خبر العالم العربي لا يتأثر .. هآرتس

الساعة 02:58 م|24 أكتوبر 2010

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: قدر أكبر مما ينبغي من المصالح، الاقتصادية والأمنية، تربط العراق ومعظم دول المنطقة بالولايات المتحدة من أن يكون بوسع هذه الوثائق التي تصف واقعا كان معروفا في معظمه، أن تؤدي فجأة الى قطيعة بين المنطقة والولايات المتحدة - المصدر).

        "في ضوء الحقائق الجديدة التي انكشفت في الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليكس" أدعو الولايات المتحدة الى أن تخرج على الفور قواتها من العراق وتُقدم الى المحاكمة مرتكبي جرائم الحرب التي ارتكبها جنودها بحق المواطنين العراقيين"، لا، مثل هذه الدعوة من رئيس الوزراء العراقي أو خصومه لم تنطلق أمس. السعودية هي الاخرى لم تعلن عن الغاء صفقة السلاح الهائلة بحجم 60 مليار دولار، محمود عباس لم يبشر بنهاية الوساطة الامريكية بسبب ما انكشف أمس، والباكستان لن تتخلى عن مساعدات بمقدار ملياري دولار من القوة العظمى المسؤولة ايضا عن موت مواطنين باكستانيين.

        شبكات التلفزيون ومواقع الانترنت العربية اكتفت أمس بتقرير مفصل عن مضمون الوثائق، أما محللوها فأشاروا، بعدم اكتراث تقريبا، الى أنه لا جديد في هذه المعلومات. المواطنون العراقيون عرفوا منذ زمن بعيد ما ورد في الوثائق. المعلومات عن دور ايران وحزب الله في الحرب في العراق نُقلت في الماضي في الصحف العربية بل وعدد الضحايا المدنيين في الحرب، الذي يرد في الوثائق، لا يعتبر معطى نهائي ودقيق. تقدير السلطات العراقية والمحللين العرب هو أن الحديث يدور عما لا يقل عن عدد أكبر بـ 50 في المائة على الأقل من ذاك الذي تذكره الوثائق.

        يبدو أن معركة الصد الكبرى ينبغي لواشنطن أن تديرها أساسا في الرأي العام الامريكي، أكثر بكثير مما في الرأي العام والانظمة في الدول العربية. أصحاب التجربة في كشف قضية التنكيل في سجن أبو غريب، في تقارير سجناء غوانتنامو الذين أفرج عنهم على مدى السنين، في رزمة الوثائق الاولى التي انكشفت عن نشاط الجيش الامريكي في افغانستان وفي التقارير في وسائل الاعلام العربية، سيكون من الصعب اصابة القيادة في العراق والجمهور العربي بشكل عام بالصدمة من سلسلة الجرائم التي نفذت في حرب العراق.

        منذ الان، قبل أن تبدأ موجة التحليلات واستيعاب المعطيات، يسارع المحللون الى الاشارة بالذات الى الخطر الذي في تدخل ايران في العراق، والى أن رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يجتهد الان لتشكيل ائتلاف يؤيد قيادته، كان شريكا في اعمال القتل، وليس الى الخطر الذي يكمن في فقدان مكانة الولايات المتحدة في المنطقة.

        قدر أكبر مما ينبغي من المصالح، الاقتصادية والأمنية، تربط العراق ومعظم دول المنطقة بالولايات المتحدة من أن يكون بوسع هذه الوثائق التي تصف واقعا كان معروفا في معظمه، أن تؤدي فجأة الى قطيعة بين المنطقة والولايات المتحدة. في الوضع السياسي في العراق الذي لا تكون فيه حكومة حتى بعد ثمانية اشهر من الانتخابات، وتكون ايران هي الجهة الاكثر تأثيرا على التركيبة المتوقعة للحكومة، فان الولايات المتحدة تعتبر في دول الخليج ذخرا حيويا كفيلا بأن يضمن أمن المنطقة. في الفترة التي تعلق فيها المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، وتكون فيها واشنطن وحدها تعتبر الجهة الوحيدة ذات المغزى التي لا تزال قادرة على الضغط على نتنياهو، ليس لدول كمصر، السعودية ودول الخليج مصلحة في المس بمكانتها كوسيط.

        ايران لا بد ستستغل التقرير، ولا سيما في كل ما يتعلق باتهام  الولايات المتحدة بارهاب الدولة، ولكن هي ايضا لها مصلحة في أن تدع الوثائق ترتاح كي لا تقف هي بذاتها في بؤرة هدف الدول العربية بسبب تدخلها في العراق. سيكون مشوقا أن نرى كيف سترد تركيا على هذه الوثائق واذا كانت ستصفها كجرائم حرب أو كارهاب دولة مثلما تتهم اسرائيل. وبمناسبة اسرائيل، يمكنها أن تكون راضية عن "بوليصة التأمين" التي تمنحها إياها هذه الوثائق في وجه شجب مستقبلي لافعالها في المناطق. فاذا كان مسموحا للولايات المتحدة – فما بالك لاسرائيل.