خبر « وثيقة غالنت »- يديعوت

الساعة 11:08 ص|23 أغسطس 2010

"وثيقة غالنت"- يديعوت

جلبة على لا شيء

بقلم: دانييل  فريدمان

(وزير العدل السابق)

 (المضمون: كل القضية لا تستحق الجلبة. ورئيس الاركان فعل بالوثيقة ما تستحقه فقط – وضعها جانبا - المصدر).

لزمن طويل جدا ساد الهدوء في محيط ايهود باراك هدأنا من الاسطول وجملة لجانه، وحان اذن الوقت لجلبة جديدة، في شكل بدء الاجراءات لتعيين رئيس الاركان، قبل أشهر من الموعد الدارج. والنتيجة لم تخيب الآمال: فجأة ظهرت وثيقة تضمنت خطة عمل لمساعدة، وربما لافشال، أحد المرشحين. ووصلت الوثيقة الى مكتب رئيس الاركان، الذي وضعها جانبا ولم يفعل بها شيئا.

في الأيام الأخيرة ظهر خبراء ومطلعون شرحوا أن ليس هكذا يجدر التصرف. كان ينبغي الاستيضاح مع هذا والحديث مع ذاك، وربما عقد نقاش والقيام بأمور عديدة وناجحة أخرى. اما في نظري، فقد تصرف غابي اشكنازي كما ينبغي عندما لم يفعل شيئا، بوثيقة من ناحيته لم تكن جديرة بأكثر من وضعها جانبا.

        المشكلة التي خلقها باراك في استباقه اجراء التعيين التالي له ليس في يد رئيس الاركان حلها على أي حال، بينما توجد صراعات ومناكفات حول العديد من التعيينات. وهذه لا يتميز السياسيون وحدهم، وهي موجودة عندما تعنى القيادات العليا بالتعيينات، عندما يعنى الجيش بالتعيينات وحتى، لا سمح الله، عندما تكون التعيينات هي في جهاز فرض القانون. وعليه، فالاعتقاد الذي يفترض بأن أخذ صلاحيات التعيين من السياسيين ونقلها الى الموظفين او الى الجهاز القضائي سيضمن طهارة الاجراء – ليس سوى وهم تام. في الغالب، العكس هو الصحيح وذلك لان الرقابة على السياسيين أكثر تشددا منها على كل باقي المنظومات.

        هذه المرة حظينا بأن نرى استراتيجية التعيين (وربما افشالها) تطرح خطيا، فيما تحظى بعناوين رئيسة مناسبة. ولما كانت القاعدة هي أنه اذا كان العنوان كبيرا وصاخبا بما فيه الكفاية، فمن الضروري استدعاء جهاز فر   ض القانون، فقد حظينا – كما كان متوقعا – بتدخله. لشدة الحظ وجد أيضا سبب مناسب: فقد كتبت الوثيقة على ورق يحمل اسم مكتب ايال أراد، ولما كان المكتب غير مشارك في القضية، فقد كان ممكنا ادعاء التزييف.

        الحالة أبعد من أن تدرج في التصنيف الخطير للجريمة. لا يدور الحديث عن تزييف شيك او تزييف رخصة سياقة. وبشكل عام، كل موضوع التزييف ثانوي في هذه القضية. وبالنسبة لمن يرى الوثيقة بعين الخطورة فهل كان الأمر يزيد او ينقص لو أنها كتبت على ورق عادي؟ ولعلهم في حينه كانوا سيطرحون الاشتباه "بخرق الثقة"، الكفيل دوما بأن يشكل خشبة قفز مريحة للتدخل القانوني؟

        على أي حال، أعطانا الحدث تحقيقا زائدا لا داعي له، شغل بال كبار رجالات الشرطة ومنح لهم، بالطبع، عناوين رئيسة مناسبة. في هذا الاطار تم التحقيق مع رئيس الاركان، جنرالات الجيش الاسرائيلي، رؤساء مكاتب وزير الدفاع، رئيس الاركان والناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، ولا أدري اذا كنت قد عددتهم جميعا.

        كيف يبدو تحقيق كهذا في نظر الجمهور، الذي من شأنه أن يفكر بأن في كل لحظة يمكن لواحد من اولئك الذين ائتمنوا على أمننا سيصبح مشبوها، وقد يتعرض للتحقيق تحت طائلة التحذير، ومن يدري ماذا بعد؟ الاجراء بأسره يبدو مهينا، مذلا، وهو يشكل مرحلة أخرى من الاهانة والمس بمؤسسات السلطة. من فكرة "الكل متساو أمام القانون" انتقلنا الى فكرة "الكل كفيل بأن يكون مهانا من قبل القانون" (باستثناء المراتب العليا في جهاز فرض القانون نفسه).

        بل وتعلمنا أيضا بأنه في اسرائيل لا مجال لمعرفة من سيستدعى الى التحقيق، متى وعلى ماذا. كل ما يمكن قوله هو أنه كلما كانت مكانة الانسان أعلى، فان الحدث سيحظى بعناوين اكبر. اعلان "التطهير" للجنرالات من قبل الشرطة، خفف الضرر بعض الشيء، ولكن يمكن التشكيك في أن يكون قد بدد تماما الاحساس غير المريح من كل الاجراء.