خبر مخاطر المفاوضات على عباس وحماس / محسن ابو رمضان

الساعة 05:40 م|08 أغسطس 2010

مخاطر المفاوضات على عباس وحماس / محسن ابو رمضان

بعد أن حققت إسرائيل أهدافها عبر الانفصال الجغرافي والسياسي بين الضفة والقطاع في إطار الجهد الخاص بفصل القطاع عن أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة والعمل بمنهجية وثبات باتجاه تهويد القدس والتهام مساحات واسعة من الضفة عبر الجدار وإقامة منظومة من المعازل والكنتونات ،وزج التجمعات السكانية الفلسطينية في مواقع جغرافية محددة، وضم الأغوار ، فإنها تحاول الآن فرض شروط الاستسلام على شعبنا من خلال المفاوضات ، حيث اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل واستمرارية انحياز الإدارة الأمريكية لها رغم الخطاب المعسول الذي قدمه اوباما بالقاهرة وبعد إخفاق محاولاته الرامية للضغط على إسرائيل لتجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات وخضوعه لضغوطات وإرادة اللوبي الصهيوني ومواقف حكومة نتنياهو بإسرائيل .

إن الدخول بالمفاوضات المباشرة بعد التهديدات الأمريكية للرئاسة الفلسطينية يعد ربحاً صافياً للاحتلال وخسارة كبيرة لشعبنا ولقضيتنا ، حيث إن ذلك سيعمل على سد آفاق نضال شعبنا التحرري وأهدافه بالحرية والاستقلال وسيعمل على تقزيم نضالات شعبنا وأهدافه عبر الموافقة على إدارة شؤون المعازل والكنتونات في إطار استمرارية التنسيق الأمني مع الاحتلال على حساب كفاح شعبنا ومقاومته حتى تلك ذات الطابع الشعبي .

لقد استفادت إسرائيل والقوى الدولية الداعمة لها من حالة الانقسام السياسي وضعف القيادة الفلسطينية ومن بنية وتركيبة السلطة ذات الطابع البيروقراطي والتي أصبحت تؤمن مصالح شريحة متنفذة من القيادة السياسية على حساب مبادئ وأهداف م.ت.ف ذات الأبعاد التحررية والوطنية حيث أصبح الحفاظ على السلطة هو هدف بحد ذاته بدلاً من ان تكون أداة للتحول باتجاه الدولة والاستقلال الوطني .

لقد أثبتت التجربة أنه لا يمكن الجمع بين المقاومة والسلطة فكل واحدة لها معاييرها واستحقاقاتها التي تتعاكس مع الأخرى ولا تتكامل بالضرورة ، فالسلطة وفق التصور الإسرائيلي هي للحكم الإداري الذاتي فقط وهي ليست نواة للتحول إلى دولة ذات سيادة ، وهي هيئة لإدارة شؤون المواطنين الداخلية عبر أموال الدول المانحة وغيرها ، وهذه هي قاعدة اتفاق أوسلو ، أما المقاومة فهي أداة لحركة التحرر الوطني أي للقوى الوطنية والإسلامية وبهدف الكفاح ضد الاحتلال وعبر أشكال مختلفة من أجل جعل احتلاله العسكري وممارساته العنصرية مكلفة له ، الأمر الذي لا يستقيم مع مواقع ومصطلحات رسمية كالوزير والوزارة والتي ترتبط أي الأخيرة بالدول ذات السيادة فقط .

تحاول إسرائيل استغلال لحظات الضعف الفلسطيني عبر تمرير تصوراتها للحل النهائي والتي تتعاكس مع الحد الأدنى لمطالب شعبنا والتي تقرها له الشرعية الدولية والقانون الدولي وقوى التحرر والتضامن العالمي ، وهذا التصور سيكون مكلفاً ويشكل إجهازا على جوهر القضية الفلسطينية وتصفية أهداف  شعبنا بالحرية والعودة وتقرير المصير .

وإذا كان اتفاق أوسلو قد وقع مع القيادة الفلسطينية المتنفذة آنذاك فإن تداعياته وانعكاساته السلبية شملت كل الحالة الفلسطينية بتفاصيلها المختلفة ومنها كافة الفصائل والقوى والفاعليات وأرخت بظلالها السلبية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية عدا السياسية منها .

وعليه فيجب عدم ترك القيادة الفلسطينية تندرج في إطار المفاوضات المباشرة والقول دعها تدبر أمرها، فهي التي ستخسر حيث أننا سواءً كمعارضة يسارية أو كحماس لسنا جزءً من هذا السلوك التفاوضي ، على أن نعمل على تسجيل مواقفنا للتاريخ .

إن المنطق يفترض ان مشروع التصفية عبر المفاوضات المباشرة يمس المكونات الشاملة للقضية الأمر الذي يتطلب التعامل بروح من الجدية والمسؤولية ، حيث أن تداعيات أي اتفاق ستكون مدمرة على الجميع دون استثناء .

استناداً لما تقدم فأرى من المناسب العمل على دعوة كافة القوى بما في ذلك حركتي حماس وفتح والشروع بتشكيل جبهة وطنية موحدة وعلى قاعدة وثيقة الوفاق الوطني لتجاوز الخلافات السابقة ومن اجل بحث السبل الكفيلة بافشال خطر المفاوضات المباشرة ، حيث ان فشل الرئيس عباس في هذه الحالة لا يعنى بالضرورة انجازاً أو نجاحاً للطرف السياسي المنافس أي حركة حماس ، فالجميع سيكون في موقع الخاسر خاصة إذا تم ترتيب اتفاقات برعاية وإشراف دولي ستكون ملزمة للجميع وعندها لن تفيد مسألة المنافسة الداخلية او القول إننا لم نكن جزء من مسار التسوية أو المفاوضات