خبر فراغ امريكي:اوباما فر من الشرق الاوسط..يديعوت

الساعة 08:59 ص|12 أغسطس 2010

بقلم: غي بخور

بعد عشرات السنين من النشاط الامريكي المتسارع في منطقتنا – ضغوط، مؤامرات، صفقات، وساطة، دبلوماسية، تهديدات، تنازلات، عقائد – فجأة ساد صمت مضن. من يترأس اليوم الولايات المتحدة، براك اوباما اختفى عن مشهد الشرق الاوسط، فيما يخلق هو فراغا للقوة العظمى.

جورج بوش كرهته الانظمة العربية، ولكنها خافته وحذرت منه. اما اوباما فببساطة غير موجود. سوريا تسمح لنفسها بالاستخفاف بالولايات المتحدة، وهكذا ايضا ايران، القاعدة، حزب الله، اردوغان وآخرين. مثال على ذلك هو قضية الاسطول التركي. اوباما كان ملزما بان يبعث فورا بوزيرة خارجيته الى أنقرة والقدس لانهاء القضية بسرعة، ولكن احدا لم يصل من الولايات المتحدة، والاضرار الاقليمية كثيرة. ذات مرة كان المصريون، السعوديون، المغاربة، الاردنيون والفلسطينيون المعتدلون يسارعون الى واشنطن للتنسيق، لتلقي التعليمات وللتشاور. اما اليوم فلم يعودوا يكلفون نفسهم العناء، اذ خسارة على الوقت. لديهم احساس بان الرئيس الشاب لا يفهم امام ماذا يقفون، إذن فمن اجل ماذا؟

هناك لدى الجميع احساس بان اوباما يتحدث ولكن لا يفعل. بنيامين دزرائيلي قال: "لا تجادلوا أبدا، اعرضوا النتائج فقط". ولاوباما لا يوجد حتى نتيجة شرق اوسطية واحدة يعرضها. فهو ممتاز في الخطابات، بالكلمات العالية وبالشعارات العليلة، ولكن في منطقتنا يوجد احتكار من الانظمة العربية للخطابات، للمثقفين وللكلمات وهكذا بالضبط ينظر اليه عندهم. مثقف، ككلمة سلبية.

كانت هذه اشارة في الشيفرة الشرق اوسطية، حين لم يأتِ الرئيس المصري لاستقبال اوباما في القاهرة في حزيران من العام الماضي، في خطاب توجهه الى الاسلام ("جئت لاطلب بداية جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والمسلمين"). مبارك عرف بان هذا سينتهي على نحو سيء بل انه امتنع عن الظهور في ذات القاعة عندما القى اوباما الخطاب.

مع حلول منتصف ولايته، فان خطة التوجه الى الاسلام تحطمت، وليس لدى اوباما خطة اخرى، لا توجد أجندة ولا يوجد اتجاه في الطريق. وهو عديم الوسيلة حيال ايران، والعقوبات القاسية على طهران والتي قررها الكونغرس في الشهر الماضي، فرضت خلافا لارادته. كما أن ايران تعرف بان هذا الرئيس غير قادر على أن يأمر بخطوة عسكرية. لو كان بوش في المنصب لكانت الان اكثر قلقا بكثير. وكون اوباما أعلن عن رغبته اخراج الجيش الامريكي من العراق، فان الارهاب السني يعربد هناك مرة اخرى – وحشيا وعنيفا اكثر من أي وقت مضى.

لقد اعتقد بانه اذا ما ابتعد قليلا عن اسرائيل فسيحظى بعطف المعسكر العربي المعتدل. النتيجة كانت مريرة: فقد فكك المعسكر العربي المعتدل وخسر اسرائيل على حد سواء. لم يعد هناك بعد اليوم معسكر عربي معتدل، بعد أن ابتعدت القطر والاردن عنه، وعندما تجلس جهات مثل لبنان او القيادة الفلسطينية على الجدار. لفقدان الطريق من جانب الرئيس الامريكي يوجد دور في اضعاف هذا المعسكر وذلك لانه اذا كانت الولايات المتحدة ضعيفة ومشوشة، فان ايران قوية ومهددة، ولكن مؤكدا أن يكون هناك من يحمي دول الخليج.

ولكن ليس فقط ايران، تركيا هي الاخرى تجذب بالاتجاه الراديكالي وتحاول اقامة تحالف راديكالي خاص بها في المنطقة، في ظل حلها على نحو صحيح لغز الفراغ الامريكي.

بالذات رجل الحزب الديمقراطي ادى الى تعزز غير مسبوق منذ سنين لوحشية الانظمة العربية حولنا. بوش قضم منهم، عندما طلب الديمقراطية، وهذا كان خطأ، ولكن اوباما تركهم لحالهم – خطأ من الاتجاه المضاد، وهم يستغلون الفرصة. موجة قمع تجتاح الان الشرق الاوسط. اعتقالات، تعذيبات، تجاهل لنشطاء المعارضة، وسائل اعلام مهددة، سجون مليئة وكل هذا حصل لانه لا توجد رعاية امريكية، لا توجد رقابة، وعلى ما يبدو لا يوجد اهتمام ايضا. والى داخل هذا الفراغ تجتذب القوى السلبية، وهذه تتعزز وتستفز اكثر فاكثر.

وتحذير: من يفر من الشرق الاوسط مصيره سيكون ان الشرق الاوسط سيطارده.