خبر حديث حميم في فندق مقدسي- يديعوت

الساعة 09:19 ص|02 أغسطس 2010

حديث حميم في فندق مقدسي- يديعوت

يا حبيبي حاييمكا

بقلم: ناحوم برنيع

(المضمون: رامون، الذي راكم الكثير جدا من التجربة في السياسة، ينبغي له أن يعرف الفارق بين مقال في صحيفة، يشرع فيه لماذا لا يعتزم نتنياهو الوصول، برأيه، الى اتفاق مع الفلسطينيين، وبين مشورة تعطى لفلسطيني يفترض أن يدير المحادثات - المصدر).

        رئيس مجلس كديما حاييم رامون يتعرض في الاونة الاخيرة للهجوم من الناطقين بلسان اليمين بسبب مضمون حديث اجراه مع رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، في فندق الامريكان كولوني في القدس. وأوصى رامون عريقات بعدم الشروع في محادثات مباشرة مع اسرائيل الا بعد أن يتعهد نتنياهو للفلسطينيين بالايفاء بعدة شروط اساسية. احد ما على الطاولة المجاورة تنصت على الحديث وبلغ عن مضمونه. اول من نشر الخبر على الملأ كان نتنياهو. أييلا حسون – نيشر قابلت في صوت اسرائيل المتنصت المجهول، بصوت مشوه على البث. حتى هنا الحقائق.

        هل يوجد ما يدعو الى الدفاع عن حاييم رامون؟ الحقيقة، لا يوجد. رامون هو سياسي خفيف الرأي، سطحي ومتسرع. وهو يتميز بوفرة من السحر الشخصي، الخبرة السياسية والقدرة اللفظية، وهي مؤهلات دفعت سلسلة من رؤساء الحكومات ومدعي التاج لان ينشروا عليه رعايتهم. يمكن أن نحصي بينهم بيرس، رابين، باراك، شارون، اولمرت وتسيبي لفني، كل واحد بدوره.

        وقد أثر بسحره أيضا على شخصيات من خارج دائرته الفورية، من اريه درعي وايفات ليبرمان وحتى محمد دحلان وصائب عريقات. وقد وجد نفسه في وسط خلطات مثيرة للاهتمام. درعي ودحلان، مثلا، يرتبطان معا مع رامون في صلة متعددة السنتين مع مارتين شلاف، صاحب كازينو نمساوي. فماذا بين الكازينو والمسيرة السلمية، هم فقط يعرفون التفسير.

        لا يوجد ما يدعو الى الدفاع عن رامون، لان التفسيرات التي اعطاها على لقائه مع عريقات غير كافية. في مفابلة اذاعية مع يرون ديكل أمس، اعترف رامون بانه اوصى الفلسطينيين بان يطرحوا على نتنياهو شروطا والا يشرعوا في محادثات مباشرة. وقد برر نصيحته التي اعطاها بثلاث حجج: الاولى، انه يقول ذات الامر في كل مقابلة يمنحها، كل شيء علني، كل شيء مكشوف؛ والثاني، هي أنه يجري محادثات من هذا النوع مع شخصيات فلسطينية منذ عشرين سنة؛ والثالثة، هي انه يعتقد عن حق وحقيق بان التوجه الى محادثات مباشرة على اساس املاءات نتنياهو سيبعد السلام ولن يقربه.

        المشكلة تبدأ في العادات التي تجذرت في الساحة السياسية الاسرائيلية منذ اوسلو. سياسيون مثل رامون، بيلين وبورغ يتحدثون بحميمية كبيرة مع شخصيات في الجانب الفلسطيني، يسمعون منهم ما يفكرون الواحد عن الاخر، ويقولون لهم ما يفكرون به في تلك اللحظة عن قيادة حكومة اسرائيل. الحميمية تضلل. الحميمية ليست بالضرورة صدقا او ولاءا او صداقة حقيقية: احيانا لا تكون سوى تجارة متبادلة بقطع من الثرثرة.

        احد الاسرائيليين الذين كانوا في هذه الدائرة احتفل في ذروة الانتفاضة ببلوغ ابنه. وقد تردد كثيرا، هل يدعو الى الحفلة محادثه الفلسطيني. عندما روى لي عن ذلك ذهلت. فقد اتهم محادثه في تلك الفترة اسرائيل، في كل قناة اعلام دولية، باعمال ذبح لم تحصل على الاطلاق. ولكننا كنا اصدقاء جد قريبين، قال الرجل بحزن. الدعوة لم يبعثها.

        رامون، الذي راكم الكثير جدا من التجربة في السياسة، ينبغي له أن يعرف الفارق بين مقال في صحيفة، يشرع فيه لماذا لا يعتزم نتنياهو الوصول، برأيه، الى اتفاق مع الفلسطينيين، وبين مشورة تعطى لفلسطيني يفترض أن يدير المحادثات. لا توجد هنا جريمة من ناحيته، ولكن يوجد هنا تشويش غير سليم للحدود. في النزاع الشرق اوسطي يوجد نتنياهو ورامون في جانب واحد من المتراس، وعريقات في الجانب الاخر. محظور على المرء ان يتشوش.

        لا يوجد ما يدعو الى الدفاع عن رامون، ولكن يوجد سبب وجيه للتحفظ على الاحتفال الذي أثاره في هذا الشأن مكتب رئيس الوزراء. الادعاء بان القيادة الفلسطينية تحتاج الى رامون كي تفهم نتنياهو هو ادعاء سخيف، وينز رائحة شديدة من التعالي. ابو مازن يعرف نتنياهو بقدر جيد لا يقل عما يعرفه حاييم رامون. فهو أذكى واكثر تجربة من معظم مستشاري رئيس الوزراء. اذا ما سار نحو المحادثات، فانه لن يسير بسبب نتنياهو؛ انه سيسير بسبب اوباما.

        نتنياهو فعل ما فعله كثيرون قبله، من بن غوريون فصاعدا؛ رأى فرصة لاحراج حزب خصم، وقفز عليها بكل القوة. هكذا تصنع السياسة. المشكلة هي أنه يوجد بعض من العقول الساخنة في اليمين ممن يأخذون هذه القصص بجدية. رامون أكل ستيك في فندق مقدسي، وهم مقتنعون بانه غرس سكينا في ظهر الامة.