خبر استنتاجات مونديالية... بقلم/ ماجد عزام

الساعة 12:00 م|21 يوليو 2010

                                            استنتاجات مونديالية

ماجد عزام

مونديال جنوب أفريقيا الأخير قد يمثل نقطة مفصلية في تاريخ كرة القدم ليس فقط نتيجة التنظيم الجيد من الدولة المضيفة وإنما لما شهده من تغيرات على خريطة القوى الكروية وأخطاء تحكيمية بالجملة دعت أمين عام "الفيفا" للتأكيد على أن هذا المونديال سيكون الأخير بالنسبة للنظام التحكيمى المتبع منذ عقود.

لا يمكن التشكيك في نجاح جنوب أفريقيا في تنظيم البطولة بشكل أكثر من جيد ورغم  بعض الثغرات الآن أن ذلك لم يؤثر على التقييم العام الذي أعطى لجنوب أفريقيا من قبل "الفيفا" كما معظم المشاركين وحتى القادة السياسيين- المستشارة أنجيلا ميركل مثلا- ذلك سينعكس إيجابا ليس فقط رياضيا وإنما سياسيا أيضا فعلى الصعيد الرياضي سيعنى أن فكرة المداورة بين القارات ستستمر وستواصل القوى النامية والصاعدة في آسيا وأفريقيا  تنظيم هذه البطولة إضافة الى فعاليات دولية أخرى أما سياسيا فالبطولة ستزيد ثقة  قارة أفريقيا بنفسها وبقدراتها الذاتية وستكرس التلاحم والانصهار الوطني في جنوب أفريقيا بشكل خاص كما الرغبة في مواجهة مزيد من التحديات مثل تنظيم الألعاب الاولمبية بعد عشر سنوات 2020 كما قال رئيسها جاكوب زوما.

رياضيا يمكن الحديث عن عدة أمور ما زالت الهيمنة واليد الطولى للبرازيل وأخواتها أو شبيهاتها وهنا يمكن الحديث عن اسبانيا-وليس البرتغال-كبرازيل أوروبا وغانا طبعا -كانت وما زالت- كبرازيل أفريقيا نحن هنا نتحدث عن البرازيل ليس في صورة منتخب 1970 الأسطوري وإنما في صورة  1994 و2002  منتخب منضبط تكتيكياً يتمتع بلياقة بدنية عالية ودفاع قوى ويطوع المهارات الفردية لصالح الأداء الجماعي  ببساطة كانت اسبانيا برازيلية  أكثر من البرازيليين أنفسهم .

برازيا أفريقيا  أي غانا كانت تستحق حتما مكان فى نصف النهائي لولا الغشاش سواريز ويد الشيطان خاصته وهنا أيضا يمثل الأداء الغاني البرازيلي الذي أضفى لمسة جمالية وتكتيكية عل  الطابع الأفريقي التقليدي سببا لزيادة ثقة القارة بنفسها وإمكانية فوز منتخب أفريقي بالمونيال لم تعد سرابا أو حلما مستحيلا خاصة بعد فوز غانا نفسها ببطولة العالم للشباب العام الماضي وعلى حساب الأصل البرازيلي.

أوروبيا ورغم السقوط المدوي لانجلترا وايطاليا وفرنسا العائد أساسا إلى إنهاك فى البطولات المحلية-انجلترا- والأخطاء الفنية والإدارية –فرنسا-وهيمنة الأجانب على أندية القمة-ايطاليا- إلا أن الأهم أوروبيا يتعلق بألمانيا وهولندا اللتان تبادلتا المواقع فباتت ألمانيا تلعب بطريقة 4-3-3 ذات الطابع الجمالي مع لمسة مهارية أضفاها الدم الجديد واللاعبين ذوى الأصول الأجنبية على الأداء التقليدي المنضبط والجاد والقوى أما هولندا فباتت اقرب إلى الطابع الأوروبي والألماني التقليدي فى تخل واضح عن المدرسة البرتقالية الشاملة و العريقة واهتمت أكثر بالدفاع والخشونة والعنف وبالنتيجة بغض النظر عن الأداء الجمالي محق تماما العبقري يوهان كرويف الذي قال  أن هولندا باتت تلعب كرة قبيحة وعنيفة.

لابد من الإشارة إلى أن هذا المونديال كرس حقيقة التقارب في المستوى بين المنتخبات المختلفة فهكذا تعادلت نيوزيلندا مع ايطاليا وفارت سويسرا على البطل-اسبانيا – وصربيا على ألمانيا و واورجواى بصعوبة بالغة على غانا كما فعلت جارتها باراجواى مع اليابان هذا عائد إلى التقدم التكنولوجى وتدفق المعرفة  والتداخل  بين المدارس الكروية المختلفة وازدياد عدد اللاعبين المحترفين من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وحتى آسيا ضمن كبرى الدوريات في العالم.

كما أسلفنا فهذا المونديال سيكون الأخير بالنسبة للنظام التحكيمي الحالي– ثلاثة حكام دون التكنولوجيا- ربما سيكون هناك خمس حكام واعتماد نسبى ومحدود على التكنولوجيا خاصة فيما يتعلق باجتياز الكرة لخط المرمى وفى كل الأحوال بات النظام باليا وقديما قياسا إلى التطور التكتيكي والهائل الذي تشهده اللعبة.

في الأخير اعتقد أن المونديال افتقد إلى بطل أفريقيا  في النسخ الثلاث الأخيرة أي منتخب مصر المنتخب الجزائري الشقيق لم يسرق بطاقة التأهل ولكن أبطال أفريقيا وأبوتريكة وزملاءه كانوا يستحقون مكانا بين الكبار-هم الآن رقم تسعة وفق التصنيف الأخير-  وبعيدا عن لو اللعينة كنت شخصيا مستعد للمراهنة على وصول المنتخب المصري لدور الربع نهائي على الأقل ,تقارب المستويات وتراجع قوى تقليدية زاد الحسرة المتمثلة بغياب المنتخب العربي الوحيد القادر في الوقت الحالي على مقارعة المنتخبات الكبرى .

كلمة لابد منها منتخب الأرجنتين-ميسي ورفاقه- وصل إلى دور الربع نهائي بدون مدرب وفقط يجب تخيل ما الذي كان بإمكان منتخب التانجو فعله مع مدرب بالمعنى الحقيقي للكلمة مثل مدرب باراغواي مثلا وهو بالمناسبة أرجنتيني أيضا.

                                                          مدير مركز شرق المتوسط للإعلام