خبر اوباما واسرائيل: تغيير جوهري في السياسة؟ إسرائيل اليوم

الساعة 03:12 م|13 يوليو 2010

بقلم: ايزي ليبلر

رغم أن الكثيرين توقعوا مسبقا بأن يبسط اوباما السجادة الحمراء أمام رئيس الوزراء، فان الثناء والتمجيد اللذين أغدقهما على نتنياهو وعلى اسرائيل كادا يكونان شبه سرياليين يذكران بأيام أفضل كانت في علاقات اسرائيل – الولايات المتحدة. هذه الأمور كانت في خلاف شبه تام مع العداء السابق الذي بلغ حتى الاتهام بأن عناد اسرائيل وعدم استعدادها للمساومة يجبي من الامريكيين "دما ومالا". هذه المرة أثنى اوباما على نتنياهو وقال انه "يؤمن بان رئيس الوزراء يريد السلام ومستعد لان يأخذ مخاطر من اجل السلام".

        الأهم هو أنه سبق اللقاء توقيع على اقرار العقوبات – المتأخرة – التي فرضها اوباما على ايران، التي تشكل الخطر الاكبر الذي تقف حياله اسرائيل. في خلاف تام مع هجر الولايات المتحدة لاسرائيل في اثناء مؤتمر منع نشر السلاح النووي، سار اوباما في حديثه أبعد من أي زعيم امريكي في  الماضي وأعرب على الملأ عن تأييده للسياسة النووية الاسرائيلية. وقال نتنياهو بشكل صريح إن "الولايات المتحدة لن تطلب من اسرائيل ابدا القيام بخطوات بمس بمصالحها الأمنية". كما أنه صرح بأن حتى اليوم الذي تتحقق فيه تسوية اقليمية شاملة، فان الولايات المتحدة ستعارض الضغوط التي تطالب بفرض تنازل على اسرائيل عن قدرتها النووية.

        فضلا عن ذلك، فان رئيس الوزراء لم يعد بشيء علنا، باستثناء استعداده للمفاوضات مع الفلسطينيين. كما أنه لا دليل على أنه مورس ضغط على نتنياهو لتمديد تجميد البناء في المستوطنات الى ما بعد شهر ايلول.

        يحتمل ان بعد 18 شهرا من المحاولات لاخضاع اسرائيل، وبعد أن رأى الشكل  الممتاز الذي حافظ فيه نتنياهو على كرامته ولم يخضع للضغوط، قرر اوباما استخدام الجزرة، وتجربة التعاون مع اسرائيل كحليف وليس كخصم. ولكن رغم تنفس الصعداء، سيكون من الغباء الافتراض بان سياسة الولايات المتحدة تجاه اسرائيل مرت بتغيير جوهري.

        لا نعرف تفاصيل المداولات التي دارت في الغرفة المغلقة واستغرقت نحو 90 دقيقة فهل قدم نتنياهو تعهدات في موضوع تمديد تجميد البناء في المستوطنات؟ هل توصل نتنياهو الى اتفاق ما في موضوع الحدود القابلة للدفاع؟ من شبه المؤكد أننا سنعرف أكثر في الاشهر القريبة القادمة.

        فليحصل ما سيحصل في المستقبل، علينا أن نرحب بالاجواء الجديدة، التي تغيرت بشكل دراماتيكي. تصريحات اوباما ذات جدوى، ولا سيما في هذه الأزمنة القاسية. في ضوء ما قاله اوباما سيكون من المحرج له (وإن لم يكن غير معقول) تغيير موقفه مرة أخرى. اذا ما فشلت المحادثات مع الفلسطينيين يحتمل أن يرى اوباما نفسه كمن استقر كصديق اسرائيل ويحاول، في صالحنا ظاهرا، ان يفرض علينا تسوية.

        في كل الاحوال، حذار أن نربط الحصان أمام العربة. علينا أن نعد أنفسنا لاحتمال حقيقي في أن تتبين النية الطيبة التي أبداها في اللقاء كنية لحظية مصطنعة – هدوء يسبق العاصفة.

        لا حاجة لأن يكون المرء ساخرا كي يعترف بأن السبب الأساس للتحول الدراماتيكي لدى اوباما يكمن في الرد المعادي للجمهور الامريكي، الذي يؤيد اسرائيل باغلبية ساحقة، على المعاملة البائسة التي منحنا ايانا اوباما حتى الان. كما أن الاغتراب من جانب اليهود الديمقراطيين والضغط الذي مورس على اوباما من جهة أعضاء الكونغرس – ممن قلقوا من آثار الازمة مع اسرائيل على الانتخابات القريبة للكونغرس – لعبت دورها.

        يكفي أن نراجع المرات التي تذبذب فيها اوباما في موقفه في المواضيع المتعلقة باسرائيل في اثناء حملة الانتخابات للرئاسة كي نقدر كم هو قادر على ان يكون متقلبا (وهناك من سيقول، براغماتيا) كي يحظى بأصوات الناخبين وبالتبرعات المالية.

        حتى تشرين الثاني ينبغي تعزيز النهج الجديد لاوباما ومحاولة توحيد البث مع الادارة بالنسبة لروايتنا – وهو أمر لم يحظ بمعالجة معمقة في أثناء المحادثات. في هذا السياق، قدمت اسرائيل ما يكفي من التنازلات وسكبت ما يكفي من الدماء في اثناء العقد الاخير، ولهذا لا ينبغي لاحد ان يتوقع منها تنازلات احادية الجانب اخرى، الا اذا كانت هذه متبادلة حقا. وبينما سيتطلع نتنياهو الى تعزيز شبكة علاقاته مع اوباما، فان عليه ان يكون مستعدا لأن يقف أمام ضغط غير عادل وغير مناسب في المستقبل. مقلقة حقيقة ان فور لقائه اعرب نتنياهو عن تفاؤل من امكانية الوصول الى تسوية سلمية في غضون 12 شهرا، وهو على علم بأن هذا شبه متعذر مع شريك السلام الذي له اليوم وهو على علم أيضا بأن الأمل العابث لا يحقق أهدافه. بذات القدر علينا ايضا ان نفهم بأن نتنياهو ملزم ببناء الجسور وبالاظهار بأنه بذل كل ما في وسعه للتعاون مع أهداف الادارة الامريكية بعيدة المدى طالما كانت هذه لا تتعارض مع المصالح الامنية الاساسية لاسرائيل.