خبر الامتحان الوطني الكبير- يديعوت

الساعة 10:15 ص|26 سبتمبر 2010

الامتحان الوطني الكبير- يديعوت

بقلم: سيفر بلوتسكر

نشبت الانتفاضة الثانية في 28 ايلول 2000. استمرت نحوا من أربع سنين، وجبت نحوا من 2007 ضحية – منهم ألف يهودي قتلوا بارهاب – وأضرت اضرارا شديدا باقتصاد اسرائيل، وأضرت ضررا بالغا باقتصاد المناطق، وقتلت ياسر عرفات، ونقضت عرى مجتمع الفلسطينيين ولم تقدم حتى بمليمتر واحد مطامحهم القومية. وقد قوت اسرائيل في وجه العمليات، وزادت في أسهم حماس لكنها لم تبطل الاستعداد الاساسي عند اكثر الجمهور في اسرائيل للانسحاب من اكثر المناطق في مقابل تسوية سياسية – أمنية.

لا شك في أن رئيس الولايات المتحدة، براك اوباما، قصد الى دروس الانتفاضة الثانية، عندما توجه في الاسبوع الماضي داعيا الفلسطينيين في خطبته الصهيونية الواضحة (قال: "اسرائيل هي وطن الشعب اليهودي التاريخي") أمام الجمعية العامة لأمم المتحدة "الى فهم ان تحقيق حقوقهم سيحرز فقط بالطرق السلمية وبالمصالحة الحقيقية مع اسرائيل الآمنة".

في تلك الخطبة جعل اوباما احراز السلام الاسرائيلي – العربي مهمته الدولية من الطراز الأول. وهي مهمة ملحة ساخنة. ومعنى ذلك أن اسرائيل تقترب من قرارات حاسمة مصيرية من الأكثر حسما في تاريخها.

ما مبلغ استعدادنا لهذه القرارات الحاسمة؟ وما مبلغ اهتمامنا بها؟ أقل القليل. إن كارل فيك، مراسل المجلة الامريكية "تايم" في اسرائيل، أدرك المزاج الاسرائيلي العام الحالي في تقرير افتتاحي نشره قبل اسبوعين تحت عنوان "لماذا لا يهم السلام اسرائيل". وكان جوابه: لا يهمهم لأنهم يحييون حياة رخية، في غنى وسعادة، وفي بيئة نامية وفي مستوى عيش يرتفع، ومع عملة قوية ومحاطون بثقافة فوارة. وقد ظل الاحتلال والفلسطينيون والمستوطنون من وجهة نظرهم وراء الجدار. اذا كان يصعب على الاسرائيليين النوم فليس ذلك بسبب تصريح أبي مازن بل بسبب تدهور التربية وازدياد الجريمة.

سواء كانت تشخصيات مراسل مجلة "تايم" دقيقة كلها أم في جزء منها، فانها تعبر كما ينبغي عن الشارع الاسرائيلي في نهاية صيف 2010. وهو يشبه كثيراً الشارع الاسرائيلي قبل عقد في نهاية صيف 2000. فآنذاك، كما هي الحال اليوم انتشينا بالهدوء الأمني، والنمو الاقتصادي الأسرع في الغرب – بمعدل سنوي بلغ 9 في المائة – وبموجة سياحة. وآنذاك، كما هي الحال اليوم، اتكلنا على نمو الاقتصاد الفلسطيني الذي كان يفترض أن يقتلع بمرة واحدة والى الابد من الوعي الفلسطيني فكرة الكفاح المسلح.

هذا لا يصدق، لكن قبل عقد خرجت حافلات مليئة بالاسرائيليين من تل أبيب الى الكازينو في أريحا الذي كان تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة، دون خوف من عملية. وقام عشرات الآلاف من الاسرائيليين بشراء مشترياتهم من الأسواق في رام الله وطولكرم. وخطط مستثمرون من الخليج لأن ينشئوا هناك سلسلة مجامع تجارية للاسرائيليين فقط.

قبل رأس السنة بقليل في الـ 21 من أيلول 2000 تناولت العشاء بصحبة وزير الخزانة العامة آنذاك، بايغيه شوحط، في مؤتمر صندوق النقد الدولي في براغ. تحدثنا عن كل شيء (ولا سيما السياسة النقدية للمحافظ البروفسور يعقوب فرانكل، وعن المظاهرات على العولمة، وعن تحطم اليورو وعن انجازات الخزانة العامة التي أنهت سنة بلا عجز)، ما عدا امكان انتفاضة ثانية. لم يغط الأفق ظل ضئيل لهبة فلسطينية؛ صعد أريئيل شارون على جبل الهيكل بعد ذلك بأسبوع في الثامن والعشرين من ايلول سنة 2000.

عقد بعد الانتفاضة الثانية، والرأي العام الاسرائيلي خائب الأمل من اتصال المحادثات واللقاءات والمؤتمرات التي عنوانها "المسيرة السلمية" – وتنتهي الى انفجار. وكي نمتنع سلفا عن يأس آخر، كبت قضايا السلام في أعماق اللاوعي. لكن الكبت يقترب من نهايته. واليقظة قريبة.

سلوا في ذلك بيبي نتنياهو. إن رئيس الحكومة – الذي نجح في انشاء مودة نادرة مع رئيس الولايات المتحدة – ازداد جدية، وتجهما، وكف عن شغل نفسه بحماقات مثل "اغلاق الشرفات" ويوحي وجهه بثقل المسؤولية والحيرة الداخلية الممزقة. إن الخوف من الامتحان الوطني الكبير أصاب نتنياهو وسيصيبنا جميعا بعد قليل.