خبر تطبيع الهزيمة.. النتيجة النهائية للمفاوضات!../ نزار السهلي*

الساعة 07:58 م|15 سبتمبر 2010

تطبيع الهزيمة.. النتيجة النهائية للمفاوضات! نزار السهلي*

* كاتب فلسطيني مقيم في دمشق 

15/09/2010  10:19 

 

انعقدت جولة المفاوضات الثانية بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وبنيامين نتنياهو في شرم الشيخ على أن تستكمل في القدس في ظل أجواء متشائمة ومقدمات من شأنها أن تحيل هذه الجولة إلى مسلسل الخيبات المتلاحقة، التي أصابت عقلية المفاوض الفلسطيني والعربي الداعم لها تحت السقف والمسمى الأمريكي والإسرائيلي لعناوينها.

 

تؤسس ذهنية المفاوضين، في الساحة الفلسطينية والعربية مع الجانب الإسرائيلي لهزيمة قادمة، دون مراجعة الفترة السابقة بمزيد من التدقيق بمجريات العقلية السياسية وما أنتجته من أحداث وكوارث تتطلب الوضوح والصلابة، لمعرفة مدى استعصاء العقبات التي تعترض طريق المفاوضات الذي يختصر حياة السلطة الفلسطينية، حسب تصريحات كبير المفاوضين الأزلي، صائب عريقات، عن أن السلطة مهددة بالزوال في حال فشل التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل في المفاوضات المباشرة، وهو ما نقرأه من حرص الجانب المفاوض على وجود السلطة ومخاوفها على البقاء على قيد الحياة، أكثر من الحقوق المتساقطة من عقل وجيب المفاوض الفلسطيني، وفي البحث عن طبيعة العراقيل. فقد بات أكثر من ممجوج الحديث عن أن إسرائيل هي وحدها لا تريد السلام ولا تسعى إليه بطرح مفهوم لا يوصلها إلى نتيجة سوى تكريس الاحتلال والعدوان والقتل والأطماع التوسعية.

 

جدية البحث العميقة تقتضي التنقيب عن الخيارات المناسبة، لاستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو ليس بالأمر الهين لإعادة ترميم ما أفسدته السلطة الفلسطينية مع بعض النظام الرسمي العربي، لإعلان البراءة من تطبيع الهزيمة القادمة التي تكمن في انخراط قيادة السلطة الفلسطينية في المجرى الأمريكي والإسرائيلي للمفاوضات حيث يردد ويمضغ الساسة الفلسطينيون والعرب مرارة التجربة مع الراعي الأمريكي والتعنت الإسرائيلي في غرف المفاوضات، لتدخل نفسها في ارتباك كلما خرجت من إرباك مماثل أمام شعبها وأمام الشعوب العربية.

 

وغني عن البيان، إن صورة كهذه لا شك تلعب دورا أساسياً في صياغة المطلب الفلسطيني المسقوف بإرادة أمريكية إسرائيلية. فعندما يحدد الراعي الأمريكي ميتشل هدف المفاوضات النهائية "إقامة دولة للشعب اليهودي إلى جانب دولة فلسطينية " هو تكريس للمطلب الإسرائيلي بالاعتراف بيهودية الدولة وتبنّ للشروط الإسرائيلية والتخلي عن المرجعية الدولية وقوانينها المتعلقة باللاجئين والاستيطان الذي يجري البحث عن كيفية تجميده من خلال المناشدات التي لا تلزم إسرائيل بتنفيذها. ومفهوم الدولة الفلسطينية القابلة للحياة حسب السقف الأمريكي والإسرائيلي، هو سيروم الحياة القادم من إسرائيل عبر التحكم بكل جزئية ومفصل لهذه الدولة المنزوعة السلاح، وعلى مداخلها الجندي الإسرائيلي، وفي برها وبحرها وسمائها سيطرة إسرائيلية مطلقة.

 

مثل هذه السياسة والعقلية المفاوضة، التي جرّت المآسي على شعبها وهي مائلة للعيان، لا يمكن أن تنتج سوى هزيمة ماحقة لسياسة الحياة مفاوضات، حتى لو كانت 1% من الحقوق الفلسطينية، إذا كانت السلطة مهددة بالشطب. وعن أي سلام واتفاق يجري الحديث وأية مفاوضات؟ في حين تعلن إسرائيل صباح مساء، رفضها المطلق البحث في قضية الاستيطان وتهويد الأرض والمقدسات، لتستكمل دورة البؤس الفلسطيني المفاوض دورتها على هذا النحو من الاستجداء والأوهام المضللة للشارع الفلسطيني والعربي.

 

وهي ذات الأوهام التي أطلقت اليد الأمريكية والإسرائيلية، لتقديم أسس وقوانين مسارات التفاوض، ومع بدء مفاوضات شرم الشيخ بين عباس ونتنياهو ومن ثم استكمالها في القدس على أساس العمل على "جسر الهوة" بين الطرفين وتجاوز عقبة الاستيطان حسب الرعاية الأمريكية الضاغطة على الجانب الفلسطيني، واستبدال شرط وقف الاستيطان بإيجاد حلول خلاقة تسهم بمواصلة المفاوضات تحت كل الظروف بين الجانبين والحفاظ على سرية هذه المفاوضات ضمان لنجاحها وإعلانها للجمهور عند توقيع اتفاق إطار خلال عام.

 

اشتد عضد الحكومات الإسرائيلية، منذ انطلاق عملية "السلام" في مدريد، وفي عهد المفاوضات اتسعت رقعة الحركة الإسرائيلية استيطانا وعدوانا وتهويدا وحصارا حسب كل المعطيات التي تتعلق بنشاط الاستيطان ومصادرة الأراضي والعدوان والقتل اليومي وبناء جدار الفصل العنصري ومع تناوب السلطة الفلسطينية بالتعاون مع بعض النظام الرسمي العربي بالهبوط بسقف الحقوق الفلسطينية إلى حد ساهم في تعميق الانقسام الفلسطيني والعربي، الذي ساهم بخيارات النظام الرسمي العربي المتساوق مع السياسات الأمريكية والإسرائيلية بالتحرر من قيود وتبعات تحمل قضية العرب المركزية المتمثلة بالقضية الفلسطينية.

 

مثل هذا الموقف قدم المسوغات والتبريرات، للنظام الرسمي العربي المتساوق مع الطروحات المذكورة

أن يقدم نفسه وسيطا يدعم ما يتفق عليه الطرفان المتفاوضان، متناسيا أنه في جعبة المجتمع الدولي عشرات القرارات التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين.

 

تلك السياسة وحماقة مرتكبيها من المفاوضين الفلسطينيين، وخطورة الاستمرار بها لا تظهر ما يشير في الأفق للتراجع عنها سوى تصريحات خائبة لا تنم سوى عن رعب مستحكم يسكن عقول المفاوضين الفلسطينيين ومن يدعمهم، ضمن دائرة الوهم الذي يفضي إلى تطبيع الهزيمة على الشعب الفلسطيني والعربي الذي يضمر حقدا متزايدا على الاحتلال وأعوانه.