خبر وهم الضفة الغربية -هآرتس

الساعة 08:50 ص|04 أغسطس 2010

وهم الضفة الغربية -هآرتس

بقلم: د. مناحيم كلاين

(يدرس العلوم السياسية في جامعة بار ايلان)

        (المضمون: لن تفضي جهود عباس وفياض الى انشاء دولة فلسطينية كما يتوهم البعض فظروف الزمان والمكان لا تتيح ذلك - المصدر).

        محمود عباس وسلام فياض عزيزان على اسرائيل والجماعة الدولية. ما عادا يريان شاغلي منصبين يتعلقان بظروف الزمن والمكان بل علامتين تجاريتين. فعباس يمثل بناء الدولة من أعلى الى اسفل بتفاوض فقط وعلى مراحل. ويمثل فياض بناء الدولة على مراحل من أسفل الى أعلى. وتراهما اسرائيل والجماعة الدولية خالدين.

        لا يهم كيف نعرف هذا التصور – قد يكون خطأ أو خواطر أو تصورا مخطوءا – يجب أن نستعد لليوم الذي بعد عباس وفياض لأنه يظهر في الأفق. وظروف الزمن والمكان تفضي الى هذا الاستنتاج. فالتفاوض الذي يتمسك به عباس جدا لا يفضي الى نتائج بل الى خيبات أمل فقط عند الفلسطينيين. وليس لادارة أبي مازن لا تأييد ديمقراطي ولا شرعية سياسية. ومجلس الشعب لا يعمل، والرئيس أنهى الولاية ولا انتخابات في الأفق. أما الضوء الاخضر للتفاوض غير المباشر مع اسرائيل فأعطته الجامعة العربية لا ممثلون منتخبون للجمهور الفلسطيني. وقد جرى أهمال استقلال القرار الفلسطيني – وهو الركن الذي أسست عليه فتح وناضلت منظمة التحرير من أجله. على نحو يشبه السنين 1937 – 1948، السياسة الفلسطينية هي نتاج قرار عربي عام. مع عدم وجود شرعية مؤسسية ديمقراطية تعتمد السلطة الفلسطينية على قوات الأمن، وتعتمد هذه على الحراب الاسرائيلية، والتدريب الامريكي والمساعدة المالية من الغرب. بل إن القليل الذي أحرزه عرفات فيما يتعلق بالتحرر من الاحتلال الاسرائيلي والتعلق بالجهات الاجنبية قد ضاع.

        السيطرة على المنطقة ج هي مفتاح نجاح نهج فياض. نجح فياض بمساعدة ضغط دولي في أن يشق من هناك عدة شوارع وأن يبني عدة مبان عامة. لكن سيطرة اسرائيل على هذه المنطقة بقيت غير مقوضة. يخدم فياض اسرائيل بأنه يحسن لدرجة ما أداء المؤسسات الفلسطينية في المنطقتين أ و ب. وهكذا يعزز زعم اسرائيل ان الفلسطينيين أسياد مصيرهم.

        حتى لو مكنت اسرائيل فياضا من زيادة مدى عمله في المنطقة ج فلن يفضي ذلك الى انشاء دولة فلسطينية في أكثر الضفة الغربية؛ فمن أجل هذا يجب على اسرائيل أن تمكن مئات آلاف الفلسطينيين من السكن في المنطقة ج. أما في الواقع فان هذه المنطقة محفوظة للمستوطنين. والى ذلك، وعلى حسب تقرير نشره مؤخرا الخبير الامريكي البروفسور نتان براون، نجاح فياض في بناء مؤسسات في المنطقتين أ و ب أقل كثيرا مما يبدو في واشنطن والقدس.

        إن التحسين الذي طرأ على مدخولات الفلسطينيين نتاج تسهيل الحركة وازالة بعض الحواجز مضلل. فلا يعبر عن حرية وتقدم أكبر نحو استقلال فلسطيني. إن هذا التحسن تم إحرازه نتاج شحذ الحراب الفلسطينية وزيادة التعاون مع اسرائيل. يحسن ان نتذكر أيضا ان انتفاضتي 1987 و 2000 نشبتا بعد سنة أو اكثر من زيادة المدخولات والعمل.

        إن فرض عباس أن يقدم اليه  الرئيس اوباما الدولة الفلسطينية على طبق فضة من غير ان يضطر الفلسطينيون الى النضال من أجل  تحريرهم، لم يثبت وهو على شفا انهيار. ان اسرائيليين من اليسار، يعتقدون أن فياضا استدخل دروس الصهيونية العملية، يرون أنفسهم في واقع الأمر. تمتعت الصهيونية برعاية بريطانية وبامكان انشاء مجتمع مواز للمجتمع الفلسطيني. وليس لفياض حرية عمل مشابهة ولا مؤخرة من الجاليات الفلسطينية تحول الى فلسطين مهاجرين وأموالا. إن جهاز السيطرة الاسرائيلي الذي بدا مستقرا جدا وربما خالدا هو في واقع الامر جهاز يعيش على وقت مستعار.