خبر على ماذا يبني نتنياهو مسار الهرب..يديعوت

الساعة 09:49 ص|13 سبتمبر 2010

بقلم: ناحوم برنيع

        وسخت، يمكن لنتنياهو أن يقول لبراك اوباما في أعقاب دعوته العلنية، في نهاية الاسبوع الماضي، لمواصلة تجميد البناء في المستوطنات. البناء جمد لفترة محدودة – 10 أشهر. الادارة الامريكية اختارت التسليم بالقيد الزمني. وهي لا يمكنها أن تندم عشية انهاء التجميد وتطلب المزيد. هذا ليس جديا. هذا ليس مصداقا. وبدلا من دفع المفاوضات الى الامام، يرفع اوباما عباس ونتنياهو على حد سواء الى شجرتين سيكون من الصعب عليهما النزول عنهما. عباس لا يمكنه ان يكون اقل تزمتا لفلسطين من رئيس الولايات المتحدة. ونتنياهو لا يمكنه ان يظهر كمن خضع لضغط امريكي.

        في اعادة صياغة للقول القديم لماو تسي تونغ، يحاول اوباما ان يثبت بان رحلة الالف ميل يمكن ان تبدأ بخطوة فاشلة واحدة.

        البناء في يهودا والسامرة لن يقتل اوباما ووقفه لن ينقذه. لديه مشاكل اخرى. ولكن أمام نتنياهو هذا يضع تحديا غير بسيط. موضوع جوهري لا يوجد هنا، اذ ان كمية وحدات السكن التي ستضاف او لا تضاف لن تغير بشكل جوهري وجه المنطقة. وكذا موضوع ايديولوجي لا يوجد أيضا، ليس عندما تتبنى الحكومة فكرة الدولتين. يدور الحديث عن المعضلة الكلاسيكية التي تسللت الى التقاليد الاسرائيلية من خلال قصة "حقيبة الاكاذيب" عن مردوخ الصياد وفانوسه. "ألقي بالفانوس الى الماء"، يقول الرفاق. "لنرى اذا كانت لديك شخصية". مردوخ يتردد ويتردد، وفي النهاية يلقي بالفانوس الى الماء. "ليس لديك شخصية"، يقول الرفاق. "كل واحد يمكنه ان يؤثر عليك".

        اذا واصل نتنياهو التجميد سيتهمونه بأن ليس لديه شخصية. فقد خضع للضغط الامريكي. واذا ما استأنف نتنياهو البناء سيتهمونه بأن ليس لديه شخصية. فقط كي يثبت بان لديه شخصية دخل في مواجهة ضارة مع الادارة الامريكية ويفجر المحادثات التي ارادها جدا.

        وهو يفعل هذا في المسألة الأقل راحة من ناحية اسرائيل. في كل موضوع آخر – التجريد، حق العودة، تبادل الاراضي، القدس – يوجد في امريكا وفي اوروبا استعداد للانصات لمواقف اسرائيل. استئناف البناء هو المطلب الذي لا يوجد له مشترون في الخارج. في الحالة الافضل فانه يفسر كاستسلام لاقلية متطرفة في اسرائيل. في الحالة الاسوأ سيفسر كمؤامرة استعمارية. ما المنطق في البناء الجديد، سيسأل الجميع، عندما تتفاوضون على الاخلاء.

        استئناف البناء هو جائزة عظيمة لابو مازن، مسار الهرب له. هذه الجائزة لا يستحقها.

        مطلوب هنا شيء يحاول نتنياهو الامتناع عنه في ولايته الثانية: قرار لا لبس فيه، يبقي خلفه الكثير من الاشخاص غير الراضين.

        على فرض ان نتنياهو ليس ناضجا لمثل هذا القرار، فان بوسعه ان يحاول البحث عن حل على نمط حزب مباي التاريخي. يمكنه ان يشكل لجنة وزارية، تعيد دراسة سياسة الاستيطان في يهودا والسامرة. وحتى رفع استنتاجاتها فان البناء لن يستأنف. كما يمكنه ان يتبنى اقتراح الوزير ميكي ايتان من يوم أمس وفصل الموضوع الى اثنين: التجميد في جهة واستئناف البناء في جهة أخرى. التجميد سينتهي، ولكن الاستئناف لن يبدأ الا بعد بحث اضافي، وقرار اضافي، في الحكومة. يمكنه ان يعلن عن وقف التجميد، ولكن ان يعد الامريكيين بصمت بأن اجهزة الحكومة ستحرص على تأخير البناء عمليا.

        اختراعات كهذه ليست شيئا يمكن التباهي به. ولكن البديل – الهزيمة في المعركة على المسؤولية عن فشل المحادثات التي لم تبدأ بعد – ليس أكثر بهجة.

        حسب ما قاله نتنياهو أمس في بداية جلسة الحكومة، يبدو أنه اختار امكانية اخرى: تحويل مطلب الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي الى الموضوع مدار البحث، وبذلك حشر ابو مازن في الزاوية. ابو مازن سيقول تجميد. هو سيقول اعتراف. كلاهما سيرفضان فينشأ ميزان ذنب.

        المشكلة في هذه المناورة هي انها مكشوفة جدا، ورخيصة جدا. كل اسرائيلي يتوقع، عن حق، بأن الاتفاق اذا ما كان، سيقرر أن هكذا ينتهي النزاع وتسوى مطالب الشعب الفلسطيني (وفي اتفاق اقليمي – مطالب اعضاء الجامعة العربية ايضا) من اسرائيل. ولكن الويل لها، للدولة، التي تتوقع ان يعترف شعب آخر بهويتها العرقية. هذا ليس جديا. هذا ليس اسرائيليا. هذا عديم المنفعة. حان الوقت لاخراج النزاع من لعبة مبلغ الصفر التي رافقته، قال نتنياهو في زيارته الى واشنطن. ليس كل ما هو سيء للفلسطينيين جيد لاسرائيل وبالعكس. مرت عدة أيام، واذا به يعود الى اللعب في ذات اللعبة.