خبر أحمدي نجاد: خطِير- إسرائيل اليوم

الساعة 09:32 ص|18 أكتوبر 2010

 

أحمدي نجاد: خطِير- إسرائيل اليوم

بقلم: يعقوب عميدرور

هاتفني صديق في الاسبوع الماضي وسألني هل يضايقني. أجبته، كعادتي مع الاصدقاء القدماء، أنه لن يضايقني ألبتة. أضاف، أجل لكن هذه مكالمة في منتصف الخطبة. أي خطبة؟ سألت متعجبا. وكان جوابه المفاجيء: خطبة الرئيس الايراني.

آنذاك أدركت في نهاية الامر مبلغ اعوجاج التصور السائد عن الشأن الايراني عامة ورئيس ايران خاصة. ليس رئيس ايران شخصا مهما لا في ايران ولا في لبنان. فرئيس ايران هو المنفذ لا الشخص الذي يحدد سياسة بلده. لم تُجدِ زيارته للبنان على أحد في لبنان ولا حتى على نصر الله، ولم تضر أحدا ولا حتى في اسرائيل. كان هذا اظهار قوة قُبيل نشر استنتاجات المحكمة الدولية التي يفترض أن تحدد هل وجدت أثر منفذي قتل رئيس الحكومة الحريري. يعرف نصر الله الحقيقة فالقتل نفذه رجاله. وكذلك يعلم احمدي نجاد الحقيقة نفسها، لأن الايرانيين يسيطرون على حزب الله، وما كان قتل كهذا ليتم دون موافقتهم. كذلك يعرف رئيس حكومة لبنان الحقيقة لانها معروفة لكل ولد في لبنان. قتل ناس حزب الله الحريري وقد يضر نشر الاستنتاجات بالمنظمة. هذا سبب زيارة احمدي نجاد للبنان في الاسبوع الماضي. فقد جاء الايراني كي يوحي الى العالم أن حزب الله لا يقف وحده، وأن المحكمة يجب أن تزن ايضا رد ايران على نشر استنتاجاتها.

والى ذلك كان في الزيارة شأن شخصي ايضا. فاحمدي نجاد يبحث لنفسه، على نحو شخصي عن عدة لحظات راحة. فهو لا يستطيع أن يحظى بها في ايران حيث يكرهه كثيرون، فسافر ليثمل بابتهاج الجمهور الشيعي في لبنان حيث يرونه قائدا مهما. يخطيء من يظن انه لا يوجد عند زعيم ايران أنا ورغبة في أن يحظى بالتكريم.

لكن من المهم أن نؤكد في الجوهر أن هذا لم يكن سفر زعيم منتصر، ولم يكن حضورا مصدره القوة، بل كان الحديث عن رحلة تنبع من ضعف في الداخل ومخاوف مما سيحدث في لبنان.

من المؤسف أن وسائل الاعلام الاسرائيلية أعطت الزيارة وزنا أكبر مما كان لها في الحقيقة. كانت العروض عروض تهريج بدائية ربما تحدثت الى قلب الجماهير المتحمسة التي اجتمعت في ارض الشيعة جنوبي بيروت وفي جنوب لبنان، لكن ليس لها أي أهمية عملية. ما كان داعٍ للاستماع اليها، وكان يمكن تخمين النص الذي سيُتلى في حماسة غامرة قبل أن يفتح احمدي نجاد فمه. لم يوجد أي جديد ولا يمكن أن يوجد فيها.

إن محاولة قول ان الزيارة ستفضي الى حرب مع اسرائيل أو حرب أهلية في لبنان تشير الى عدم فهم أساسي. يرى الايرانيون حزب الله أداة رد اذا هوجمت ايران. فلن يدعوا نصر الله يُهدر كل ما بنوه من اجله اذا لم يكن الحديث عن حاجة حقيقية. لهذا لم يوجد شيء من خطر الاشتعال إثر الزيارة، فالايرانيون كانوا سيمنعون كل اشتعال حتى لو كان أحد في لبنان يحلم بذلك. والى ذلك ليس من المؤكد بعد الدمار الذي خلفته هناك اسرائيل في اثناء حرب لبنان الثانية أن يوجد بين الطائفة الشيعية أحد يشتاق الى عرض مشابه. والى ذلك يعرف اللبنانيون أنفسهم السلعة. فهم عالِمون بنقاط الضعف ونقاط القوة عند حزب الله ولم يخطر ببالهم أصلا الخروج لحرب داخلية إثر الزيارة الهاذية. لهذا أحسن الفعل متحدثو الحكومة ووزراؤها بأن كادوا يتجاهلون الزيارة، فهذا هو الرد المناسب.

ليست المشكلة الرئيسة مع ايران ظهور رئيس ايران السخيف، بل مختبرات الذرة ومصانع التخصيب التي تُقرب ايران كل يوم الى القدرة الذرية. لن تعمل هذه في سرعة أكبر بسبب الزيارة والتصريحات المختلفة. ولن توقف ايضا إلا اذا استُعملت قوة حقيقية على ايران. ليس المفتاح في بنت جبيل بل يوجد المفتاح في واشنطن. كل محاولة ايرانية لصرف الأنظار الى لبنان هي محاولة لصرف الانتباه عن الشأن الرئيس.

لا يجوز أن تتبلبل اسرائيل، جارة لبنان. زيارة احمدي نجاد لا قيمة لها وكلامه انفعالي. إن سرعة دوران آلات الطرد المركزي في ايران هي التي تهدد اسرائيل والمنطقة والعالم. يفترض أن يقلق عدم تصميم الادارة في الولايات المتحدة، وكذلك عدم رغبة حكومتي الصين وروسيا في العمل بحزم على ايران، أن يقلق طالبي الخير والاستقرار في المنطقة، لا خطب الرئيس الايراني. لا يجوز لنا أن نُبلبل في هذا الشأن.