خبر ايران..في بؤره الاستهداف العسكري الغربي ..! ..بقلم : علاء الصفطاوي

الساعة 09:00 ص|08 سبتمبر 2010

ايران..في بؤره الاستهداف العسكري الغربي ..! ..بقلم : علاء الصفطاوي

 

     كان من أجمل الهدايا التي قدمتها ايران للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية عقب انتصار ثورتها الاسلامية بقيادة الإمام الخميني رحمه الله في العام 1979 هو قطع العلاقات جذريا مع الكيان الصهيوني وتسليم مبنى مقر سفارة الكيان الصهيوني في إيران الى بعثه منظمة التحرير الفلسطينية ولأول مره في كل الدول العربيه والاسلاميه يجري تحويل مستوى التمثيل الفلسطيني في ايران الى مستوى "سفارة " ..اضافة الى إعلان الإمام الخميني عن تخصيص 1% من واردات النفط الإيراني دعما لجهاد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ..وذلك كمكافأه لحركه فتح بالذات على احتضانها لمعسكرات تدريب الفدائيين الاسلاميين الأيرانيين في الجنوب اللبناني ودعمها المستمر لإيران وثورتها الجديده في ذلك الوقت..

 

لكن تداعيات الإنتصار الايراني التي أرعبت قاده السياسه والفكر في الكيان الصهيوني وفي مختلف دول المعسكر الغربي المهيمن على المنطقه كانت أكبر بكثير من كل التوقعات ، فعلى الفور جرى تشكيل قوات التدخل الأمريكي السريع ( المارينز) .. ثم أعقبه زيادة وجود القواعد الأمريكية في المنطقة وخاصة في مصر وقطر ودول الخليج عموما وهي الدول التي لم تلبث وأنشأت ماسمي " مجلس التعاون الخليجي" كمحاولة لصياغة منظومة سياسية أمنية جديدة في المنطقة في مواجهة التهديدات الجديدة ..ثم أعقب ذلك استيلاء العسكر المؤيدون للغرب في تركيا على مقاليد السلطة في البلاد بعد أن عاشت فترة غير محدودة من الحكم الديمقراطي المدني المدعوم أساسا من الدول الغربيه ذاتها .. ثم فوجأت ايران بالهجوم العراقي الكاسح على اراضيها من قبل النظام العراقي  تحت حجج واهيه أعلن عنها رئيسه صدام حسين ,, ومنها الوجود الايراني في ثلاثة جزر اماراتيه وضرورة انسحاب ايران منها (!!) ..

 

كان التدخل الأمركي النشط والفعال لدى دول "الإعتدال العربي" كرد فعل على هذا الانتصار الكبير  يرتكز على تنمية مخاوف هذه الدول من مسألة تصدير النموذج الإيراني الثوري الى دول هذه المنطقه وهو ما سمي لا حقا ب " تصدير الثوره " ولقد ساهمت بعض الأحداث العنيفة التالية  في المنطقه كحادثه "جهيمان العتيبي" في الحرم الشريف ومقتل الرئيس المصري "أنورالسادات" في العام 1981 على يد اسلاميين مصريين في تعزيز هذه المخاوف لدى قادة دول الاعتدال وهو ما أفضى لاحقا الى نجاح الإداره الأمريكيه في تشكيل جبهه عربيه عريضه تمثلت في وقوف غالبيه هذه الدول مع النظام العراقي في حربه الضروس ضد الجمهورية الاسلامية الفتية وهي الحرب التي أكلت الأخضر واليابس وبددت ثروات هذين البلدين العريقين وانتهت في العام 1988 بعد أن استردت ايران كل أراضيها التي احتلها العراق عقب اندلاع الثورة في ايران .

 

أما منظمة التحرير التي لمع دورها الأقليمي أكثر بعد انتصار حلفائها في ايران فقد دخلت علاقتها مع ايران الثوريه في أزمه حقيقية بعد شهور قلائل خاصه بعد ان نجحت احدى دول الخليج –ولا داعي لتسميتها – في اقناع قيادة " م.ت.ف " وعبر أحد أعضاء لجنتها المركزيه المتساوق مع هذه الدوله في الابتعاد عن ايران من خلال صرف مبلغ كبير وفوري يتجاوز المائه مليون دولار حمل شيكه هذا (المناضل ) ووضعه بيد "أبو عمار" تحت بند دعم هذه الدوله للثوره الفلسطينيه (!!) ..وللأسف نفس هذا (المناضل) كانت ايران قد اتهمته بالاجتماع سرا مع احد قاده  احد الفصائل الايرانيه المشبوهة المعاديه للثوره الايرانيه (منافقي خلق) في باريس ..في ذروه زهوّ وتماسك العلاقات بين "م.ت.ف"  وايران الثوره ..!

 

استوقفتني .. - وأنا أتصفح مقالات المعلم الشهيد الدكتور "فتحي الشقاقي" رضوان الله عليه- مقوله رددها في سياق أحدى هذه المقالات التي كتبها راصدا فيها التحولات الإقليمية والدولية المذهله التي أعقبت انتصار الثورة الاسلامية في ايران وهي بمعنى أنه " لو توحدت ثلاثة قوى في المشرق من خلال برنامج عمل نضالي مشترك " لتغيّر وجه الشرق برمته " ..، وهذه القوى سماها الدكتور الشقاقي آنذاك باسمها وهي ( ايران ، منظمه التحرير ، الإخوان المسلمون )

 

للأسف لم تحدث هذه الوحدة ولم يظهر ذلك البرنامج الملهم الى الوجود ..فقد ذهب "الإخوان" الى أفغانستان ليواجهوا الاحتلال السوفييتي هناك بدعم من أنظمة وقوى رسميه عربيه وبتشجيع غربي مستور ومعلن أحيانا ..فيما تأزمت العلاقة التاريخية بين ايران الثورة ومنظمه التحرير للأسباب التي ذكرناها آنفا ، أما ايران الثوره فقد كان عليها وخلال ثلاثين عاما من المقاومه والتدافع والتحديات الخطره والغير مسبوقه أن تواجه قدرها وهو قدر كل الثورات الشعبيه الصادقه المتمثل في مواجهه ومقارعة أعدائها من الداخل والخارج ..

 

اليوم ايران تتنفس هواء الحريه المجبوله بدم عشرات الآلاف من شهداء ثورتها وبعبق نسائم الكرامه بعد أن بدأت تحصد وتأكل مما تزرع وتزدهر وتقوى مما تصنع وتتسلح مما صنعته يداها بنفسها ..

 

ايران اليوم تقف على رأس " المحور الملتهب " الذي كان قد بشّر ونادى به المفكر الشهيد فتحي الشقاقي والذي يبدا من طهران ويمر ببغداد ودمشق ولبنان وينتهي بالقدس ..

 

ايران اليوم في بؤره الاستهداف الغربي الصهيوني ليس لأنها تملك برنامجا نوويا مبدعا مرشحا لكل الاحتمالات كما يدعي بعض أعدائها ..ولا لأنها تملك بنية صناعية تحتية قوية مرشحة للنمو والتطور المتسارع خلال السنوات الفليلة القادمة مما يؤهلها لتصبح أقوى دولة في المنطقه على الإطلاق ، ولا لأنها تملك من الأسلحة ما يرشحها اولا كي تصبح الناظم والحارس للنظام الأمني الإقليمي في منطقة تعد من أهم مناطق الثروه والنفوذ في العالم وهي منطقة الخليج ..كل ذلك قد يكون محل اعتبار ، ولكن ايران في الحقيقة مستهدفه لأنها تتقن قول "لا " للأمريكان ..، لأنها تتقن فن التمرد الذكي على السيد الموهوم الغريب الطارىء .. لأنها تعلن وعلى الملأ جهارا نهارا من أن العمر الزمني لدولة الكيان قد اقترب من نهايته ..، لأنها تصر على تدفع من جيب أبنائها وثورتها وثرواتها -علما ودعما- فاتوره الدفاع عن الثورة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية وعن كل مستضعفي الأمة العربية والاسلامية وعلى كل المستويات سياسيا واقتصاديا وعسكريا ..!

 

لذلك كان الحصار وسيستمر حبله يلتف حول عنق ايران ونظامها ومعها كل حركات المقاومة الصادقة في المنطقة ما دامت تغرد خارج السرب الأمريكي الصهيوني حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ..

 

الضربة الأمريكية الصهيونية  الموجهة لكافه البنى الصناعيه الايرانية - وليس فقط النووية- تقترب ، والمنطقة على حافة بركان قلّ نظيره منذ عشرات السنين وسوريا الصامدة وحزب الله ولبنان الباسل ستصلهم حمم هذا البركان وربما أهلنا كذلك في فلسطين ، فيما ستشهد المنطقة على أثر انفجارهذا البركان تحالفات واصطفافات جديدة ..

 

فمع من يقف الرسالي المسلم يا ترى ؟ ..مع المغول في مواجهه المسلمين ؟؟!! ، مع الصليبيين في مواجهه المؤمنين ؟؟!! مع الصهاينه و يهود الدونمه ومرتزقة الحروب في مواجهه المجاهدين والمقاومين ؟؟!

 

الأيام والشهور القادمه ستكشف معادن الرجال والأنظمه والحكام أكثر ..وسيظهر أكثر فأكثر  الغث من السمين ؟؟ وعندئذ سيسهل على المؤمنين قراءة الحق واتباعه  وتجنب الباطل واتباعه بما يرزقهم مولاهم الواحد الأحد من البصر والبصيره .