خبر تخفيف الحصار يدخل الشوكولاتة لا الاسمنت إلى غزة

الساعة 10:01 م|02 يوليو 2010

تخفيف الحصار يدخل الشوكولاتة لا الاسمنت إلى غزة

فلسطين اليوم - رويترز

إذا كانت لديك بعض النقود الفائضة في غزة، فيمكنك أن تشتري لأولادك أنواعاً جديدة من الشوكولاتة سمحت إسرائيل أخيراً بدخولها إلى القطاع للمرة الأولى منذ بضع سنوات، أو أن تنفقها على شراء بعض أدوات المائدة الجديدة التي وافقت على دخولها أيضاً هذا الأسبوع. لكن إذا كنت تريد الاسمنت والحديد لإعادة بناء منزل دمرته الحرب، فسيكون عليك الانتظار لفترة أطول.

 

ولم تقرر إسرائيل تحديداً بعد ما ستسمح وما لن تسمح بدخوله غزة في إطار نهج جديد تجاه القطاع الذي تفرض عليه حصاراً منذ أربعة أعوام. ومع بدء تغيير سياستها، تدفقت عبر الحدود سلع كانت محظورة من قبل. لكن حتى الآن لا أثر للمواد الأساسية وقطع غيار الآلات التي يقول عمال إغاثة ورجال أعمال إن غزة تحتاجها لتوفير السكن للمشردين وإحياء الاقتصاد لتخفيف حدة الفقر المتزايد نتيجة الحصار.

 

وأعلنت إسرائيل في 20 حزيران (يونيو) الماضي أنها ستخفف الحصار في مواجهة موجة غضب دولية بسبب هجومها على سفن مساعدات تركية حاولت كسر الحصار الشهر الماضي، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى. ورحبت بهذا القرار الحكومات الغربية التي كانت تحض إسرائيل على رفع الحصار أو تخفيفه.

 

غير أن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل حتى الآن خيبت آمال الفلسطينيين الذين يريدون الحصول سريعاً على مواد مثل الاسمنت وليس السلع الاستهلاكية الموجودة بوفرة للقلة التي تملك فائضاً من المال. ولم تبدأ إعادة الإعمار في غزة حتى الآن بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل نحو سنة ونصف السنة.

 

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، سمح تخفيف الحصار لأصحاب متاجر البقالة بملء متاجرهم برقائق الذرة المصنعة «كورن فليكس» والكعك والبسكويت والشامبو وشفرات الحلاقة التي تدخل قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم. ومثل معظم البضائع، كانت تلك السلع متوافرة وإن كان ذلك بثمن باهظ من خلال تجار السوق السوداء الذين كانوا يسدون فجوة الإمدادات بإدخال السلع عبر الأنفاق من مصر، وهي طريق الإمداد الرئيسة لغزة في العامين الماضيين.

 

ويقول عماد البزم الذي يملك متجراً للبقالة فيما كان يرتب صناديق الكعك التي وصلت للتو من إسرائيل: «لا تستطيع السوق استيعاب هذا. نحن في حاجة إلى مواد توفر عملاً للناس مثل الاسمنت والمعادن والمواد الخام للمصانع».

 

وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، فإن 80 في المئة من السكان يعتمدون الآن على مساعداتها الغذائية مقابل 40 في المئة قبل بضعة أعوام. ويقول مسؤولون فلسطينيون إن من المتوقع دخول غسالات الملابس والمبردات (الثلاجات) وتجهيزات المراحيض خلال أيام. وأبلغ تجار قطع غيار السيارات بأن يترقبوا وصول ماسحات الزجاج والكشافات، لكن إلى جانب هذا يحتاج أصحاب السيارات في غزة بدرجة أكبر إلى مكونات المحركات التي ستدير سياراتهم.

 

واحتمال أن يتلقى القطاع سلعاً من طريق إسرائيل مبعث ارتياح لتجار مثل خالد النمر الذي يملك شركة لقطع غيار السيارات ولا تعمل سيارته بسبب تعطل مضخة لا يستطيع تغييرها. ومر أكثر من أربع سنوات منذ تلقى بضائع من طريق إسرائيل. ويجعل ارتفاع تكلفة الاستيراد من طريق الأنفاق، معبر كرم أبو سالم طريقاً أفضل بكثير. ويوضح النمر: «إذا كانت تكلفة قطعة غيار 100 يورو فإنها تأتي إلى غزة من مصر بضعف الثمن»، معبراً عن أمله في أن تسمح اسرائيل بدخول المكونات التي ستساعد في إصلاح السيارات المتهالكة التي تجوب طرق غزة المتهدمة.

 

وخفّض التجار الذين يدخلون السلع عبر الأنفاق من توقعاتهم للمبيعات وتوقعوا أن تقوّض سياسة إسرائيل الجديدة تجارتهم. وخوفاً من انخفاض الطلب على أجهزة التلفزيون المصنوعة في مصر التي كان يبيعها، لم يطلب أبو خالد صاحب متجر الأجهزة الكهربائية سوى ربع كميته المعتادة في حزيران (يونيو) الماضي. وقال: «أحضرت كمية محدودة لأنني أخشى من أن تنخفض الأسعار».

 

وعلى غرار السلع الأخرى، يتوافر الاسمنت والحديد من خلال الأنفاق، لكن ليس بأسعار تسمح بأن يشتريهما الفلسطينيون الذين يحتاجون إلى إعادة بناء منازلهم. وتبدو احتمالات أن تسمح إسرائيل بتدفق هذه المواد بحرية إلى غزة في المستقبل القريب ضئيلة، إذ تعرف اسرائيل مواد البناء بأنها «مزدوجة الاستخدام»، ما يعني أن بوسع الناشطين استخدامها لأغراض عسكرية مثل إنشاء تحصينات وتصنيع صواريخ لإطلاقها على إسرائيل.

 

وفي إطار سياستها السابقة، حظرت إسرائيل جميع السلع باستثناء قائمة بالقليل منها. وهي الآن تستعد للسماح بدخول كل شيء باستثناء الأسلحة والمواد «مزدوجة الاستخدام». ولم يتم نشر قائمة بالسلع بعد، غير أنها قالت إنها «ستسمح وتوسع نطاق دخول مواد البناء مزدوجة الاستخدام» لمشاريع تحت إشراف دولي، وضربت مثالاً بخطة للأمم المتحدة لبناء 150 منزلاً في جنوب غزة.

 

وتعتبر اللجنة الرباعية الدولية للوساطة في سلام الشرق الأوسط التي تضم الأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أن التطبيق الكامل للسياسة الإسرائيلية الجديدة سيمثل «تحولاً كبيراً في الاستراتيجية» نحو تلبية حاجات غزة. وتقول «إونروا» إن في إمكانها بدء العمل فوراً في مشاريع للبناء في أنحاء غزة إذا حصلت على المواد التي تحتاجها.

 

وقال الناطق باسم «أونروا» عدنان أبو حسنة: «لدينا البنية التحتية ولدينا المهندسون ولدينا الخرائط ولدينا كل شيء. ولكن ليس لدينا الاسمنت أو الحديد». وأضاف: «لن يحدث الكاتشب والمايونيز أي أثر حقيقي»، مشيراً إلى المنتجين الغذائيين اللذين تم السماح بدخولهما أخيراً عبر معبر كرم أبو سالم إلى غزة. وتابع: «نحتاج إلى مئات الآلاف من الأطنان من الاسمنت والحديد».

 

أما الأمين العام لجمعية رجال الأعمال الفلسطينيين علي أبو شهلا، فيشعر بالقلق من أحاديث عن استمرار حظر السلع «مزدوجة الاستخدام». ويقول إن هذا سيؤدي إلى استمرار تعطيل القطاع الخاص، معتبراً أن إسرائيل تريد تخفيف الضغط عن نفسها لا الحصار.