خبر ساعة باراك..هآرتس

الساعة 04:53 م|03 أكتوبر 2010

بقلم: أمير اورين

اهود باراك خرج من غرفته في مكتب نائب رئيس الاركان، دخل المكتب المجاور وأشرك نزلائه المتفاجئين بأفكاره. كان هذا في نهاية ربيع 1990، بعد الاعتزال الاضطراري لوزير الدفاع اسحق رابين، الى جانب زعيمه في حزب العمل شمعون بيرس. رئيس الوزراء، اسحق شمير، كان ايضا وزير الدفاع منذ ثلاثة اشهر، شمير لم يكن يحب باراك، المرشح الرائد لرئاسة الاركان في عهد رابين، وفضل عليه خصميه، امنون ليبكين شاحك ويوسي بيلد. باراك جلب أنباءا وها هو موجزها.

        "ميشه آرنس سيكون وزير الدفاع"، قال باراك، ثلثه للجمهور وثلاثة ارباعه لنفسه (عنده الحساب كان مرتبا). وبينما كان مستمعوه يهضمون البشرى، انتقل باراك للحدث عن زوجة الوزير المرشح. "موريال. من أنتِ، يا موريال؟ ماذا نعرف عنك، يا موريال؟ ومن يعرفك، يا موريال؟ من يعرف من يعرفك، يا موريال؟".

        موريال آرنس، ليست سارة نتنياهو. من يعرف الزوجين آرنس كان بوسعه ان يقول لباراك بأن لا أمل في أن تتدخل عقيلة الوزير أو تؤثر على تعيين رئيس الاركان، غير انه في ذات اللحظة كان باراك يكاد يكون يائسا وهو الذي يركز على المهمة، ذكي وابداعي، ولا يتردد في أي أحبولة كفيلة بأن تدفعه نحو الهدف. هكذا كان دوما، في مواضيعه الشخصية، وكيفما اتفق، كل هذه المزايا تتبدد عندما يتعين عليه أن يتخذ قرارات سياسية في الشؤون العامة.

        مثل هذا القرار الحاسم يوجد الان أمام باراك. عليه أن يقرر اذا كان يرغب في أن يبقى معاونا مطيعا لبنيامين نتنياهو، مرتزقا للجناح اليميني في الليكود، أم يصحو ليقود – حتى في الخروج من الحكومة – خطا من الاصرار على الأمر الأمني  الأساس.

        على كفتي الميزان توجد رزمة اوباما – اقتراح الرئيس بمنح اسرائيل جملة من الدعم الأمني والسياسي مقابل تجميد البناء في المستوطنات لشهرين آخرين – والمستوطنات. اختيار المستوطنات معناه تفجير المحادثات مع محمود عباس، وربما ايضا نهاية عباس، دعم امريكي لاقامة دولة فلسطينية مستقلة في غضون سنة حتى خلافا لرأي اسرائيل ومواجهة جبهوية مع براك اوباما.

        لوزير الدفاع، فما بالك لرئيس حزب العمل، الحسم يفترض أن يكون لازما من تلقاء ذاته. فهو يعرف بأن القيمة الامنية للمستوطنات سلبية، حتى لو أولى لها مساهمة أمنية، فهذه تتقزم مقابل الذخائر الأمنية التي قد تفقدها اسرائيل في التنكر الامريكي. كيف يشرح للجيش والمواطنين على ماذا جرى القتال؟ الخرائط التي رسمها باراك مع مبعوث نتنياهو، المحامي اسحق مولكو، تعكس هذا النهج. هكذا ايضا خطة "وجه آخر" التي صيغت في قيادة المنطقة الوسطى لاعادة الانتشار في المنطقة، مع تقدم المسيرة مع الفلسطينيين. غير أن ليس لهذا أي معنى حين يرفض نتنياهو، أسير المستوطنين، التحرك.

        من مثل نتنياهو عالِم بأنه في الانجليزية الكلمة التي تستخدم لتعني "التسوية" و "المستوطنة" هي ذات الكلمة (settlement). نتنياهو يتخلى عن تسوية النزاع من اجل النزاع على الاستيطان. وبدلا من الانتصار مع اوباما يريد نتنياهو أن ينتصر على اوباما. واضح أن اوباما يحتاج الى شهري التجميد، أي الى تأجيل ازمة المحادثات، كي يجتاز بسلام انتخابات الكونغرس بعد شهر، وواضح ايضا انه لذات السبب يتطلع نتنياهو الى منع هذا الانجاز عنه، على أمل أن يلتقي في منتهى الانتخابات اوباما أضعف في ضوء تعزز الجمهوريين في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، بل لعله ستكون الاغلبية في أيديهم.

        هذا اعلان حرب على الرئيس، الذي حتى لو أصيب فلن يستسلم. وستكون النتيجة كراهية لنتنياهو وللدولة التي يمثلها. وبتعبير أكثر عملية، سيتم الاعلان عن "اعادة تقويم"، تشبه تلك التي أخضعت في 1975 رابين وبيرس.

        تعيينه وزيرا للدفاع في حكومة نتنياهو مدين به باراك لرئيس الشركاء الطبيعيين لنتنياهو، افيغدور ليبرمان، الذي أزاح اعتراضه على ضم العمل بعد اربعة ايام من الرفض. لسنة ونصف عمل باراك لدى أسياده باخلاص. أما الان فان عليه أن يختار بينهم وبين معرفته ما هو الصحيح لاسرائيل. يمكنه أن يشتري عالمه في ساعة واحدة، وكذا أن يفقده.