خبر أتسمون هذا تجميداً؟- هآرتس

الساعة 10:31 ص|28 سبتمبر 2010

أتسمون هذا تجميداً؟- هآرتس

بقلم: درور أتكس

(المضمون: استمر بناء الوحدات السكنية في المناطق المحتلة برغم تجميد البناء الرسمي الذي أعلنته حكومة اسرائيل بحسب معطيات نشرها المكتب المركزي للاحصاء - المصدر).

        تصف الأرقام الرسمية التي يعطيها المكتب المركزي للاحصاء القصة وراء شهور التجميد العشرة هذه قصية يمكن تلخيصها بواسطة عدة نعوت، لكن من المحقق أن "التجميد" ليس واحدا منها. ليس ما حدث في الاشهر الاخيرة في افضل الحالات أكثر من انخفاض لا شأن له لعدد الوحدات السكنية التي بنيت في المستوطنات.

        تبين المعطيات التي تظهر في قوائم المكتب المركزي للاحصاء هذا الأمر بوضوح: ففي نهاية 2009 كان عدد الوحدات السكنية التي كانت تبنى بناء نشيطا في جميع المستوطنات معا 2955 وحدة. بعد ثلاثة أشهر، في نهاية الربع الأول من 2010، أي في نهاية آذار 2010، أصبح العدد 2517  وحدة. فالحديث اذن عن انخفاض بـ 400 وحدة سكنية في الحاصل – أي بنحو 16 في المائة من البناء كله في المستوطنات.

        إن أصوات الندب والأسى التي تصدر عن من يتحدثون باسم المستوطنين ممن "تباكيهم عملهم"، لا يفترض حقا أن تفاجىء أحداً. من الواضح انهم لم يكفوا عن التباكي أيضا عندما بنى لهم ايهود باراك "رئيس معسكر السلام" (أتذكرون؟)، 4700 وحدة سكنية في سنة 2000، وهي السنة الوحيدة التي تولى فيها كلها رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع.

        لكن الحقيقة أن المستوطنين يعلمون أفضل من الجميع أن ليس البناء في المستوطنات فقط قد استمر في الاشهر العشرة الاخيرة وبقوة، بل ان جزءا كبيرا نسبيا من البيوت بني في المستوطنات شرقي الجدار، مثل براخا، وايتمار، وعلي، وشيلا، ومعاليه نخماش، ومعون، وكرميل، وبيت حجاي وكريات اربع ومتسبيه يريحو.

        القصة الحقيقية التي تقف وراء استلال شأن العلاقات العامة الذي يسمى "التجميد" وقعت على العموم في الاشهر التي سبقت ذلك، والتي استعد في اثنائها المستوطنون، بمساعدة الحكومة استعداداً جيداً لشهور "القحط التجميدي" الذي فرض عليهم: في نصف السنة الذي سبق الاعلان بالتجميد، الذي بدأ في أواخر تشرين الثاني 2009، نجمت عشرات مواقع البناء الجديدة ولا سيما في المستوطنات المتفرقة والبعيدة نسبيا شرقي الجدار.

        هذا المعطى أيضا مصور جيدا في قوائم المكتب المركزي للاحصاء: ففي نصف السنة الأول من 2009 بدأ بناء 669 وحدة سكنية في المستوطنات، وكلما مرت الأشهر زاد معدل البناء. وبدأ في النصف الثاني من 2009 بناء ما لا يقل عن 1204 وحدات سكنية في المستوطنات. فالحديث عن زيادة بنحو من 90 في المائة على بدايات البناء قياسا بنصف السنة الأول.

        هذه هي خلاصة الخدعة الاسرائيلية وراء قصة "التجميد". كل ما بقي للساسة أن يفعلوه في الاشهر الاخيرة هو أن يدعوا في كل بضعة أشهر – بتعبير مليء بالمعاناة – فريق تلفاز، يصور كيف يهدم مراقبو الادارة كوخاً صفيح بائس بني بخلاف "أمر التجميد".

        اذا زدنا على هذه المعطيات حقيقة أن الحكومة أعلنت سلفا بأنها تنوي أن توافق في كل حال ودونما صلة بـ "التجميد" على بناء 600 وحدة سكنة في مستوطنات مختلفة، والفوضى والفساد في التطبيق اللذين يسودان على كل حال المستوطنات والبؤر الاستيطانية ويمكنان كل أحد من أن يبني أين ومتى شاء، فسنحصل على صورة غير سيئة لما حدث في الحقيقة في المستوطنات في الاشهر الاخيرة.

        إن الفلسطينيين من جهتهم لم يطلبوا تجميدا تاما للبناء حقا. طلبوا وبحق أن يقبل بمرة واحدة والى الابد الاعتراف بمبدأ عدم اجراء تفاوض في مستقبل المناطق في حين يستمرون في الوقت نفسه على قذفها بأطنان من الاسفلت والاسمنت واسكان مئات آلاف الاسرائيليين فيها. وعلى ذلك وافق الفلسطينيون على غض النظر عن البناء ما استمرت سياسة التجميد الرسمية لحكومة اسرائيل.

        إن من يعرف الواقع في الضفة، لا يفترض أن يفاجئه ما كتب ها هنا. لكن يبدو أنه يمكن في شأن واحد تعزية النفس مع كل ذلك وهو أن بنيامين نتنياهو ربما لا يحظى بجائزة نوبل للسلام، لكن من المحقق أنه قد يحظى بجائزة نوبل للفيزياء او الكيمياء على الاقل، باسم حكومة اسرائيل، التي بينت أنه بخلاف ما ظنه العلماء حتى اليوم، ليس الماء هو المادة الوحيدة التي يزداد حجمها بدل التقلص في وضع الجمود.