خبر المفاوضات المباشرة: «من أول جولاته كسر عصاته» ..عريب الرنتاوي

الساعة 07:52 م|04 سبتمبر 2010

المفاوضات المباشرة: «من أول جولاته كسر عصاته» ..عريب الرنتاوي

ماذا يعني "اتفاق الإطار" الذي سيجري التوصل إليه في نهاية عام من المفاوضات المباشرة، ماذا عن "التفاصيل" التي تقبع تحتها وخلفها كل شياطين الأرض، ألم تكن هذه "التفاصيل"، إن جاز لنا أن نسميها كذلك، هي السبب في انهيار كامب دايفيد الثانية تموز - يوليو 2000؟ ما الذي سيندرج في إطار "اتفاق الإطار" وما الذي سيترك خارجه؟

 

ثم من ذا الذي سيضمن تطبيق الاتفاق على امتداد عشر سنوات، وهل ضمن الفلسطينيون من قبل تنفيذ اتفاق أوسلو "الإطاري" أيضاً في نهاية خمس سنوات - وليس عشرة - هي عمر المرحلة الانتقالية، أما تزل كثير من بنود الاتفاق ب عالقة في الهواء برغم مرور 17 عاماً على توقيعه؟...

 

من الذي سيقرر بأن الفلسطينيين قد أنجزوا ما عليهم من استحقاقات وأن الوقت قد حان لكي ينتقل الإسرائيليون لتنفيذ "الدفعة التالية" من الاستحقاقات المتوجبة عليهم، ألم نجرّب ذلك من قبل، ألم نشهد هذه المسرحية العبثية من قبل، ألم يقل العالم كله بأن الفلسطينيين أوفوا بعهودهم، من دون أن ينجح في "زحزحة" "إسرائيل" قيد أنملة عن مواقفها المتعنتة، ما الذي سيمنع هذه الحكومة أو الحكومات التي ستليها في "إسرائيل" من أن تدعي دائما بأن الفلسطينيين مقصرون في أداء قسطهم من الاستحقاقات، وهل نستبعد أن يتذرعوا غداً بعجز سلطة رام الله عن تعديل صورة اليهود في الدين الحنيف للقول بأن هذه السلطة ما زالت تمارس التحريض، وأن "إسرائيل" لن يكون بمقدورها الانتقال خطوات إضافية للأمام على طريق تطبيق "اتفاق الإطار"، ما لم تقدم سلطة رام الله على إعادة صياغة وتنقيح "خطاب الوحي"؟.

 

ليس استباقاً للأمور، ولا هو حكم مسبق لمآلات آخر جولة من التفاوض المباشر وحصادها، ولكنها القراءة المتأنية لمشهد اليومين المتعاقبين في واشنطن، حيث تكشفت لنا "لغة الجسد وإيماءاته" و"قراءة الوجوه وقسماتها" عن أن السلطة كانت تعاقب نفسها بالاستنكاف عن الالتحاق بركب المفاوضات المباشرة، إذ بدا الانفراج مرتسماً على ملامح أركانها ومحيّا رموزها وابتساماتهم العريضة التي لم تنقطع لنتنياهو وغيره من نظرائهم الإسرائيليين، لقد بدوا متلهفين لهذا اللقاء ومتشوقين لاستئناف طقوس التفاوض التي أدمنوا عليها لعشرين عاماً متصلة، لقد أكثروا من اللقاءات المنفردة الطويلة والجماعية الأكثر طولاً، دفعة واحدة انهارت كل الحواجز والجدران، وتبادل الجانبان الأنخاب على وقع الاتفاق العميق على استئصال قوى التطرف والغلو التي تحاول تعكير صفو المفاوضات، وكان صدى تفاهماتهم في واشنطن، يتردد في الخليل ورام الله ونابلس وغيرها من مدن الضفة، وينعكس نشاطاً محموماً وتنسيقاً حميمياً لملاحقة فلول حماس وأنصارها وكوادرها في الضفة، في حملة مكارثية تكاد تأتي على الأخضر واليابس.

 

سنعود بدءاً من منتصف أيلول للصور التي تذكر بلقاءات عباس - أولمرت نصف الشهرية، في منزله - رمز فساده - وفي سقيفة يوم العرش التي استظل كبار المفاوضين الفلسطينيين بظلالها تعبيراً عن الرغبة في مشاركة جيرانهم أحد أعيادهم الدينية، وسنعاود التفرج على المسرحية السمجة ذاتها.

 

لن يعكّر صفو هؤلاء إلا اضطرارهم مرة أخرى للتنازل عن "شرط وقف الاستيطان" واستمرار العمل بقرار التجميد الكاذب والمخادع، لأنهم سيصدعون لتحذير أوباما الأخير: إن انسحبتم من المفاوضات فأنتم وحدكم الخاسرون، وسيجدون أنفسهم بعد عام أو أقل كثيراً، على عتبة التنازل الأكبر عن مطلبهم بالحل النهائي الشامل والتنفيذ قصير المدى للاتفاقات المبرمة، سيدخلون في لعبة اتفاق الإطار والتنفيذ على مدى عشر سنوات، وسيدفعهم خوفهم من انهيار الأمور تحت وقع عمليات حماس المتجددة، إلى المزيد من "المرونة" أمام المطالب الإسرائيلية الأمنية وغيرها، وسنكون مرة أخرى أمام الحل على مراحل، أو الحل الانتقالي المرحلي بعيد المدى.

 

أما إن كانت شروط نتنياهو التفصيلية من النوع العصي على الهضم والابتلاع، فسنعود للعبة التلاقح الخطر بين سلام نتنياهو الاقتصادي وسلام فيّاض المؤسساتي، ولعلها "صدفة خير من ألف ميعاد" أن يتزامن موعد انتهاء المفاوضات المباشرة مع موعد انتهاء بناء مؤسسات الدولة العتيدة، أواخر آب بداية أيلول القادمين. هل ثمة صدفة تتكشف عن ضرورة أكثر من هذه الصدفة، سؤال نبقيه برسم القارئ العزيز.