خبر سلموا الكرة..معاريف

الساعة 09:41 ص|26 أغسطس 2010

بقلم: عميت كوهين

قبل اسبوع من المفاوضات تناول ابو مازن تذويقة مما ينتظره. في رام الله بالذات، في مركز حكمه، خطط معارضو المسيرة السياسية لمؤتمر صحفي ومظاهرة احتجاج. قوات الامن الفلسطينية، غير المعتادة في السنوات الاخيرة على مظاهرات المعارضة، منعوا الاجتماع بالقوة، فيما هم يشددون ضرباتهم للمشاركين وللصحفيين على حد سواء. وهكذا، حتى قبل أن يصافح ابو مازن نتنياهو او يتبادل معه كلمة واحدة، اضطر منذ الان الى الاعتذار. في محاولة لتقليص الضرر، اعلن الرئيس امس عن تشكيل لجنة تحقيق لفحص سلوك قوات الامن لديه.

          شيء واحد لا حاجة للتحقيق فيه. القرار باستثناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل يعتبر كتراجع فلسطيني. الانتقاد الطبيعي، المتوقع، يصل من جهة حماس وحلفائها، الذين يدعون بان الحديث يدور عن خطوة غير شرعية. انتقاد آخر، اكثر ايلاما، جاء من داخل فتح وم.ت.ف، وبالاساس على خلفية الحصومات الشخصية. قيادة م.ت.ف صادقت على الخطوة باغلبية طفيفة، بعد أن حبذ الكثير من اعضائها التغيب عن التصويت. المعارضة الاخيرة، الاكثر اهمية من كل معارضة اخرى تأتي من جهة الشارع الفلسطيني، الذي لا يفهم كيف يجر الفلسطينيون فجأة الى واشنطن.

          علامات الاستفهام والانتقاد تأتي، بقدر كبير، بسبب سلوك القيادة الفلسطينية نفسها. فبعد انتخاب اوباما، أمل الفلسطينيون بل ربما قدروا، بانهم سيكون بوسعهم الجلوس رجلا على رجل وترك الامريكيين يقومون بالعمل نيابة عنهم. فقد توقعوا أن يروا جملة ثقيلة من الضغوط تمارس على اسرائيل، وسمحوا لانفسهم بتقييد انفسهم بسلسلة من الشروط والتصريحات الحماسية. في نهاية المطاف اكتشف الفلسطينيون – ربما مثل الامريكيين انفسهم بان الواقع أكثر تعقيدا. صحيح أن اسرائيل لم تساعد – على أقل تعبير – في تقدم المسيرة السياسية ولكن بعد اشهر من الجمود تبين أنه من أجل قليل من التقدم، حتى وان كان تظاهريا، على الفلسطينيين ايضا ان ينزلوا عن الشجرة.

          هكذا جر ابو مازن الى محادثات التقارب التي لم تعطي أي نتيجة. فقد اضطر للاكتفاء بتجميد مؤقت وجزئي للبناء والتنازل عن ضمانات صريحة بشأن استمرار الطريق. بل أنه تنازل عن استقلالية القرار لديه، ودحرج المسؤولية الى الجامعة العربية. في مثل هذا الوضع، فان الذهاب الى المفاوضات المباشرة يعتبره الفلسطينيون، بقدر كبير من الحق، كسحق لمصداقية قيادتهم.

          الان، عشية استئناف المحادثات، يكبل الفلسطينيون انفسهم مرة اخرى. فاذا ما الغت اسرائيل بعد شهر تجميد البناء، كما يحذر الفلسطينيون، فان المفاوضاته المباشرة ستتوقف على الفور. هذا المطلب، في نظرهم على الاقل، هو الحد الادنى اللازم لمحاولة الحفاظ على مصداقيتهم. القرار في هل سيقف قرار الفلسطينيين امام الاختبار يوجد الان في يد اسرائيل.