خبر كتب إسماعيل ياشا: علام يعول نتانياهو؟

الساعة 03:20 م|08 يوليو 2010

علام يعول نتانياهو؟

  إسماعيل ياشا – كاتب ومحلل سياسي تركي

تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن إسرائيل لن تعتذر لتركيا ولن تدفع تعويضات لذوي الشهداء والجرحى يدل على أن القيادة الإسرائيلية ما زالت تصر على موقفها المتعجرف وغير مستعدة لدفع ثمن جرائم جنودها، وهو أمر تعود العالم على مشاهدته مئات المرات جراء كل جريمة ظل يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني.

 

وفي المقابل، جدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مطالبته إسرائيل بتقديم اعتذار عن اعتداء قوات بحريتها على سفن "أسطول الحرية" ودفع التعويضات لذوي الضحايا، وهدد بقطع العلاقات مع تل أبيب إن لم تستجب الأخيرة لهذه المطالب.

 

ما زال هناك بين شاسع بين الوضع الحالي المتوتر للعلاقات التركية الإسرائيلية وعودتها إلى ما كانت عليه، رغم لقاء سري في بروكسل جمع بين داود أوغلو وبنيامين بن أليعازر لتخفيف حدة التوتر وبحث سبل تطبيع العلاقات من جديد. كلا الطرفين مصران على موقفيهما ولعبة عض الأصابع مستمرة بين الحكومتين التركية والإسرائيلية. ترى من الذي سيعلن الاستسلام أولا؟

 

إذا قارننا حاجة تركيا لإسرائيل مع حاجة إسرائيل لتركيا فإن إسرائيل هي التي تحتاج إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا إليها ولا يمكن أن تضحي علاقاتها مع أنقرة. هذه حقيقة يدركها نتانياهو جيدا، وبالتالي يريد إعادة إعمار العلاقات مع تركيا ولكن دون أن يقدم أي اعتذار أو تعويض.

 

ومن المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يلعب على عامل الزمن ويحاول التملص من تبعات الاعتداء الوحشي على أسطول الحرية بسياسة المماطلة واللف والدوران التي تتقنها الحكومات الإسرائيلية، ويعول على خسارة الحزب الحاكم في الانتخابات التشريعية المبكرة وسقوط حكومة أردوغان.

 

ليس نتانياهو وحده يعول على التغيير في الخارطة السياسية في تركيا، بل كل من يعادي حكومة حزب العدالة والتنمية يعلق آماله هذه الأيام على تراجع شعبية الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة، خاصة بعض ظهور مؤشرات تدل على إمكانية تحقيق هذا التغيير ولو بفعل فاعل خارجي.

 

أهم هذه المؤشرات خروج زعيم المعارضة السابق "دنيز بايكال" من المشهد السياسي إثر فضيحة جنسية أرغمته على الاستقالة من رئاسة حزب الشعب الجمهوري قبيل المؤتمر العام للحزب وانتخاب "كمال كيليجدار أوغلو" الذي قام الإعلام المعادي للحكومة  بتلميع صورته رئيسا للحزب المعارض الرئيسي،مما يؤكد أن مهندسي السياسة يصلون الليل بالنهار ويعملون بجهد وتفان لإنهاء حكم العدالة والتنمية.

 

المحكمة الدستورية التركية ستعلن قرارها خلال الأيام القليلة القادمة في قضية التعديلات الدستورية التي مررتها الحكومة من البرلمان لإصلاح القضاء، وقد تلغي بعض مواد تلك التعديلات، خاصة ما يتعلق بطريقة تعيين القضاة للمحاكم العليا، وتتخذ الحكومة قرارا لإجراء الانتخابات المبكرة كرد على هذه الخطوة.

 

حزب العدالة والتنمية رغم الحفاظ على صدارته في استطلاعات الرأي يعاني من تآكل شعبيته كأي حزب حكم البلاد أكثر من فترة، والقوى المعادية للحكومة تبذل كل ما لديها لتوحيد صفوف المعارضة اليسارية حول الزعيم الجديد الذي يقدمه الإعلام العلماني كمخلص من سيطرة حزب العدالة والتنمية.

 

وسط هذه التطورات السريعة، يبقى السؤال الأهم: "هل هذه اللعبة تنطلي على الشعب التركي الذي وصل من النضج السياسي والديمقراطي إلى مستوى لا يمكن التحايل عليه أم أنه سيفشل كل المؤامرات ويخيب آمال نتانياهو في صناديق الاقتراع؟"