خبر إعادة الشهادة..هآرتس

الساعة 11:24 ص|20 أغسطس 2010

بقلم: ألوف بن

قرأت هذا الاسبوع من جديد شهادتي رئيس الاركان ووزير الدفاع أمام لجنة تيركل وأخذت انطباعا ايجابيا عن الانسجام والتعاون اللذين وصفهما الرجلان، بعرضهما الاستعدادات لوقف الاسطول التركي الى غزة. فقد بدا كل شيء مهنيا وموضوعيا: يجلسان معا في المداولات، يتبادلان الرسائل، الوثائق عن السياسة العامة وعن الخطة العملياتية. الوزير ايهود باراك يمتدح "رئيس الاركان الممتاز" الفريق غابي اشكنازي يسند رواية باراك. لا يوجد حتى ولو تلميح بجدالات او احتكاكات.

الان نحن نعرف بانه في الوقت الذي كانت فيه القيادة السياسية والجيش الاسرائيلي يستعدون لاستقبال الاسطول، اشتعلت في جيب رئيس الاركان "وثيقة غلانت". ورقة متعددة البنود، فصلت مؤامرة بتقزيم اشكنازي جماهيريا وتتويج اللواء يوآف غلانت على كرسيه. وسلمت الوثيقة لاشكنازي في نيسان، تماما في وقت قريب من الانباء الاولى عن الاسطول الذي ينظم في تركيا. اشكنازي وقع في القلق. هو ومقربوه يرون في ترفيع غلانت خطرا واضحا وحقيقيا على مستقبل الدولة، وها هو يتوفر لهم دليل حاسم على ان باراك يدير حملة احابيل والاعيب كي يتوجه قائد المنطقة الجنوبية على رأس معسكر هيئة الاركان.

القلق ترجم الى افعال: بين المداولات لدى باراك عن وقف الاسطول واثاره، ذهب اشكنازي الى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وطلب مساعدته في احباط نية باراك الاعلان عن اختيار رئيس الاركان التالي في اقرب وقت ممكن. وكان التدخل مجديا، وتأجل التعيين لعدة اسابيع حرجة. في لحظة الحقيقة، عندما أعلن باراك عن جولة مقابلات مع المرشحين لرئاسة الاركان، سربت الوثيقة المدينة الى القناة 2.

رواية باراك عن الشقاق في القيادة لم تنشر بعد بتفاصيلها، ولكن يمكن ان نفهم قلبه. فقد عاد من منفاه السياسي الى وزارة الدفاع، على افتراض أن يكون مكتب الوزير بالفعل منطلقا لفرصة ثانية في رئاسة الوزراء، مثلما حصل لاسحق رابين. الحلم تشوش، وثلاث سنوات ولايته اوقعت بباراك خيبات الامل بالاساس. هالة النجاحات اعطيت للاخرين: اشكنازي حصل على الحظوة على "ترميم الجيش"، ايهود اولمرت على قصف المفاعل السوري وحملة "رصاص مصبوب"، مئير دغان على التصفيات الجريئة في خارج البلاد، ونتنياهو على الاستعدادات لمهاجمة ايران. وفقط الاخفاقات، مثل الورطة في قضية الاسطول والاحابيل في تعيين رئيس الاركان، وقصص متكررة عن نزعة التمتع والتبذير لديه علقت بوزير الدفاع. وقد سحقت صلاحياته بين رئيس الوزراء فوقه واشكنازي تحته.

تعيين رئيس الاركان التالي منح باراك فرصة وحيدة من نوعها للتأثير على شخصية القيادة العليا. وهو حسم سيسجل على اسمه، دون شركاء ودون منافسين. وربما بسبب ذلك ابدى حماسة كهذه لاستباق قراره وترك أثره عليه، قبل أن تتغير الظروف السياسية. ولعله أمل بان اخذ القيادة سيعزز مكانته المتهاوية بين الجمهور. وعندما اصطدم بمعارضة رئيس الاركان لتعيين خليفته في اثناء ولايته، رد باراك بالنار. وصف مقربوه اشكنازي كمن يبحث عن الكبرياء. يسعى الى تحقيق سنة خامسة في المنصب او كبديل، تعيين أحد رجالاته اللواء غادي آيزنكوت في المنصب.

قضية الاسطول أجبرت الرجلين على العمل معا، في ظل تفاقم العلاقات بينهما. الفشل في عملية السيطرة على السفينة – قتل المدنيين الاتراك والذين اثار حفيظة العالم على اسرائيل، اضافت زيتا الى الشعلة: وزير الدفاع المجرب ورئيس الاركان الشعبي تحملا المسؤولية عن الخلل. وعلى نحو مفاجىء، رغم الشقاق الشخصي، لم يحاولا ابادة الواحد الاخر بدحرجة الاتهامات. شهادتاهما امام لجنة تيركل تعرضان استنتاجا مشابها: العملية تعقدت بسبب اخطاء في التخطيط والتنفيذ في المستوى العسكري. رئيس الاركان لم يدعِ بان القيادة السياسية فرضت عليه عملية مستحيلة، والوزير لم يتهم الجيش بنثر الوعود  والاوهام.

هذا الاجماع مفاجىء حين نكون نعرف بانه بعد افادته بعد تيركل ذهب رئيس الاركان ليشهد امام الشرطة ويسلم لمحققيها الوثيقة التي عذبت نفسه في كل فترة الانشغال بالاسطول. ليقولوا ما يقولوه عن اشكنازي، فانه اظهر هنا تحكما ذاتيا ورباطة جأش استثنائية، وعندها سنفهم ماذا كان ينقص في شهادة تيركل: كل شيء بدا جميلا جدا ومغسولا وحسب الانظمة، وشيء واحد فقط لا يذكر، مشاورات شخصية ما، حديث رواق، وحتى مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع ورئيس الاركان اللذين هما المؤتمنان على "عملية الاسطول". باراك واشكنازي عملا حسب الكتاب، ولكنهما امتنعا عن الحوار الشخصي.

الان على تيركل ان يستدعيهما لاعادة الشهادة، واستكمال الناقص. ان يستوضح معهما كيف أثر الشرخ الشخصي في القيادة الامنية على سياقات العمل واتخاذ القرارات في قضية الاسطول، وماذا عرف رئيس الوزراء. لا يمكن ان نفهم حقا ماذا تشوش في الجانب العملياتي، دون الدخول الى معادلة العلاقات الشخصية بين المسؤولين.