الى الأبد. مهما يكن الحال، طوال الخمس عشرة سنة التي مرت منذ وقع القتل، أصبح اتفاق اوسلو جهازا بغيضا لتخليد الاحتلال.

حان وقت أن يعلن الفلسطينيون موعد انتهاء أجَلِه. اذا لم يُحرز الاتفاق الدائم في غضون سنة، في الأكثر، فانه يجب على محمود عباس أن يعلن بأن الاتفاق باطل مُلغى.

في تشرين الاول 1991، عندما جرّت ادارة بوش الأب رئيس الحكومة اسحق شمير الى مؤتمر مدريد، وعد مساعِديه باطالة التفاوض عشرين سنة على الأقل. تنبأ ولم يعلم بما تنبأ. هل تنبّه شخص ما الى أنه قد انقضى في نهاية الاسبوع الاخير اثنتا عشرة سنة منذ كان "اتفاق واي"؟ كم منا يذكرون أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو (الذي كان الى جانب شمير في مدريد) وقع هناك، الى جانب توقيع رئيس الولايات المتحدة، بيل كلينتون، على التزام "أن يبدأ فورا مباحثات في الاتفاق الدائم على نحو عاجل قصدا الى احراز اتفاق حتى الرابع من أيار 1999؟". وقع اذا.

ومن يذكر انه في الرابع من ايلول 1999 وقع اهود باراك الذي كان رئيس الحكومة آنذاك، وياسر عرفات مذكرة قالت إن "الطرفين سيتفقان على اتفاق شامل في جميع القضايا الدائمة في غضون سنة واحدة بعد تجديد التفاوض على الصيغة الدائمة"؟. وقعا اذا. ومن يهمه انه في الخامس والعشرين من أيار 2003 أجازت حكومة شارون في ضمن ما أجازت مواد خريطة الطريق، والمادة التي تقول "إن الطرفين سيتوصلان الى الاتفاق الدائم الذي يُنهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في سنة 2005"؟. أجازت اذا. هل يهم أحدا في اسرائيل أن رئيس الحكومة اهود اولمرت التزم في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2007 في انابوليس بذل جهد ليُنهي التفاوض في التسوية الدائمة في غضون سنة؟ وفي الحقيقة لماذا يهم؟ فهو لم يعد إلا ببذل جُهد.

في الثامن من تموز أعلن نتنياهو في نيويورك، أنه يمكن التوصل الى اتفاق دائم في غضون سنة بعد بدء التفاوض. ومنذ ذلك الحين والاتفاق عالق بقضية البناء في المستوطنات واقتراح بيبي تبادل التجميد شهرين باعتراف فلسطيني (هل يمكن أن يكون لشهرين فقط؟) باسرائيل على أنها دولة الشعب اليهودي.

إن التفاوض العقيم، الذي يجهد نتنياهو لصبغه بصبغة دينية، جاء تعزيزا لقادة حماس. فمنذ سيّرت فتح، خصمها الكبيرة، الفلسطينيين في مسار اوسلو أخذ وضعهم يتدهور: فقد أُبعدوا عن 60 في المائة من اراضي الضفة (المنطقة ج) وعن شرقي القدس وفقد آلاف منهم اماكن عملهم في اسرائيل. أصبح الاتفاق الذي وقعه رابين قبل 17 سنة في واقع الامر ترتيب عمل لمقاولين فلسطينيين ومصدر رزق لمقربيهم.

في مقابلة ذلك، منذ سيطرت اجهزة أمن السلطة على الضفة الغربية وأخذت تساعد الجيش الاسرائيلي و"الشباك" في احباط العمليات، أصبح الاحتلال مريحا للجمهور الاسرائيلي أكثر. بل إنه أصبح مريحا أكثر مما كان في ايام "الاحتلال المستنير" التي سبقت الانتفاضة الاولى. فبفضل اوسلو، يحرس الفلسطينيون، ويسلب المستوطنون ويدفع المتبرعون. وفي خلال ذلك يستضيف رئيس الولايات المتحدة بيبي في البيت الابيض ويأتي وكلاء يهود من نيويورك يحتضنونه.

في صيف 2008، اقترح رئيس جامعة القدس، البروفيسور سري نسيبة، أن تعلن قيادة فتح بأننا اذا لم نتوصل الى اتفاق دائم حتى نهاية تلك السنة، فستنقض السلطة نفسها وتُعيد المقاليد الى اسرائيل. وستكون اسرائيل بحسب القانون الدولي ملزمة أن تعاود الاهتمام بنفسها بأمن جميع سكان المناطق ورفاهيتهم، كما فعلت في سني الادارة العسكرية الـ 27 التي سبقت اتفاق اوسلو. من المؤسف أن نسيبة كان على حق. ومن المؤسف أن هذه هي الطريقة الوحيدة لهز الاسرائيليين من وهم الوضع الراهن – القاتل الصامت للسلام.