خبر صفر عربي نافر لمواجهة يهودية الدولة ..نزار السهلي

الساعة 09:11 ص|16 أكتوبر 2010

صفر عربي نافر لمواجهة يهودية الدولة  ..نزار السهلي

باستثناء منح فرصة للإدارة الأمريكية، بإيجاد وتهيئة مناخ جديد،لإعادة إطلاق المفاوضات المباشرة، لم يرشح عن القمة الطارئة في سرت أي جديد، في الملفات التي أعلن مسبقاً أنها ستخضع للنقاش، ومن جديد دخل العمل العربي في سباته المعهود، مع الفشل الذي خرجت به القمة، يصبح شعار تفعيل العمل العربي المشترك، وبند العلاقة مع دول الجوار"إيران وتركيا" مرحل إلى القمة المقبلة مع الكثير من القضايا التي بقيت حبراً على ورق، من دعم القدس لمواجهة التهويد، إلى فك الحصار عن غزة، إلى الاستيطان الذي يلتهم كل شعارات السلام الجوفاء، استبدلت بدعم عربي لأمريكا، لتبحث لهم عن مناخ جديد.

 

وأهم ما ظهرته قمة سرت، هو دعم الجهود الأمريكية، ومنحها فرصة شهر لإيجاد مخرج ملائم للأطراف المتفاوضة بعد فشل، إقناع "إسرائيل" بتجميد الاستيطان لمدة شهر، فكيف يمكن في غياب العمل العربي المشترك.

 

دعم الشعب الفلسطيني ورفع الظلم والحصار والعدوان عنه، واستبدال كل تلك الشعارات بتامين حضور قوي للجهود الأمريكية، الضاغطة باتجاه العرب والفلسطينيين، لإبداء المرونة المنحنية أمام سيل العدوان والتعنت الإسرائيلي، فيما الجهد الأمريكي منصب على إرضاء وإبقاء التفوق النوعي ل"إسرائيل" من خلال رسائل التطمين السخية، على المستوى العسكري والسياسي والاقتصادي، فرسالة الضمانات الأمريكية ل"إسرائيل" محتوية على توفير التفوق الأمني بصفقة الطائرات من نوع f35 ، وتعهد أمريكي بإفشال أي مشروع قرار في مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطينية، فمزق العرب والفلسطينيين ورقة التلويح بمجلس الأمن، وبدت الخيارات العربية والفلسطينية، خاضعة ومذلة، أمام استمرار العدوان الإسرائيلي، الذي تثبته للشعوب العربية في كل مناسبة وبعد كل قمة.

 

رد لم يتأخر

 

الرد الإسرائيلي جاء سريعاً على قمة سرت، وصادقت الحكومة الإسرائيلية، على مشروع "قانون الولاء" الذي يستهدف الفلسطينيين الصامدين فوق أرضهم منذ ما قبل "قيام إسرائيل" وبعد فرض النكبة عليهم.

 

ينظر الفلسطينيون، اليوم إلى جملة القوانين العنصرية التي تصيغها المؤسسة الصهيونية بمخاطر كبرى تنتظرهم، بدءاً من فرض الولاء للصهيونية، وانتهاءً بفرض نكبة جديدة عليهم، وإخراجهم من دائرة الصراع مع ملفات أخرى تتعلق بالقدس واللاجئين والحدود والأمن.

 

الفاشية التي تحيط بالسياسة الإسرائيلية، وحكومتها العنصرية، واللعب بتوليفة الأحزاب، يمينية أو يسارية تنم عن انتهازية مطلقة ذات لون واحد من العنصرية التي يتم التعاطي معها مع أصحاب الأرض الأصليين وهي ذات السياسة المتبعة، مع الطرف الفلسطيني المفاوض، ومع الجانب العربي، الذي تقدم له "إسرائيل" خطاباً موحداً، تترجمه مجموعة الاعتداءات، التي تصيغها المؤسسة الصهيونية، ضمن سياسة ضمنت ل"إسرائيل" المركز المتقدم لتهديد امن المنطقة والعالم، فالكارثة القادمة من منبع الفاشية والعنصرية، تهدد الأمن والسلم الدولي الذي يتشدق العالم الحر لإحلاله في المنطقة من خلال مساعي تجهضها "إسرائيل".

 

ويمكن اعتبار، أنه من بعد كل مفصل تاريخي، يحدد فيه الجانب العربي والفلسطيني أدوات المواجهة والبدائل العاجزة له، يصبح سلوك "إسرائيل" أكثر سهولة في طريق العدوان، ويتيح ل"إسرائيل" مواصلة، إدراج ما كان محظورا في السياسة الانتهازية ل"إسرائيل"، موضع التنفيذ، وبالنظر إلى القضايا المدرجة على طاولة التفاوض نجد أن سكان البلاد وأصحابها خارج المعادلة مع القدس واللاجئين، وعلى العكس تماماً توغل "إسرائيل" في رسم سياسة قائمة، على جعل شعار يهودية ونقاء "إسرائيل"، من كل ما هو غير يهودي، من خلال عمليات التهويد وسرقة التاريخ والتراث العربي والإسلامي لسكانها، وعبرنه أسماءها، والسطو على الآثار وطمس كل أثر يشير للوجود العربي قبل قيام "إسرائيل" بآلاف السنين، ومع الفشل المستمر بالوصول للهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى والقدس.

 

إن نمط السلوك العام، الذي تنتهجه الصهيونية بشكل مؤدلج، ذو مرجعية تلمودية تستند إلى أساطير وخرافات حفرت في الوعي الصهيوني نظرية استلاب العقل لترسيخ "خرافة شعب الله المختار"، بينما تتم محاربة، الفكر القومي العربي والتاريخ والإرث الإسلامي، وكل مواجهة لعدوان "إسرائيل" ومؤسستها الصهيونية، على أنها تعاليم تحض على الإرهاب والكراهية ومعاداة السامية، وهو شعار تبنته معظم الدول العربية والإسلامية، للذود بنفسها من تهمة قد تلتصق بها، في الوقت الذي تسن "إسرائيل" مجموعة القوانين الفاشية، والتي تقود إلى ممارسة الإرهاب المنظم والقتل، والتطهير العرقي، وسرقة البلاد بكاملها، تحت مسميات مرتبطة بخرافات عجزت عن تسويقها في المنطقة العربية.

 

تدرك "إسرائيل"، أنه حتى بوجود الأقلية من أصحاب البلاد فوق أرضهم، فإن عدالة حقهم في قضيتهم الوطنية هي المؤرق لوجودها المصطنع والهش، وإن إشكالية هذا الوجود وهشاشته، تقتضي تنظيم وتسويق فلسفة أكثر عنصرية وفاشية، وإشاعة سياسة الترهيب والابتزاز، لثني عزيمة وإصرار شعب يحتفظ بحقه في مقاومة قوانين صادرة من محتل غاصب لا شرعية له.

 

غاصب يبحث عن شرعية من الضحية، برغم الغطرسة والقوة التي يمتلكها، إلا أن شرعيته الهشة، لا تحميها الطائرات والدبابات والمستوطنات وكل السياسة العدوانية التي شملت فلسطين التاريخية والمنطقة العربية، لن تجعله ينعم بطمأنينة مزيفة يدعيها وبديمقراطية ترتدي ثوب زاهي بألوان الفاشية والعنصرية.

 

تغرق "إسرائيل"، الجانب الفلسطيني والعربي بسيل جارف من العدوان، وتأخذ بوهم "السلام والمفوضات "الممسك بها الجانب العربي، إلى سكة لها طريق واحد تعبدها المؤسسة الصهيونية بكل وضوح، وكتبت على شاخصات الطريق كل مفردات العدوان البعيدة كل البعد عن وهم السلام المنتظر، بينما جعبة الفرص العربية والفلسطينية وخياراتها المحددة باتجاه البيت الأبيض وتل أبيب، سهلت من تنامي العدوان الصهيوني للأرض والإنسان العربي، وهو ما أظهر الخيارات الإسرائيلية الممعنة في تهويد الأرض والمقدسات أمام البدائل العربية والفلسطينية، المؤمنة بالسلام وبالمفاوضات بديلا عاجزا للمواجهة، والحديث الأتي بعد قمة سرت الطارئة، في القمة العربية الإفريقية الثانية، على تعزيز الشراكة والتعاون لمواجهة التحديات، فيما الشراكة والتعاون البيني بين دول العالم العربي مفقودة ومنعدمة أمام الخطر الرئيسي الذي يتهدد وجودهم، إلا إذا اعتبر واقع الحال العربي من خلال تكريس القطرية الضيقة، التي يؤمن بها النظام الرسمي العربي كبوابة للخلاص من كل تبعات "القضية المركزية" التي يتغنى بها في كل مناسبة، وأصبح اللهث خلف الشريك الجديد "إسرائيل" هو الضامن والكفيل باستمرار النظام الرسمي العربي بحيث أصبحت شعارات، التضامن والعمل المشترك، تخص الحدود البعيدة للعالم العربي، ومنعدمة فيما بين دوله، والرهان المستدام على أمريكا هو طريق الخلاص لها، لقد أضاع العرب كل الفرص، التي تعيد لهم كرامة أذلتها آلة العدوان الإسرائيلي، وصحوة عربية ليست في طريقها للتحقق.

 

وإذا كان السؤال والجواب المتعلق، بما الذي يجبر "إسرائيل" للإذعان للحق العربي، أمام حالة فلسطينية وعربية منحدرة ومستلقية أمام الراعي الأمريكي، وصمت عربي من عدوان مستمر، فالجواب لا شيء وصفر الفعل العربي لن ينتج إلا مزيد الاصفرار التي توازي الفعل والشعار العربي والفلسطيني المنهمك في لعق المواقف ولحس الشعارات.

 

صفر السياسة العربي

 

المأزق المتجدد الذي يدخله العمل العربي المشترك، ورؤيته لدعم "قضيته" المركزية، ولوك الشعارات لن تنتج إلا أصفاراً في معادلة الصراع، والحسابات الفلسطينية والعربية في بنك الأهداف الإسرائيلية لن تزيد إلا رصيد العدوان المستمر على الأرض، فقضية الاستيطان وتجميده، ليست هي المشكلة، إنما عدم فرض المطلب الفلسطيني والعربي بتحرير الأرض ورحيل المحتل من كل الأرض العربية هي المأزق، والإشكالية التي فرضها، الطرح الفلسطيني والعربي، هو خضوع الحقوق الفلسطيني والعربية للمساومة الإسرائيلية والأمريكية، التي تدفع باتجاه القبول بما يمنحه الإسرائيلي على الجانبين العربي والفلسطيني، الذي يعتبره إيجابي في تصريحاته وشعاراته الممجوجة.

 

بدائل العرب المطروحة، في كل القمم هي بدائل عاجزة ومكررة، أنتجت خيارات إسرائيلية متاحة، للإيغال في العدوان والسيطرة، وتهويد الأرض والمقدسات، فالذي يمتلك الخيارات هو من يسيطر على الأرض، ومن يمتلك البدائل، هو من يمتلك الشعارات البديلة التي ترد على القوانين العنصرية وعلى القتل والدمار والحصار والقهر وعلى ضياع القدس وحق اللاجئين في العودة إلى أرضهم، فأية بدائل يقدمها الفلسطيني المفاوض والعربي الداعم للحق الفلسطيني لمواجهة الميركافا والجرافة والطائرة الإسرائيلية، غير الوقوف أمام عدسات التلفزة وميكروفونات صمت آذان الشارع العربي، وأعمت عيونه غبار العدوان المتواصل.

 

بيانات القمم العربية، و المواقف المنددة بالعدوان كثيرة وتلقى القبول والاستحسان من "إسرائيل" وأمريكا والغرب طالما كانت خالية من كل فعل يشير لدعم المقاومة التي بها ومن خلالها خلاص الأرض والإنسان من المحتل.

 

كاتب فلسطيني