خبر الإغلاق والوضع الأمني: لا لايهام انفسنا..إسرائيل اليوم

الساعة 09:58 ص|23 يونيو 2010

بقلم: يعقوب عميدرور

الحقيقة هي أنه لم يكن ابدا اغلاق حقيقي على غزة. عبر الانفاق تحت الحدود مع مصر تدفقت الى غزة كل انواع المنتجات، تقريبا كل ما كانت غزة تحتاج اليه. الحقيقة هي انه دخل الى غزة في كل يوم عشرات الشاحنات من اسرائيل وفيها منتجات غذائية وادوية وكل ما يعتبر مؤن انسانية. في غزة لم يكن هناك جوع، في غزة لم يكن هناك نقص في الادوية، وفي غزة لم يكن هناك أزمة تعرض حياة الانسان للخطر. في غزة كان، ولا يزال، نظام استبدادي مس بحرية عبادة من ليس مسلما. في غزة رجال حماس قتلوا رجال فتح ومتطرفين اسلاميين هددوا هيمنة حماس. في غزة الحكم هو للاخوان المسلمين، لاول مرة في التاريخ العربي، وهم يتصرفون كحاكم وحشي آخر لا يسمح بحرية الاعراب عن الرأي المعارض لفكرهم. هكذا بحيث أن الحرية الحقيقية الذي يفترض أن تحرر غزة هي الحرية من الحكم الوحشي.

        اسرائيل حاولت تقييد دخول المؤن الى غزة، ولا سيما تلك التي من شأنها أن تستخدم ليس فقط للبناء المدني بل وايضا، وربما اساسا، لبناء القدرة العسكرية. وعليه فلم يتم ادخال الاسمنت من اسرائيل وذلك من اجل عدم التسهيل على بناء التحصينات، ولذات السبب ايضا لم يتم ادخال الحديد من اسرائيل، وكذا لم يتم ادخال كيماويات معينة يمكنها ان تستخدم ليس فقط للزراعة بل وايضا لانتاج المواد المتفجرة. وأكثر مما صعبت اسرائيل على حياة السكان صعبت على حماس تسريع تعززها العسكري. هذا ما يحاول رجال الاساطيل المختلفة تغييره. حماس تحتاج الى مسار بحري لانه عبره يمكن ان ينقل الى القطاع كل ما تحتاج حماس كي تبني قوة كهذه. حماس تحتاج الى خط بحري لادخال اشخاص ذوي معرفة عسكرية يمكنهم ان يدربوا رجالها ويحسنوا قدراتها. حماس بحاجة الى خط بحري كي تخرج قياداتها "لاكتساب العقيدة" في لبنان وفي ايران. حماس بحاجة الى خط بحري كي تدعي بانها نجحت في خلق حياة طبيعية تحت حكمها، وذلك لان الاخوان المسلمين يريدون شرعية عربية ودولية لحكمهم.

        من كل هذه الاسباب واضح لماذا كان صحيحا مواصلة تقييد ادخال مواد معينة الى غزة ولماذا لا ينبغي رفع الحصار البحرين وعليه ليس واضحا لماذا حظر ادخال منتجات غذائية حتى لو كانت هذه ترفا إذ ان غاية الاغلاق ليست الاثقال  على المواطنين حتى ولا على اولئك الذين هم ليسوا ابرياء. صحيح كان السماح بادخال هذه المنتجات دون أي صلة بالضغط الدولي، وخسارة أنه لم يتم ذلك من قبل.

        مفهوم أنه لا يوجد أي احتمال بان يؤدي التسهيل من الاغلاق بحماس الى ان توفي بواجباتها تجاه الاسير الذي في ايديها.

        من جهة اخرى، حتى لو كان الاغلاق متشددا باضعاف فستبقت حماس مع مطالبها مقابل جلعاد شليت. من الافضل ان نزيل هذه الاوهام من النقاش الجماهيري.

        على اسرائيل أن تركز جهودها على تقليل الضغط لفتح الاغلاق البحري لانه ضروري والتخلي عن منع ادخال منتجات عديمة القيمة العسكرية، لان علينا أن نستوعب، في واقع الامر، بانه رغم وضع جلعاد شليت لا توجد لنا امكانية لمعاقبة حماس وناخبيها في غزة بهذه الطريقة. من المجدي لنا أن نستوعب بان حركة حماس ستكون مستعدة لان تعيش اجزاء كبيرة من السكان، تحت حكمها، في الجوع وان يموت الاطفال لانعدام الادوية، على الا تضطر الى المرونة في موضوع المقابل لقاء الجندي المخطوف.

        بالنسبة للمستقبل، يجدر بالذكر – على الاقل في المرة التالية التي يتعهد فيها احد ما للاسرائيليين بانه اذا ما انسحبنا فقط وعدنا الى الخط الاخضر، فان العالم سيعترف بحقنا في الدفاع عن النفس وبرد حاد في حالة خرق الهدوء واجتياز الخطوط من جانب الطرف الاخر – بان الحديث يدور عن وعود عديمة الاساس.

        على الاسرائيليين أن يميزوا بين الوعود بمستقبل افضل اذا ما انسحبنا فقط من غزة، او في المستقبل من أماكن اخرى ايضا – هي وعود فارغة.

        على دولة اسرائيل وقادتها ان يتعلموا جيدا دروس القوة الدولية في لبنان وان يتذكروا كيف بنى هناك حزب الله قوته من جديد بعد الحملة المسماة "حرب لبنان الثانية" وذلك رغم وجود قرار من الامم المتحدة قاطع لا لبس فيه بشأن حاجة القوة الدولية لمنع تهريب السلاح الى لبنان.

        اولئك الذين يقترحون بان تفحص قوة دولية أجنبية السفن الوافدة الى غزة بدلا من الجيش الاسرائيلي يجب أن يشرحوا لماذا برأيهم ستكون نوعية هذه القوة افضل من نوعية القوة الدولية في لبنان، والتي تتشكل من جيوش اوروبية فاخرة ومع ذلك لا تمنع تسلح حزب الله.

        لا داعٍ لان نغش انفسنا في هذا السياق ايضا.