خبر أمستعدون للانتفاضة؟- هآرتس

الساعة 09:36 ص|22 سبتمبر 2010

أمستعدون للانتفاضة؟- هآرتس 

بقلم: يسرائيل شيرنتسل

مستشرق يدرس في جامعة تل أبيب، خدم في المخابرات حتى 2004

(المضمون: فشل 2000 – 2004 يكاد ينمحي من النقاش الجماهيري. لم تتشكل لجنة تحقيق مثلما حصل في حرب لبنان ان الاسطول التركي - المصدر).

        دهاء التاريخ وجهنا كي نكون مرة اخرى في مفاوضات مباشرة – بالضبط في الذكرى العاشرة لاندلاع الانتفاضة الثانية، التي نشبت بعد فشل قمة كامب ديفيد. هذه المرة ايضا بدأت اعمال ارهاب حماس، حاليا في يهودا والسامرة.

        مشوق أن نجري مقايسة شاملة بين ظروف صيف 2000 وبين عهدنا، ولكن في هذا الاطار سأركز على البعد الامني، على مسألة كيف ينبغي لاسرائيل أن تستعد لخطر اعمال ارهابية واسعة – انتفاضة ثالثة – في اثناء المفاوضات، وبالتأكيد اذا ما فشلت مرة اخرى.

        لنعد بالتالي الى الوراء، الى الشهرين الحرجين اللذين بين فشل مؤتمر كامب ديفيد واندلاع العنف على الارض. خطر العنف هذا لم يخفَ ابدا عن ناظر رئيس الوزراء في حينه (الذي هو اليوم وزير الدفاع)، وبقدر ما هو معروف فانه مع اتضاح فشل المفاوضات وجه الجيش الاسرائيلي والجهاز الامني للاستعداد لمواجهة محتملة. هذا الاعداد تم بالفعل، ولكن مشكوكا فيه اذا كان ترافق وجهد سياسي جدي مع القيادة الفلسطينية لمنع التدهور. برأيي، مع أن الفلسطينيين يتحملون اساس الذنب في التدهور الذي وقع بالفعل، الا انه يخيل أن الارادة الاسرائيلية للاثبات بان ياسر عرفات ليس فقط رد اقتراحات اسرائيل بل وايضا دفع نحو مواجهة مسلحة، كانت شديدة على نحو خاص. هل كان يمكن لسلوك اسرائيلي أكثر ذكاءا عشية اندلاع الانتفاضة أن يمنعها او يؤخرها؟ لا يوجد على هذا السؤال جواب قاطع، ولكن الشك مقلق بالتأكيد.

        في اختبار النتيجة تبين في حينه ان الاستعدادات العسكرية والاستخبارية لم تكن بكافية: ففي غضون عدة اشهر علقت اسرائيل في موجة ارهاب غير مسبوقة في حجمها، ومن ناحية عدد الاماكن التي تضررت يمكن أن نصفها بانها "حرب قلب المدن"؛ كانت حاجة الى نحو اربع سنوات، نحو الف قتيل، الاف الجرحى، حملة واسعة النطاق في المناطق، فعل كثير الانتباه من الجيش والمخابرات الاسرائيلية، بداية اقامة جدار الفصل ووفاة عرفات كي  تنخفض بالتدريج حجوم الارهاب وبعد ذلك القضاء شبه التام عليه. في اسرائيل يسود الميل للتباهي بهذا الانجاز وهو بالفعل انجاز حقيقي. ولكن الفشل الخطير لسنوات 2000 – 2004 كاد يمحى من البحث الجماهيري. فمثلا، لم تتشكل في حينه أي لجنة تحقيق، خلافا مثلا لحرب لبنان (التي كان حجم ضحاياها أقل بكثير) أو الاسطول التركي (حدث هامشي نسبيا، في النظرة العامة). كما أن رئيس الوزراء نجح في التملص من الاستيضاح الجماهيري الشامل عن مسؤوليته عن الوضع البائس الذي علق فيه مواطنو اسرائيل وان كان دفع لقاء ذلك ثمنا في انتخابات 2001.

        هل خطر الاشتعال قائم هذه المرة ايضا؟ للوهلة الاولى تعمل الان عدة عوامل يمكنها ان تقلص مثل هذا الخطر: التوقعات الفلسطينية من المفاوضات اكثر تواضعا، وعليه فان خيبة الامل من الفشل قد تكون ايضا اقل دراماتيكية؛ وعلى رأس القيادة الفلسطينية الحالية يوجد اناس عارضوا في 2000 ايضا التوجه الى طريق الارهاب، وهم على علم بالثمن الفظيع الذي دفعه المجتمع الفلسطيني على اختياره لهذا الطريق؛ كما يبدو أنه طرأ تآكل ما على القدرة التنفيذية لشبكات الارهاب في يهودا والسامرة؛ الجيش الاسرائيلي والساحة الاسرائيلية بشكل عام استخلصا، كما يمكن الافتراض، دروسا تنفيذية عديدة واجزاء كبيرة من الجدار استكملت. ولكن ليس في كل هذا ما يلغي تماما خطر الانفجار، ولا سيما في المستويات الميدانية، التي ستشعل نارها جيدا حماس,.

        خلافا للوضع في العام 2000 تتمتع حماس ايضا من قدرة مستقلة على استخدام الارهاب من قطاع غزة، الامر الذي من شأنه أن يجرنا الى "رصاص مصبوب 2". كما تعلمنا على جلدتنا باي سرعة يمكن لاجهزة الامن الفلسطينية، التي تحظى في السنوات الاخيرة بثناء مبرر على عملها، ان توجه من جديد اسلحتها ضدنا. كما أن مكانة القيادة الحالية ستضعف على ما يبدو اذا لم يكن بوسعها ان تقدم أدلة على نجاح طريقها، ومن شأنها أن تنجرف الى التطرف وتسير في الخط مع عناصر الارهاب. لا يعني الامر ان اسرائيل لا ينبغي أن تدخل في مفاوضات نجاحها غير مضمون، اذ ان استمرار الجمود الحالي ايضا يكمن في داخله تفاقم لخطر الاشتعال، ودون تحول سياسي واضح يقلل دافع الساحة الفلسطينية لمواصلة احباط الارهاب. ولكن يجب تعلم دروس الماضي.

        صحيح أننا لا نوصي بشكل عام بالاستعداد لـ "الحرب السابقة"، ولكن هذه المرة يخيل أن الامر ضروري. الدرس من حدث 2000 مزدوج. على المستوى السياسي (فضلا عن المسألة الجذرية للمواقف التي ينبغي لاسرائيل ان تعرضها في المواضيع الجوهرية – وهو موضوع جدير بالطبع ببحث منفضل)، ينبغي الحرص كل الوقت على الحفاظ على اليات الحوار على أعلى المستويات بحيث يكون يمكنها تقليص خطر المواجهة حتى في حالة الفشل. جدير أيضا ان يكون للامريكيين، بصفتهم العرابين الاساسيين للمفاوضات – خطط احتياط وروافع ضغط لمثل هذه الحالة – جهود التهدئة التي قامت بها مادلين اولبرايت كانت اقل مما ينبغي ومتأخرة اكثر مما ينبغي في العام 2000. على المستوى التنفيذي يجب الامل بان تكون الاستعدادات اكثر شمولية وجذرية مما كان في العام 2000 وان تترافق وتصميم على استخدام القوة السريعة وذات الاثر الردعي. الثمن الذي دفعناه قبل عقد من الزمان على "تمزيق اللثام" عن وجه عرفات كان اثقل من أن يحتمل؛ اذا ما تكرر مثل هذا السيناريو لا سمح الله، فسيكون هذا فصلا بشعا على نحو خاص في مسيرة السخافة الاسرائيلية. كما ان رؤيا السلام نفسها ستتلقى ضربة قاضية في الطرفين اذا ما ادت المحاولة لتحقيقه مرة اخرى الى حمام دماء متبادلة.