خبر لن يكون هنا « يشمل كل شيء » -هآرتس

الساعة 10:52 ص|18 أغسطس 2010

 

لن يكون هنا "يشمل كل شيء" -هآرتس

بقلم: أبيرما غولان

(مضمون: من الحسن مقاربة اليونان لاسرائيل وعقد حلف استراتيجي بينهما لكن لا ينبغي أن يصرف ذلك اسرائيل عن تركيا صرفا تاما بل يحسن أن تترك لها بابا مفتوحا او نافذة صغيرة على الأقل  - المصدر).

        لم تولد الصداقة الرائعة الجديدة بين اليونان واسرائيل في مطاعم "يشمل كل شيء" كالحلف الخاسر مع تركيا، بل من الموجة المرتدة التي أتت سريعا من افغانستان حتى باب البيت الابيض. وليس الذي مكن من بدئها هو الحب الاسرائيلي لنوادي البوزوكي في اثينا، بل انصراف جورج بوش الذي يكرهه اليونانيون عن الساحة ووجود براك اوباما في الغرفة البيضوية.

        لكن هذا التفسير، الذي يقبله اكثر المحللين السياسيين في  اليونان (بل حول رئيس الحكومة يورغوس باباندريو) لن يكون تاما بغير رؤية تحريك القطع الكبير الذي يحدث على لوح الشطرنج العالمي، وفي داخله حوض البحر المتوسط. إن تركيا، مع مصالحها الاقتصادية الاستراتيجية، لاعبة واحدة فقط على اللوح. لكن بخلاف المضاءلة السخيفة التي تريد عناصر ما في اسرائيل صنعها بها الان – فانها ليست بيقين لاعبة صغيرة.

        يخاف اليونانيون تركيا، ويبغضونها وهم مستعدون لكراهيتها في كل لحظة. ويهددهم ويهينهم خاصة نظرية "العمق الاستراتيجي"، التي ترسم في كتب وزير الخارجية التركي، البروفسور أحمد داود اوغلو، على أنها طموح الى "عثمانية جديدة": أي جعل تركيا عنصرا مركزيا في حلبات العالم المختلفة. وهكذا ليس الشعور اليوناني بالمطاردة الذي هو توأم الهلع الاسرائيلي، وخوفهما الشديد من الاسلام هو الذي يدفع كلتيهما الواحدة الى ذراعي الاخرى. إن اختيار تركيا السياسي البارز وخريطة السيطرة المتغيرة على مصادر الطاقة في المنطقة أسهما في ذلك. الان، واسرائيل تشاجر أنقرة مشاجرة مكشوفة، ويدير اوباما كتفا باردة لرجب الطيب اردوغان، اصبح الطريق مفتوحا امام اليونان لتدعو اسرائيل قائلة "أنا هنا" وللبلقان واوروبا وعلى العموم، على قدر لا يقل عن ذلك.

        لكن باباندريو سياسي منجذ، ويعلم أنه سيكون من الخطأ دفع تركيا الى الزاوية، وهو غير معني في الحقيقة بالتورط معها بل العكس لقد أيد في الماضي بحرارة انضمامها الى الاتحاد الاوروبي، وأول شيء فعله عندما انتخب هذه السنة لرئاسة الحكومة كان زيارة أنقرة. يريد باباندريو أحلافا جديدة لكنه يفضل عقدها ببطء وحذر.

        ربما يحدث التقارب بينه وبين بنيامين نتنياهو على نحو سريع شيئا ما من وجهة نظره، ومع ذلك يصعب عليه أن يبقي ارتياحه له. لكن باباندريو لمزيد الأمن تعجل وهاتف جميع زعماء المنطقة العرب وعلى رأسهم حسني مبارك، ليبلغهم أمر زيارة نتنياهو لأثينا، وليبين انه ينوي ان يضغط على اسرائيل للتعجيل في التفاوض. لكنهم في اليونان يعترفون بالمصلحة المشتركة، ويدركون أن رحلة نتنياهو في اليونان ولقاءه رؤساء الجماعة اليهودية غلاف فقط لعلاقة جوهرية حيوية بين الدولتين، في السياق العالمي المتغير.

        سيبدأ هذا بكلام على علاقات سياحية (لن يكون "يشمل كل شيء"، فالحكومة غير متحمسة لافراد ميزانية للسياحة)، ثم بتوثيق العلاقات الاقتصادية، وفي آخر الأمر، كما توقع محللون منذ زمن – سيكشف عن حلف استراتيجي يشتمل في جملة ما يشتمل عليه على مرور حر لسلاح الجو الاسرائيلي في اليونان.

        كل هذا أسهل لأن رئيسي الحكومتين أتيا من خلفية متشابهة كثيرا. فكلاهما نشأ في نفس الجامعات الفخمة في الولايات المتحدة وأنشأوا هناك علاقات متوازية. ان باباندريو هو زعيم الحزب الاشتراكي اليوناني ونتنياهو زعيم اليمين، لكن لهما ميلا ليبراليا ديمقراطيا، الاقتصاد في مركزه. وسيكون باباندريو، الذي يريد احداث اصلاحات كبيرة مؤلمة في الاقتصاد اليوناني بغير مس بشعبيته سعيدا بالاستعانة بنتنياهو الذي سيسعده اسداء المشورة.

 على هذا النحو يتحرك الرقاص السياسي في حوض البحر المتوسط: "صنع في أمريكا"، أهلا وسهلا. يحسن ألا يدع نتنياهو قصة الحب الجديدة  تدير رأسه وأن يترك لتركيا بابا مفتوحا. فان لم يكن بابا فليكن نافذة صغيرة على الأقل.